قد لا يكونُ عدم انخراط سوريا في الحرب مع “حزب الله” أمراً سيئاً بالنسبة للأخير، فللأمر اعتبارات عديدة منها عسكري ومنها ما هو سياسيّ.
على الناحية العسكرية، فإنّ “حزب الله”، ومنذ بدء العملية البرية الإسرائيلية في جنوب لبنان مطلع شهر تشرين الأوّل الماضي، تمكّن من إثبات أنه قادر على الإمساك بزمام المبادرة الميدانية وبالتالي لا حاجة له لأي اندماجٍ عسكريّ أو دعم من سوريا.
عملياً، تقول مصادر معنية بالشأن العسكريّ لـ”لبنان24″ إنّ عدم دخول دمشق في الحرب له دلالات عديدة، أبرزها أن “حزب الله” ليس بحاجة لها في الوقت الراهن، فالمعركة التي يخوضها معروفة المعالم بالنسبة له كما أن نطاق عمليات التوغل البري الإسرائيلي داخل لبنان ما زال محدوداً بفعل ضربات المقاومة، ما يعني أنّ أي مؤازرة من الخارج هي “غير ضرورية” وتحديداً من سوريا.
إضافة إلى ذلك، فإنّ “حزب الله” لا يحتاج إلى “شريك” في الجنوب بعد الآن، فهو “حيّد” كافة الأطراف الأخرى عن الصراع خصوصاً تلك الموجودة داخل لبنان، فكيف له أن يأتي بأطرافٍ من الخارج؟ هنا، تقول المصادر: “لو كان حزب الله بمأزقٍ كبير لكان استنجد بمسلحين من الخارج أو على الأقل بأطراف عسكرية لها خبرة ميدانية، لكن المعركة التي تُدار الآن لبنانية خالصة، وبالتالي لا حاجة لأي أطرافٍ خارجية”.
وبعيداً عن خطّ الإمداد العسكري الذي توفره سوريا لـ”حزب الله”، ثمة أمرٌ آخر أمني ويتمثّل بأن نشاط “حزب الله” في سوريا لم ينتهِ، كما أن قواعده الأساسية المرتبطة بقادة مهمين موجودة في دمشق، وبالتالي فإنّ أي انخراط لسوريا في حربٍ ضد إسرائيل سيعني القضاء ما تبقى من منظومات أمنية أو قيادية يمكن أن تستهدفها إسرائيل مثلما حصل في لبنان، وفق ما تقول المصادر.
ولكن.. ماذا عن الجانب السياسي؟ هنا، تلفت المصادر عينها إلى أن “حزب الله”، وبتكريسه لأي تدخل سوري معه بشكلٍ مباشر، سيكون قد أعاد ما يسمى بـ”الوصاية السورية” إلى لبنان، كما أنه سيكون قد أرسى انقساماً جديداً في الداخل وفتح الباب أمام حقبةٍ قد مضت منذ العام 2005.
بحسب المصادر، فإنّ الحزب يُدرك خطورة هذا الأمر ويعي تماماً أنّ مسألة إنخراط سوريا في الحرب ضد إسرائيل انطلاقاً من لبنان أو أقله انطلاقاً من دمشق، سيكون ثمنه غالياً وباهظاً من الناحية الوجودية، فالجيش السوريّ مُنهكٌ بعد حرب طويلة لم يستطع بعدها ترميم نفسه كما يجب، وعليه فإن الحزب قد لا يُضحي بتاتاً بالقوات السورية التي يعتبر وجودها في بلادها بمثابة ضمانة أكبر له من أن تكون منخرطة في حربٍ ضد إسرائيل.
أمام كل ذلك، فإنّ “حزب الله” سيكون بذلك قد “تحاشى” توريط سوريا وأيضاً توريط نفسه بأزمة داخلية جديدة في لبنان، لأنّ أي دخول سوريّ على الخط سيعني الوصول إلى مراحل غير مقبولة لبنانياً.. فهل سيتحمل “حزب الله” وزرَ هذا الأمر لسنوات عديدة؟ وهل سيكون الوجود السوري “بأي نوعٍ كان”، مقبولاً في الداخل اللبناني؟ الإجابة قطعاً “لا”.