ذكرت صحيفة “Financial Times” البريطانية أن “أوكرانيا تواجه كارثة حالياً بعد الهجوم اللفظي الذي تعرض له الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونائبه جي فانس. والخطر الواضح كان أن ترامب سيعمل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإجبار أوكرانيا المعزولة على قبول انتصار روسي بحكم الأمر الواقع. في الواقع، لا يزال هذا الخطر قائما، لكن بعض الدبلوماسية الماهرة للغاية من قبل رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، بالتعاون الوثيق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، نجحت في درء الأسوأ في الوقت الحالي. وفي اجتماع في لندن، استقبل زعماء سياسيون أوروبيون زيلينسكي بحرارة والتقى لاحقًا بالملك تشارلز. وكانت الرسالة واضحة، زيلينسكي وأوكرانيا ليسا وحدهما”.
Advertisement
]]>
وبحسب الصحيفة، “الأهم من ذلك أن ستارمر وماكرون ربما انتزعا مؤقتا المبادرة الدبلوماسية من ترامب وبوتين. فمن خلال الإعلان عن أن الدول الأوروبية ستعمل مع أوكرانيا على اقتراح سلام جعلا من الصعب على ترامب التعامل مع السلام في أوكرانيا باعتباره شيئا يجب التفاوض عليه بين أميركا وروسيا فقط. وبدلا من الاكتفاء بالقول إن أوروبا وأوكرانيا لابد أن تكونا على الطاولة، اتخذ ستارمر وماكرون خطوات مهمة لضمان حدوث ذلك. كما يدفع الفرنسيون باتجاه وقف إطلاق نار مؤقت، وهو ما يؤكد أنهم يعملون من أجل السلام. ولكن أي حماس بشأن هذه التطورات لابد أن تكون محددة إلى حد كبير. فمن المرجح أن تفشل مبادرات السلام. ولا توجد أي إشارة حقيقية إلى أن روسيا مستعدة لوقف القتال، والواقع أن حوافز بوتين لإبرام صفقة تتضاءل بسرعة، لأنه الآن لديه أمل واقعي في أن تنهي الولايات المتحدة قريبا المساعدات العسكرية لأوكرانيا”.
وتابعت الصحيفة، “يبدو من غير المرجح أيضًا أن توافق الولايات المتحدة على توفير دعم عسكري لـ”قوة الطمأنينة” الأنكلو-فرنسية في أوكرانيا. إن خوف ترامب المهووس بخطر اندلاع حرب عالمية ثالثة سيجعله مترددا للغاية في تحمل هذه المخاطرة. ومع ذلك، يصر ستارمر على أنه لا يمكن لأي صفقة أن تنجح من دون دعم أميركي. وحتى لو تم التوصل إلى اتفاق سلام، فسوف يستغرق الأمر عدة أشهر للتفاوض. وفي غضون ذلك، من المرجح أن تضطر أوكرانيا إلى مواصلة القتال ضد روسيا الجريئة. وحتى قبل المواجهة الأسبوع الماضي بين ترامب وزيلينسكي، كان من الواضح بالفعل أن ترامب لن يوافق على حزمة أخرى من المساعدات الأميركية لأوكرانيا. وفي أعقاب الخلاف مباشرة، كان هناك حتى حديث عن أن أميركا ستقطع على الفور كل شحنات المساعدات العسكرية لأوكرانيا”.
وأضافت الصحيفة، “ردت كيلي ماغسمان، رئيسة الأركان السابقة لوزير الدفاع الأميركي، على هذه التقارير بالتعليق: “قد يؤدي هذا إلى شلل أوكرانيا في غضون أسابيع. سنكون في الأساس نسلم أوكرانيا إلى بوتين”. ويعتقد مسؤول سابق آخر في إدارة جو بايدن أن أوكرانيا قد تستمر في القتال من دون دعم أميركي لشهور، ولكن ربما ليس لسنوات. ومع ذلك، فإن المزاج بين العديد من الأوكرانيين المشاركين في المجهود الحربي أكثر إيجابية. وهذا ليس مجرد تبجح، إنما يستند إلى تقييم معقول لكيفية خوض الحرب. لقد غيرت خبرة أوكرانيا في حرب الطائرات من دون طيار، التي تم تطويرها خلال ثلاث سنوات من القتال، طبيعة الصراع. ويعتقد أوليكساندر خومياك، الذي يدير Drone Space Labs، أنه سيكون من المستحيل الآن على روسيا شن هجوم على كييف من النوع الذي حاول بوتين القيام به في بداية الحرب. وأي تركيز كبير للقوات أو الدبابات سوف يتم تدميره بواسطة هجمات الطائرات من دون طيار الأوكرانية”.
وبحسب الصحيفة، “الواقع أن تأثير الطائرات من دون طيار، المصنعة في أوكرانيا، يفسر إلى حد كبير الخسائر المروعة التي تكبدتها روسيا على مدار العام الماضي. وتشير المصادر الغربية إلى أن روسيا خسرت 400 ألف جندي بين قتيل وجريح، ولم تكسب في المقابل سوى 0.5% من الأراضي الأوكرانية. والمشكلة هنا أن الجيش الأوكراني يستخدم خدمة ستارلينك التي أنشأها إيلون ماسك للمساعدة في ربط طائراته من دون طيار وإطلاقها. كما تزود الاستخبارات الأميركية أوكرانيا بمعلومات في الوقت الحقيقي تساعد في تحديد الأهداف. وفي الواقع، قد يتم قطع هذه الخدمات،لكن خومياك يعتقد أن أوكرانيا، بمساعدة أوروبية، قد تجد حلولا بديلة لمواصلة القتال. وبدلا من غزو أوكرانيا بالكامل، ربما تكون النتيجة المفضلة لروسيا في هذه المرحلة هي تنصيب حكومة دمية موالية لموسكو في كييف. ولهذا السبب يضغط بوتين، بدعم من ترامب، من أجل إجراء انتخابات في أوكرانيا. ولكن حتى التدخل الروسي الضخم قد لا يكون كافيا لحرمان زيلينسكي من الفوز في التصويت، فقد أعطى ترامب عن غير قصد الرئيس الأوكراني دفعة كبيرة في استطلاعات الرأي”.
وتابعت الصحيفة، “من خلال الوقوف في وجه ترامب وفانس في المكتب البيضاوي، أظهر زيلينسكي مرة أخرى أنه قادر على تحمل الضغوط التي من شأنها أن تسحق الزعماء الآخرين. واستمتع ترامب وفانس بلعب دور الرجال الأقوياء على أرض الوطن، لكن زيلينسكي هو الأصل، فقد بقي في كييف عندما كانت القوات الروسية تقترب وكانت المدينة تحت القصف. وعلى النقيض من ذلك، اختار فانس الانتقال إلى مكان آمن عندما واجه بعض المشاغبين في رحلة تزلج في نهاية هذا الأسبوع”.
وختمت الصحيفة، “إن دولة زيلينسكي في وضع محفوف بالمخاطر. ولكن بمساعدة أوروبا، يمكنها البقاء في القتال لفترة كافية لتحقيق سلام حقيقي، سلام يضمن استقلالها وسيادتها”.