ذكرت صحيفة “The Hill” الأميركية أن “الضربة الإسرائيلية التي طال انتظارها ضد إيران سلطت الضوء على الضعف العسكري التقليدي للنظام الديني وشعوره بالضعف الاستراتيجي. فقد استهدفت إسرائيل أكثر من عشرين هدفاً عسكرياً في ثلاث موجات من الهجمات، بهدف جعل إيران “تدفع” ثمن قصفها الصاروخي في الأول من تشرين الأول. ولكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الضربات كافية لإحداث تغيير في الاتجاه الصحيح من جانب طهران. في الساعات الأولى من صباح السادس والعشرين من تشرين الأول، شاهدت السلطات الإيرانية إسرائيل وهي تدمر اثنين من ركائز الردع التقليدية لديها: القدرة على “حرمان” الخصم من فرصة توجيه ضربة، والقدرة على “معاقبة” المعتدي”.
وبحسب الصحيفة، فإن التقارير تشير إلى أن “الرادارات الإيرانية، فضلاً عن الدفاعات الجوية والصاروخية مثل منصات إس-300 التي قدمتها روسيا، قد دُمرت. وكذلك الأمر بالنسبة للعديد من منشآت الصواريخ الباليستية المرتبطة بإنتاج الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب، مثل تلك الموجودة في بارشين وخوجير وشاهرود، فضلاً عن مواقع أخرى يُعتقد أنها تدعم سلسلة توريد الصواريخ المحلية في إيران. ورغم أن ترسانة إيران من الصواريخ الباليستية يبلغ عددها نحو ثلاثة آلاف صاروخ، إلا أنه يبدو أنها لم تتأثر بالضربة الأخيرة، بل استهدفت إسرائيل قدرة طهران على إنتاج المزيد من الأنظمة المتوسطة المدى القادرة على الوصول إلى الدولة اليهودية من الأراضي الإيرانية”.
وتابعت الصحيفة، “هذا يضع طهران في مأزق. فالاحتفاظ بالقدرة على إطلاق هذه المقذوفات ولكن عدم إنتاجها يقلل من فائدتها بشكل كبير، وقد يساعد هذا في منع أو الحد من أي رد فعل من جانب نظام راغب وقادر بالفعل على إطلاق الصواريخ. ومن ناحية أخرى، قد يحفز ذلك المخاطرة والتصعيد، بما في ذلك بطرق غير تقليدية، لمنع ما قد يفترض أنه مجرد خطوات افتتاحية في حملة أكبر. في شهر نيسان الماضي، ردت إيران على قصف إسرائيل لمنشأة دبلوماسية في دمشق، والذي أسفر عن مقتل العديد من كبار قادة الحرس الثوري الإسلامي، وشمل الرد إطلاق أول هجوم مباشر وصريح لإيران على الإطلاق ضد إسرائيل. وبالإضافة إلى اعتراض معظم هذا القصف، ردت إسرائيل باستهداف منصة رادار مرتبطة بنظام إس-300. وعلى الرغم من مشاهدة قدرة إسرائيل على شل إحدى بطاريات دفاعات النظام الأكثر قيمة، فإن طهران لم تردعها”.
وأضافت الصحيفة: “في الأول من تشرين الأول، ردت الجمهورية الإسلامية على سلسلة من الهجمات الإسرائيلية الأحدث التي اغتالت قادة حماس وحزب الله بمضاعفة عدد الصواريخ الباليستية العالية السرعة التي أطلقتها في نيسان. وبذلك دحضت تقييم الجنرالات الأميركيين بأن هجوم نيسان كان “جهداً أقصى” وأن النظام لم يكن لديه المزيد من الذخائر لضرب إسرائيل بشكل مباشر. وعلى الرغم من اعتراضها إلى حد كبير، فقد ورد أن 30 صاروخاً أصابت قاعدة جوية إسرائيلية. وفي أعقاب الرد الإسرائيلي، أصبحت خيارات إيران في كيفية الرد أكثر وضوحا. في البداية، قللت وسائل الإعلام الإيرانية من أهمية الهجمات، لكن هذا الإنكار سرعان ما تحول إلى دعوات للانتقام. ويوم الأحد الماضي، نجح المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في تحقيق هدفه بالدعوة إلى عدم “المبالغة” في الضربة أو “التقليل منها”، بينما نقل علنًا إلى “المسؤولين” عبء تحديد أفضل طريقة للرد”.
“القوة الحاسمة”
وبحسب الصحيفة، فإن خامنئي سخر في جزء مهمل من خطابه من أولئك الذين طالبوا بضبط النفس، أو كما أسماه “الضعف”، وعدم السعي إلى “أدوات القوة الحساسة”. وفي حين أن المثال الذي ساقه خامنئي يتعلق بالصواريخ، فإن غموضه يسمح باستنتاجات حول السعي إلى الأداة النهائية للقوة: السلاح النووي. ورغم أنه من السابق لأوانه أن نجزم ما إذا كان هذا يشكل ضوءاً أخضر شاحباً للمجتمع العلمي الإيراني وقاعدة الصناعات الدفاعية لمواصلة أنشطتهما التحوطية التي تم الإبلاغ عنها بالفعل، فإنه يشكل مؤشراً خطيراً إلى الاتجاه الذي قد تسلكه طهران وهي في مأزق. ومن المهم أن نلاحظ أن تعليقات خامنئي ليست الوحيدة. فقد صدرت العديد من التصريحات الرسمية في إيران التي تلوح بوضع البلاد على عتبة الخطر وتدعو إلى مراجعة سياستها النووية. وفي الواقع، في نفس اليوم الذي ألقى فيه خامنئي خطابه، دعا أحد أعضاء البرلمان الإيراني إلى تغيير العقيدة النووية للجمهورية الإسلامية”.
وختمت الصحيفة: “في مواجهة إعاقة قدرتها على توجيه ضربات بعيدة المدى، وعجزها عن التوصل إلى “معادلة” جديدة للردع ضد إسرائيل من خلال الهجمات الصاروخية العلنية، فإن جاذبية التهديد بالسلاح النووي، وربما حتى فرض الأمر الواقع النووي، تتزايد بالنسبة لصناع القرار في طهران”.