إعلانُ نواب “حزب الله” ثقتهم بحكومة نواف سلام في مجلس النواب الأربعاء، ما هو إلا خطوة في بداية مسارٍ جديد لا يستطيع الحزب مجافاته أقله خلال المرحلة التي يحتاجُ فيها إلى الحكومة أكثر من أي وقتٍ مضى.
كثيرون في جمهور “حزب الله” ممن تحدث معهم “لبنان24” عن رأيهم بالثقة أجابوا بعبارات متشابهة وتصبّ في خانة واحدة وهي: “الحزب بيعرف أكتر”، بينما السؤال الأساسي الذي طُرح هنا: “قبل أيام، تم وصف الحكومة والعهد بالمؤيد للخطوات الإسرائيلية إبان حادثة الطائرة الإيرانية، أما الآن فالحزب منح الحكومة ذاتها الثقة.. فكيف حصل ذلك؟ وعلى أي أساس أتت هذه الثقة؟”.
تقول مصادر سياسية لـ”لبنان24″ إنَّ “حزب الله” لم يكن بإمكانه معارضة الحكومة نهائياً ذلك لأسباب عديدة أبرزها محاولته عدم تصويره كـ”معرقل للعهد”، فالمعارضة الآن لا تنفعه لاسيما بعد الحرب ومن مصلحته الآن “مسايرة” العهد والحكومة للانخراط بالدولة وبالتالي نزع فكرة “العرقلة” المرتبطة به.
بالنسبة للمصادر، فإنّ الحزب يسعى في الوقت نفسه للإستفادة من الحكومة الحالية من خلال “التناغم معها” لا الاعتراض عليها، فـ”استعداء العهد” لن يكون لصالحه بل سيكون ضد عملية إعادة الإعمار التي يطلبها الحزب من خلال الدولة بعدما تبين أن القدرة على تنفيذها بـ”المال الإيراني” قد تراجعت جداً.
أيضاً، تلفت المصادر إلى أنَّ “حزب الله” يريد إطلاق رسالة للخارج عنوانها “الإندماج في الحكم الذي يؤسس لمرحلة جديدة”، وأضافت: “ليس من مصلحة حزب الله نهائياً البقاء بعيداً عن المرحلة الحالية والتي تؤسس لمسار جديد داخل لبنان. من أجل أن يحفظ نفسه، عليه أن يندمج مع كل ما هو جديد، وهذا الأمر تطلب منح الثقة للحكومة وتسهيل عملها”.
الأساس أيضاً هو أن مسألة الثقة حُسمت خلال تشكيل الحكومة، فالحزب نال ما يريد نيله من وزراء بالتفاهم مع حركة “أمل”، وبالتالي الثقة وُجدت منذ اللحظات الأولى، وعليه فإن أي محاولة للانقلاب بشأن الحكومة ستكونُ مُفاجئة وغير واقعية.
مقابل كل ذلك، يبرز أمرٌ آخر أساسيّ يرتبط بمسألة المصارحة بين “حزب الله” وجمهوره لاسيما على صعيد العلاقة مع الدولة. في خطاباته العلنية، يؤكد نواب الحزب تمسّكهم بالدولة وقوتها، بينما الجمهور في وادٍ آخر، فينتقد الدولة ولا يُعوّل عليها ولا يثق بما قد تقوم به سواء في الجنوب أو على صعيد إعادة الإعمار.
المسألة الملحة المطلوبة، وفق المصادر، هو أنه على “الحزب” أن يعزز ثقة جمهوره بالدولة خلال هذه المرحلة، لكن المشكلة تكمن في الخطاب غير المؤثر، وتضيف: “مرة جديدة يأتي دور الخطاب والتأثير.. جمهور الحزب لا يتلقى الرسائل المطلوبة من قيادته، ولهذا السبب هناك انفصال بين الجبهتين.. الأساس هو تحيد الأفكار والتوجهات ومن هنا يتم ضبط الشارع وعدم الانجرار نحو استفزازات تؤدي إلى توترات سيُلام الحزب عليها حتى وإن لم يكن مسؤولاً عنها”.