في الايام القليلة الماضية رفعت اسرائيل منسوب الاستهدافات الجوية العنيفة للمناطق اللبنانية كافة لرفع التكلفة التي تتسبب بها الحرب، فحصلت صور وبعلبك على “الحصة الاكبر” من الدمار والشهداء، الامر الذي يوحي بأن زخم القصف سيستمر اقله حتى انتخاب رئيس جديد في الولايات المتحدة الاميركية، لتكون النار هي التي تدير المفاوضات وليس التفاوض هو الذي يحدد المسار الزمني للحرب.
اغلب ما سرّب عن مقترحات ومسودات مرتبطة بالحرب الحاصلة صحيح، وان كان لا يزال في اطار الطرح ولم ينتقل النقاش بشأنه الى الدخول في عملية التعديل والتصحيح والرفض، وعليه فإن ما يقدم حاليا للبنان هو عمليا اقصى ما قد تطمح اسرائيل للحصول عليه في حال انتهاء الحرب، ويقوم على فكرة الانتصار الكامل في المعركة الحالية.
تريد اسرائيل حرية حركة كاملة في لبنان، وليس حركة جوية فقط بل قدرة على تحريك قوات الطوارئ للتأكد من منزل هنا وموقع هناك، وكذلك الانتقال الى مستوى جديد من السيطرة على الحدود الشرقية مع سوريا، ما يوحي بأن اغلاق المعابر لن يقتصر على سلطة الدولة اللبنانية وفق النظرة الاسرائيلية بل بالسماح بتفيذ غارات تستهدف شاحنات لمجرد الشك انها تنقل سلاح.
يدرك رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو ان هذا المستوى من الشروط الذي لم تقبل به حركة حماس في غزة لن يقبل به حزب الله، لكنه وضع سقفا للتفاوض، ليحاول من خلال الضغوط العسكرية والقصف الوصول لافضل ظرف ممكن والحصول على اكبر تنازلات ممكنة من قبل “حزب الله”، كل ذلك ينقل المشهد بالكامل الى الميدان الذي يحدد بما لا يقبل الشك مسار التفاوض والتسويات.
ترى مصادر مطلعة ان “حزب الله” ليس لديه مصلحة بالدخول الى تفاوض جدي في هذه المرحلة، بل يحتاج الى وقت اضافي لكي يتمكن من رفع التكلفة بشكل جدي على اسرائيل وهذا ما قد يكون متوقعا في المرحلة المقبلة التي ستشهد استخدام صواريخ ثقيلة لم تستخدم بعد وبكثافة اكبر ضد تجمعات مدنية اسرائيلية، ما سيحدث انقلاباً كبيرا في المشهد ويعيد التوازن الى طاولة المفاوضات.
ازمة نتنياهو قد تتفاعل بشكل متسارع خصوصا في حال اظهر “حزب الله” قدرته على رفع مستوى التدمير في اسرائيل في الوقت نفسه الذي تفوز به كاميلا هاريس بالانتخابات الرئاسية، ما يعني انه سيكون عندها غير قادر على التصعيد وعلى اطالة امد الحرب. وعليه سيدخل في مفاوضات صعبة مع “حزب الله” تحديدا من اجل الوصول الى حل نهائي للمعركة في غزة ولبنان معا.