أرخت الغارة الإسرائيلية التي استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت للمرة الثالثة منذ سريان تفاهم توقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل في 27 تشرين الثاني الماضي، ظلالاً ثقيلة من المخاوف بعدما صار ثابتاً أن التوصل إلى وضع مستقر ولو نسبياً يفتح الطريق لاستكمال الخيار الديبلوماسي ليس متاحاً بعد. وإذ كان لافتاً عقب الغارة رفع سقف المواقف الرسمية لجهة تحميل الراعيين الأميركي والفرنسي مسؤولية الضغط على إسرائيل لوقف استهدافاتها وعملياتها في لبنان، لم يتضح بعد ما اذا كانت الجولة التي سيقوم بها غداً الأربعاء رئيس رئيس هيئة المراقبة الدولية المشرفة على تطبيق وقف النار في جنوب لبنان الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز على رؤساء الجمهورية العماد جوزف عون، ومجلس النواب نبيه بري، والحكومة نواف سلام، ستكون ذا أثر إيجابي فعّال في تجاوز المناخات الملبدة التي عادت تنذر بتصعيد إسرائيلي، أم أن الدوامة التي تحاصر الوضع ستبقي لبنان عرضة لوضع مضطرب متأرجح بين الهدوء الهش والمفاجآت الحربية.
وكتبت” النهار”: اذ بدا واضحاً أن أوساط المسؤولين اللبنانين تجنّبت الجزم مسبقاً بما قد تفضي إليه جولة جيفرز من نتائج، لم يغب التحسّب الرسمي لأن ينقل الجنرال الأميركي إلى الرؤساء معطيات لا تلائم الرهانات على تدخل أميركي ما دام انطلاق الخطوات الإجرائية الحاسمة لنزع سلاح “حزب الله” لم يحصل بعد ولا جدول زمنياً لهذه العملية في الأفق المنظور. ولذا من غير المستبعد أن تتّسم جولة جيفرز بأجواء مشدودة إذ سيطالبه المسؤولون بردع إسرائيل عن اعتداءاتها واختراقاتها لوقف النار والانسحاب من النقاط الخمس التي تحتلها عند الجانب الحدودي اللبناني مع إسرائيل. فيما سيأتي جيفرز بمطلب ملح بانهاء ترسانة سلاح “حزب الله” لكي يكسب لبنان ثقة ودعم الدول المعنية ولكي يغدو ممكناً إطلاق مسار مفاوضات غير مباشرة بين لبنان وإسرائيل حول ملفات النزاع الحدودي.
وذكرت “نداء الوطن” أنه نتيجة الاتصالات المكثفة التي قام بها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون مع الأميركيين، يصل رئيس اللجنة الخماسية المكلف متابعة الهدنة الجنرال جاسبر جيفرز غداً إلى بيروت لمتابعة نشاطه والبحث في ما يجب فعله من أجل لجم التصعيد، وهذا تطور جديد بعدما كان قد ترك بيروت منذ فترة. وستظهر في الساعات المقبلة نتيجة اتصالات عون بالأميركيين والفرنسيين.
كما أنّ رئيس الحكومة نواف سلام زار القصر الجمهوري في بعبدا يوم الأحد الماضي، والتقى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، بالتزامن مع تلقّي سكان الضاحية الجنوبية الإنذار الإسرائيلي، والقصف الذي استهدف المنطقة. وأشارت المعلومات إلى أن التنسيق مستمرّ بين الرئيسين، والاتصالات متواصلة مع الجهات المعنية، ولا سيما لجنة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.
وذكرت «الأخبار» أن رئيس الجمهورية جوزيف عون تواصل مع السفارة الأميركية في بيروت، وأجرى اتصالاً برئيس هيئة المراقبة الدولية المشرفة على تطبيق وقف إطلاق النار في الجنوب الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز، الذي سيأتي اليوم إلى بيروت للاجتماع بالرؤساء الثلاثة ومتابعة الوضع، وأكّد عون أن «الجيش اللبناني يقوم بالمهام المطلوبة منه، وهناك إشادة واضحة من الخارج بعمله، لكنّ العدو الإسرائيلي هو من يعرقل استكمال انتشاره ومهامه من خلال مواصلته للخروقات واحتلاله النقاط الخمس».
وقالت مصادر مطّلعة إن اللجنة «قد تجتمع يوم الخميس بعدَ أن علّقت اجتماعاتها وعملها بقرار أميركي، إذ كانت واشنطن تسعى إلى استبدال اللجنة التقنية العسكرية بلجان دبلوماسية، وهو ما رفضه لبنان»، مشيرة إلى أن «التواصل شمل أيضاً الجانب الفرنسي الذي يختلف موقفه عن الموقف الأميركي».
وبحسب المصادر «تسعى باريس إلى تفعيل عمل اللجنة، وترفض إعطاء تبريرات للعدوان الإسرائيلي المتكرر على لبنان بعكس الأميركيين الذين يطلقون يد إسرائيل ويوافقون على شنّ ضربات كما قال رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو الذي أعلن بأن الأميركيين تبلّغوا بالضربة على الضاحية قبل تنفيذها».
اضافت” الاخبار”:كشفت مصادر مطّلعة أن عواصم غربية طلبت من دبلوماسييها في لبنان والمنطقة تكوين صورة دقيقة عن وضع حزب الله بعد 5 أشهر على إعلان وقف إطلاق النار في الجنوب.
ولاحظت مصادر دبلوماسية وشخصيات لبنانية أن الأجانب الذين يهتمون بالوضع في لبنان، يكثرون من الأسئلة حول الحزب وأوضاعه الداخلية. وبحسب المصادر، فإن الفرنسيين قد يكونون الطرف الأكثر «حشرية» في هذا المجال، كما هي حال الألمان، فيما يستخدم الجانب السعودي سياسيين وأمنيين في لبنان لتقديم صورة مُحدثة له عن واقع الحزب بعد الحرب.
