خطوات بطيئة لكنها ثابتة لانسحاب الاحتلال وتعميم الأمن والسلام

17 مارس 2025
خطوات بطيئة لكنها ثابتة لانسحاب الاحتلال وتعميم الأمن والسلام
عبد معروف
عبد معروف

تتحرك خطوات العهد الجديد في لبنان ببطئ بهدف استعادة مؤسسات الدولة لدورها، وهيبتها، و إنقاذ البلد الذي أنهكته الانهيارات المالية والاقتصادية والسياسية والأمنية التي استمرت لعقود من الزمن بما يضمن المساواة والعدالة الاجتماعية وتعميم حالة الأمن والاستقرار التي افتقدها لبنان خلال السنوات الماضية.

فالحروب التي شهدها لبنان بمراحله المختلفة، أدت إلى انهيار كامل لمؤسسات الدولة التي كانت قائمة بشكل هش قبل العام 1975، وتسيطر عليها الفئوية والامتيازات الطائفية والتفرقة من رأس القمة وحتى الوظائف العامة.

شعرت قطاعات واسعة من اللبنانيين بارتياح كبير بانتخاب العماد جوزاف عون رئيسا للجمهورية، وما تبعها من تكليف وتأليف للحكومة اللبنانية ونيلها الثقة بالمجلس النيابي، كما شعرت قطاعات شعبية وحزبية وسياسية مختلفة بارتياح كبير لمعايير التعينات في الإدارة العامة وأجهزة الدولة وقيادة الجيش، ما جعلت هذه القطاعات تشعر أيضا بتفاؤل واسع للخطوات القادمة للعهد وليكون له مكانة في المنطقة العربية والعالم يقود إلى ممارسة الضغط على الحكومة الصهيونية لسحب جيشها من الأراضي والنقاط الخمسة التي مازالت تحتلها، ووقف الاعتداءات والخروقات الاسرائيلية على لبنان.

وسيطر جو من التفاؤل بإمكانية العهد برئاسة لرئيس جوزاف عون والحكومة لإنقاذ لبنان من حالة الانهيار المالي والاقتصادي العام، ودفع الدول العربية والأجنبية لتقديم المساعدات المالية والاقتصادية للبنان لوضع حد لحالة الانهيار.

لا شك بأن العهد اللبناني الجديد يجري اتصالات ويعقد إجتماعات مع الدول العربية والأجنبية وفي مقدمتها فرنسا والولايات المتحدة والمؤسسات المالية الدولية لتقديم الدعم للبنان، ولدى العهد قناعة بضرورة تنفيذ قرارات الشرعية الدولية وسحب جيش الاحتلال وضرورة الدعم المالي لترجمة خطاب القسم والبيان الحكومي موضع التنفيذ.

لكن الغرق بالتفاؤل وسط هذه الحرائق المحيطة وحالة الاهتراء الداخلي ومخزون العقود الماضية من الحروب والفوضى والنهب والفساد ليس بالأمر اليسير، فلا يمكن لهذا العدو قرب الحدود الجنوبية بل داخل الأراضي الجنوبية حتى الآن أن يسمح بتعميم الأمن والاستقرار في لبنان، ولن يوقف أطماعه وعدوانه وإن بأساليب مختلفة ضد لبنان، وسيبقى يساهم بضرب لبنان والاعتداء على سيادته وشعبه حتى يرفع اللبنانيون راية الاستسلام بشروطه المعهودة.

كما أن حالة الفوضى الأمنية والاقتصادية في سوريا والتداخل السوري اللبناني والمحاولات الجارية لإشعال الحروب المذهبية والقومية على الأراضي السورية سيكون لها التأثير الواسع على الوضع في لبنان.
وإذا كانت القيادة الرسمية الفلسطينية قد بعثت برسائل إلى الجانب اللبناني تؤكد استعدادها لتسليم سلاحها داخل المخيمات، لكن داخل المخيمات هناك سلاح معارضة وسلاح مقاومة وسلاح مخدرات، فمن سيتكلف بسحب هذا السلاح؟ قرار منظمة التحرير الفلسطينية بتسليم سلاحها للجيش اللبناني وهو قرار صائب، ولكن هل سيكون مقدمة لاقتتال فلسطيني داخل المخيمات، أو صدامات دموية يدفع الفقراء في المخيمات ثمنها.

كما أن الصراعات والامتيازات الطائفية والمذهبية في لبنان وطبيعة الحياة السياسية والاجتماعية في هذا البلد والتي ترسخت منذ سنوات طويلة في نفوس اللبنانيين تشكل عقبة أمام خطوات العهد الجديد لتحقيق أحلام وآمال الشعب.

وإذا كان انسحاب جيش الاحتلال الصهيوني وإجراءات ميدانية وعملية لإنقاذ الوضع المالي والاقتصادي في لبنان، هناك ضرورة أصبحت أيضا ملحة قبل انفجارها أيضا وهي إعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب الاسرائيلية في جنوب لبنان، فإذا كان ذلك قرار الدولة اللبنانية فمن أين ستأتي بأموال الاعمار والمودعين وانقاذ العملة الوطنية، وإذا لم يكن في مقدور الدولة اللبنانية ذلك، فسيعمل العهد الجديد الاستعانة بصديق وهل الصديق سيوافق على دعم الاعمار قبل الاصلاحات السياسية والعسكرية والمالية؟ خاصة وأن الجمهور لم يعد في جيبه ما يوفر للدولة من ضرائب.

لابد من التأكيد على أن طبيعة المرحلة في لبنان والمنطقة تتطلب إجراءات وخطوات سياسية واقتصادية وعسكرية إنقاذية، لكن هناك العديد من العقبات يجب أن نراها جيدا قبل الغرق في بحر التفاؤل ونعيش بعد فترة على كابوس الانفجار مجددا.

المصدر بيروت نيوز