باتت الخلافات داخل النظام الإيراني أكثر وضوحًا، خصوصًا فيما يتعلق بالمفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن الملف النووي. وبرز هذا التوتر بين المرشد علي خامنئي والرئيس مسعود بزشكيان، إذ كشف الأخير أنه كان يؤيد التفاوض مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلا أن خامنئي عارض ذلك.
يأتي هذا الانقسام في ظل تصاعد الاستياء الشعبي، ما يعكس اتساع الفجوة داخل القيادة. وفي خطوة لافتة، خسر بزشكيان اثنين من كبار مساعديه في يوم واحد، حيث أقال البرلمان وزير الاقتصاد عبد الناصر همتي، بينما قدّم محمد جواد ظريف، مساعد الرئيس للشؤون الاستراتيجية، استقالته، ما يشير إلى تزايد الضغوط داخل الحكومة.
وأثناء استجواب وزير الاقتصاد في البرلمان، أكد بزشكيان أن رفض التفاوض مع واشنطن ليس قرار الحكومة، بل هو موقف خامنئي، محذرًا من أن ذلك أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية. وأشار إلى أن صادرات النفط والغاز الإيرانية تواجه عراقيل خطيرة، فيما تعجز دول مثل العراق وتركيا وقطر عن تسديد مستحقات إيران من النفط.
ورغم أنه لم يذكر خامنئي بالاسم، إلا أن تصريحاته حملت انتقادًا ضمنيًا، محمّلًا المرشد مسؤولية التداعيات الاقتصادية الناجمة عن رفض المفاوضات.
الخلاف العلني بين المرشد والرئيس بشأن قضية محورية كالتفاوض مع الولايات المتحدة يُعد مؤشرًا على تصدع القيادة، مما قد يؤثر على استقرار النظام. ففي الأنظمة الاستبدادية، يشكل التماسك الداخلي عنصرًا أساسيًا للبقاء، إلا أن الانقسامات الحالية قد تضعف قبضة النظام على الحكم.
من جانبه، حذر عبد الناصر همتي، خلال جلسة استجوابه، من خطورة الوضع الاقتصادي، مشيرًا إلى أن 10 ملايين إيراني دخلوا تحت خط الفقر خلال السنوات السبع الأخيرة، وأن 80% من الشعب يعاني من تبعات الفساد واحتكار المافيا الاقتصادية. كما كشف عن تهريب 30 مليار دولار سنويًا عبر موانئ غير شرعية، يُعتقد أنها تخضع لسيطرة الحرس الثوري.
ويصرّ خامنئي على اتباع نهج المواجهة مع واشنطن للحفاظ على شرعية النظام الأيديولوجية، بينما تدرك حكومة بزشكيان أن استمرار العقوبات دون تفاوض سيجعل إدارة الاقتصاد شبه مستحيلة. هذا التناقض يعكس أزمة عميقة داخل القيادة، ما يضع النظام في موقف أكثر هشاشة أمام التحديات الداخلية والخارجية. (أخبار الآن)