وبحسب المصادر، فإن الاستفهام الغربي مردّه إلى أسباب عدة، من بينها تأكيد إسرائيل لهذه الدول أن حزب الله فقد كل عناصر القوة لديه، ولم تعد لديه قدرة على المبادرة، وأن التغيير في سوريا تسبّب له بمصاعب كبيرة.
كما يشير الإسرائيليون إلى أن أنشطتهم المستمرة في لبنان هدفها إزالة أي محاولة ترميم تقوم بها قيادة الحزب على المستويات العسكرية والأمنية والتجهيزية.
وأضافت أن الأسئلة تكثّفت بعد الإطلالات الإعلامية الأخيرة للأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم وتحذيره من أن فترة السماح للدبلوماسية غير مفتوحة دائماً، وتأكيده أن للمقاومة خياراتها متى ترى الوقت مناسباً للرد على اعتداءات العدو. وقد وجّه الغربيون أسئلة مباشرة إلى حزب الله وإلى غيره في لبنان عن المقصود بهذا الكلام، وعن مدى جدية أن الحزب لا يزال يملك خيارات غير المساعي الدبلوماسية لمواجهة ما تقوم به إسرائيل.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان مسار اتفاق وقف اطلاق النار سيشكل محور مباحثات رئيس لجنة مراقبة وقف اطلاق النار مع المسؤولين اللبنانيين، ومسألة انتشار الجيش في الجنوب والتعاون معه والمهمات التي ينفذها.
واشارت مصادر سياسية لـ»البناء» الى ان استهداف الضاحية الجنوبية أمس، لا قيمة عسكرية له بل هو رسالة سياسية مزدوجة أميركية – إسرائيلية، أولاً للضغط على إيران بالتزامن مع جولة المفاوضات الثالثة في روما، والثانية بأن «إسرائيل» ليست مقيدة بسبب المفاوضات الأميركية – الإيرانية بل ستبقى مطلقة اليدين في المنطقة باستهداف حزب الله ولبنان وسورية وغزة وحتى في إيران ولو تقدّمت مفاوضات روما. كما تحمل محاولة إسرائيلية للتشويش على الإيجابيات التي حملتها جولات التفاوض الثلاث بين مسقط وروما.
وكتبت” الديار”: وفق مصادر سياسية بارزة، فان الاعتداء على الضاحية ابعد من رسالة، لتحويل التدخل الاسرائيلي الى واقع معاش وفق ورقة الضمانات الاميركية لـ اسرائيل وهي ابعد من ان تكون رسالة لمنع الاستقرار الامني والاجتماعي وتأليب بيئة حزب الله عليه، بل هي رسالة الى رئيس الجمهورية جوزاف عون بعدم الموافقة على منهجيته لمقاربة ملف سلاح حزب الله. فاسرائيل تريد ان تحفظ لنفسها حرية الحركة، وابقاء الشعور لدى اللبنانيين بان الضربات لن تتوقف، فيما سكان الشمال يحتجون ضد الحكومة والجيش، للمطالبة بتغيير استراتيجيتها مع لبنان من خلال احداث تغيير جذري في الشمال.
وكان رئيس الجمهورية جوزف عون ابلغ وفداً من مجلس الشيوخ الفرنسي امس ، أن “قرار حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية متخذ وفق ما ورد في خطاب القسم وتتم معالجته بهدوء ومسؤولية حفاظاً على السلم الأهلي في البلاد”. وأكد أن “الجيش اللبناني يقوم بواجبه كاملاً جنوب منطقة الليطاني وفقاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه في تشرين الثاني الماضي ويواصل تنظيف القرى والبلدات التي ينتشر فيها من الذخيرة والمظاهر المسلحة، علماً أن وحدات الجيش تعمل في منطقة واسعة ما يتطلب وقتا لاستكمال مهماتها”. ولفت إلى أن “العائق الأساسي الذي يحول دون وصول الجيش إلى الحدود هو وجود خمس تلال يحتلها الجيش الإسرائيلي، علماً أن لا قيمة عسكرية لهذه التلال، لكن رفض الإسرائيليين الانسحاب منها يعقّد الأمور ويمنع الاستقرار على الحدود، الأمر الذي يجعل الانسحاب الإسرائيلي من هذه التلال أمراً ضرورياً ليستكمل الجيش انتشاره وتكون الدولة اللبنانية قد بسطت سلطتها على كامل أراضيها”. وإذ أكد للوفد الفرنسي أن “الجيش يقوم بواجباته في منطقة شمال الليطاني أيضاً”، لفت إلى أنه “منتشر على الحدود الشمالية والشرقية أيضاً ويتولى حمايتها والقيام بالمهام المطلوبة منه لا سيما مكافحة الإرهاب ومنع تهريب البشر والمخدرات من البر والبحر، إضافة إلى مهمة الحفاظ على الأمن في الداخل وغيرها من المهام التي يقوم بها على الرغم من قلة عديده وتجهيزاته وتقاضي العسكريين رواتب متدنية قياساً إلى الأوضاع المعيشية الصعبة”. كما أكد أن “العودة إلى لغة الحرب ممنوعة وأن هذا الأمر تبلّغه جميع المعنيين وهو مطلب لبناني جامع”، مشدداً على أن “معالجة موضوع حصرية السلاح تتم بمسؤولية وطنية عالية حماية للسلم الأهلي في البلاد”.
وزار وفد مجلس الشيوخ رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتناول اللقاء الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين لبنان وفرنسا. كما زار رئيس الحكومة نواف سلام.