نشر موقع “العربي الجديد” تقريراً جديداً تحت عنوان “نقص الحليب والحفاضات… أساسيات رعاية الرضع غائبة في غزة”، وجاء فيه:
تتقاطع صرخات الأطفال في قطاع غزة مع أصوات الدمار، لتشكّل معاناة صامتة لا تصل إلى شاشات العالم.
معاناة تبدأ من الحصول على أبسط حقوق الطفولة، إذ لم يعد القصف والجوع وحدهما عدوّي الفلسطينيين، بل أضيف إليهما قلة الحيلة التي تعتصر قلوب الأمهات حين يعجزن عن إسكات بكاء صغير يبحث عن الغذاء أو عن حفاضة.
ومع استمرار إغلاق الاحتلال الإسرائيلي المعابر مع القطاع، أصبح الحليب والحفاضات ثروة مفقودة، وأصبحت قلوب الأمهات مثقلة بالحزن والخوف على أطفال يحلمون فقط بلقمة هادئة ونوم دافئ، في ظل العجز عن توفير أبسط الضروريات.
وتُطبق السلطات الإسرائيلية حصارها على قطاع غزة منذ الثاني من آذار الماضي، وتواصل منع إدخال كل مقومات الحياة، وأبرزها الموارد الغذائية، بما فيها حليب وحفاضات الأطفال، وهم الفئة الأكثر هشاشة، ما ينذر بتعرضهم لأمراض سوء التغذية، وأخرى ناجمة عن قلة النظافة.
وتعاني الفلسطينية شهد المدهون، والدة الرضيعة هناء (9 أشهر)، من صعوبات بالغة في توفير الحليب والحفاضات، خصوصاً أنها المُعيلة لعائلتها التي تسكن داخل خيمة في أحد مخيمات النزوح بمنطقة حي الشيخ رضوان، غربي مدينة غزة.
في حديث عبر “العربي الجديد”، تقول السيدة: “زوجي شهيد، وأسعى جاهدة لتأمين احتياجات طفلتي. لا أستطيع شراء الحفاضات التي وصل سعرها إلى 150 شيكلاً، في حين يصل سعر علبة الحليب إلى أكثر من 50 شيكلاً، وهذه مبالغ لا أستطيع توفيرها، لذا أضطر لاستخدام قطع من الأقمشة البالية بدلاً من الحفاضات، واعتمد على الرضاعة الطبيعية وبعض السوائل المتوفرة في التغذية”.
تضيف المدهون: “لا أحصل على الغذاء المناسب نتيجة المجاعة التي تضرب قطاع غزة، ما ينعكس على طفلتي التي تعتمد بشكل أساسي على الرضاعة الطبيعية، وأتمنى أن يجري فتح المعابر في القريب العاجل للحفاظ على حياة طفلتي، وكل أطفال القطاع”.
بدوره، يتجرع الفلسطيني عبد الله المجبر كأس المعاناة ذاتها، إذ بات عاجزاً عن توفير الحليب والحفاضات لطفلته مسك (6 أشهر)، ويقول لـ”العربي الجديد”: “أسعار الحليب والحفاضات مرتفعة في الأسواق، ولا أستطيع شراءها مطلقاً، خصوصاً أنني أعاني من أوضاعٍ متردية بفعل الحرب. كنت نازحاً من حي الشيخ رضوان إلى جنوبي القطاع، وحينما عُدت وجدت منزلي مدمراً، وأسكن حالياً في خيمة، وزادت معاناتي مع عدم قدرتي على توفير الحليب والحفاضات لطفلتي”.
من ناحيته، يقود الفلسطيني علام حجازي فريق مبادرات خيرية، ويقول إن فريقه اعتاد على تقديم المساعدات العينية والغذائية والحليب والحفاضات إلى الأسر الفقيرة في قطاع غزة، وغالبيتها أسر تعيش في خيام داخل مراكز الإيواء منذ بداية الحرب.
وفي حديث عبر “العربي الجديد”، يؤكد حجازي أن “إغلاق المعابر الحدودية مع القطاع منذ أكثر من 50 يوماً أثر سلباً في طبيعة العمل، وعلى إمكانية تقديم المساعدات للعائلات الفقيرة، خصوصاً فيما يتعلق بحليب الأطفال والحفاضات”.
أضاف: “قبل إغلاق المعابر كانت الأسعار في متناول الجميع، وكان سعر علبة الحليب يصل إلى 20 شيكلاً، وباكيت الحفاضات سعره 30 شيكلاً، لكن بعد الإغلاق تضاعفت الأسعار بشكل جنوني، حتى أصبح ثمن علبة الحليب يصل إلى 80 شيكلاً، والحفاضات إلى أكثر من 120 شيكلاً، ويتزامن ذلك مع توقف كثير من الممولين عن دعمنا في توفير هذه المستلزمات”.
ويوضح أن “غالبية المبادرات المتعلقة بالأطفال، والتي تشمل توفير الكسوة والحليب والحفاضات توقفت بشكل كامل بسبب عدم توفر كميات مناسبة منها في الأسواق، أو تضاعف أسعارها عدة مرات، إذ أصبح اهتمام الممولين من الخارج بمسألة الطعام وسقيا الماء عقب دخول القطاع في مجاعة متزامنة مع أزمة التعطيش. هناك حاجة ملّحة لتوفير الحليب والحفاضات، إذ تزداد مطالبات العائلات بهما في الآونة الأخيرة، لكننا لا نستطيع تلبية هذه النداءات، ونخشى من إصابة العديد من الأطفال بأمراض سوء التغذية، أو الأمراض الأخرى الناجمة عن قلة النظافة، بسبب عدم توفر الحفاضات الصحية”. (العربي الجديد)