يترقب لبنان نتائج زيارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى المملكة العربية السعودية، قطر، ودولة الامارات العربية المتحدة، والتقى خلالها الرئيس السوري احمد الشرع، وابلغه بقرار رفع العقوبات الاميركية كلها عن سوريا بمسعى من ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان.
وأكدت نائبة المبعوث الأميركيّ إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس «أننا سنحرص على ملاحقة وكلاء الإرهاب في كافة أنحاء الشرق الأوسط وقد عملنا بشكل وثيق مع وزارة الخارجية، وفعلنا ذلك مع وزارة الخزانة للعثور على أشخاص يسهّلون التمويل غير المشروع لحزب الله وتعيينهم وتسميتهم وفضحهم. وهذا ما نفعله اليوم».
أضافت أورتاغوس في حديث تلفزيوني على مدى السنوات الـ20 الماضية أدخل حزب الله لبنان في حرب مع إسرائيل مرتين. وفي كل مرّة يتدخل فيها الحزب كل ما يفعله هو تدمير الجنوب بسلاحه، وقد أقحم الجنوبيين في حرب لا يريدون أن يكونوا فيها كما أنه يجر لبنان إلى الحرب من جديد».
أضافت: «عليكم أن تتوقعوا فرض المزيد من العقوبات على أي شخص يساعد حزب الله في الحصول على تمويل غير مشروع».
وأكدت: «أننا نريد أن تكون لدينا رؤية اقتصادية جديدة مع قيادة لبنان وأن نعمل معاً لبناء لبنان جديد ومزدهر ولا يمكن القيام بذلك ما لم تكن الدولة والقوات المسلّحة تسيطران على السلاح وتدافعان عن نفسهما».
وشددت على «أننا سنعمل بشكل وثيق مع السعودية والإمارات وقطر في كل خطوة للتأكد من أننا سنصل إلى النتيجة الصحيحة. وكانت تلك الدول والولايات المتحدة واضحة مع لبنان بأن الطريق إلى السلام والازدهار واضح وهو عبر نزع سلاح الحزب ليس فقط جنوب الليطاني بل من البلد كله».
وتابعت أورتاغوس: «أحاول المجيء إلى لبنان بشكل متكرّر على الأقل كل 6 أو 8 أسابيع وأتمنى أن أكون في لبنان قريبًا وأعتقد أن العالم كله يريد أن يكون في بيروت في الصيف».
واعتبرت أنه يمكن للبنان أن يتعلم درسًا من الشرع وكيف عمل مع السعودية للتحدّث مع الرئيس ترامب وفريقنا حول فوائد رفع العقوبات، وخاصةً تلك المتعلقة بقانون قيصر من أجل السماح بالاستثمار.
وكتبت” الديار”: ثمة انتظار في المقار الرسمية لرسالة سعودية مرتقبة لم تحدد كيفية وصولها الى لبنان بعد، قد يحملها المبعوث السعودي يزيد بن فرحان، او ينقلها السفير الوليد البخاري لاطلاع المسؤولين اللبنانيين على ما انتهت اليه الاتصالات خلال القمة بين ولي العهد محمد بن سلمان والرئيس الاميركي دونالد ترامب لمعرفة الهامش المتاح امام الرياض التي باتت الساحة اللبنانية في عهدتها بعيدا عن الضغوط القصوى التي تتبناها اورتاغوس التي بات يشعر من يلتقيها ان قضية التشدد باتت شخصية بالنسبة لها. وفي ظل هذه الاجواء بات واضحا ان لا تمويل لاعادة الاعمار ولا استثمار راهنا لان الاولوية المطلقة، والاساس لدى الأميركيين والسعوديين، والدول المانحة عموما، هو حصر السلاح بيد القوى الشرعية فقط. لكن يبقى السؤال كيف؟ ومتى؟ ووفق اي صيغة؟ لكن ثمة رهان لبناني على الوقت خصوصا بانتظار المفاوضات الايرانية- الاميركية لانه في حال نجاحها يمكن العمل على هذا الملف بعقل «بارد». فيما يبقى القلق مشروعا من رد فعل «اسرائيل» على شعورها بالتهميش الاميركي لدورها في المنطقة، ما قد يدفعها الى الاندفاع نحو خطوات متهورة على اكثر من ساحة؟!
واشارت مصادر سياسيّة متابعة ل” البناء” إلى أن العواصم المؤثرة لم تعد تنظر إلى الإصلاح الاقتصادي والإداري بوصفه المدخل الوحيد للدعم، بل باتت تعتبر إزالة ازدواجية السلطة السياسية والعسكرية في لبنان شرطاً مسبقاً لأي مساعدة. فالمعادلة باتت واضحة: لا دعم حقيقيّ ما دامت الدولة عاجزة عن فرض هيبتها وحصريّة قراراتها السيادية. وتؤكد المصادر أن هذه الفرصة، وإن كانت محفوفة بالتحديات، إلا أنها تشكّل منعطفًا تاريخيًا لا يُستحب تفويته. وأي تلكؤ في حسم ملف السلاح خارج الشرعيّة، سواء بدافع الحذر من الانقسام الداخلي أو لحسابات خارجية، سيكون بمثابة رهان خاسر على استقرار وهميّ. وتختم بالقول إن من يساهم في عرقلة هذا المسار الإصلاحي العميق، يتحمّل تبعات جسيمة.
وقالت مصادر حكومية لـ«اللواء»: ان لبنان يمكن ان يستفيد من رفع العقوبات بالمساهمة عبر شركاته في عملية إعادة إعمار سوريا، وكذلك عبر جعله محطة للشركات العالمية التي ستساهم ايضا في إعادة الاعمار بتمويل دولي كما هو واضح من تعهدات دول الغرب. كما يمكن ان يستفيد لبنان من فتح خطوط التجارة والترانزيت من لبنان الى سوريا وعبرها الى الاردن والعراق ودول الخليج.
وفي تقدير المصادر الحكومية، ان رفع العقوبات لا سيما عقوبات «قانون قيصر»، ستسهم في إحياء مشروع استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الاردن كما سبق وتعهدت الادارة الاميركية السابقة بدعم الاتفاق الذي جرى بين لبنان ومصر والاردن وسوريا بهذا الخصوص، وتوقف تنفيذ المشروع بفعل مخاوف البلدين الشقيقين من ان تطالهما عقوبات «قيصر». وتشير ايضاً الى امكانية استفادة لبنان من الغاز القطري الذي يصل الى سوريا، عبر الانابيب الممتدة بين لبنان وسوريا. هذا عدا اعادة العمل بما تم التوصل اليه بين لبنان وسوريا حول ترتيب وتنظيم وضبط امن وضع الحدود البرية تمهيداً لترسيمها وتحديدها بصورة رسمية ونهائية، وضبط حركة العمالة السورية وحركة النقل والتنقل عبر المعابر الشرعية.
اما استفادة لبنان من رفع العقوبات عملياً فلن يبدأ قبل ان تباشر سوريا تنفيذ ما يتوجب عليها من ترتيبات داخلية لتستفيد من رفع العقوبات، وبخاصة في عملية اعادة الاعمار وتثبيت سلطة الدولة. عندها يمكن للبنان المباشرة بالتواصل مع السلطات السورية للبحث في ما يمكن من اتفاقات حول امور المساهمة بالإعمار وفي التجارة والنقل والترانزيت وسواها من امور عالقة.
وتعتقد المصادر الحكومية انه من المفروض عدم حصول عرقلة اميركية لأي اتفاق بين لبنان وسوريا، طالما ان الموقف الاميركي يؤكد على لسان كبار مسؤوليه ان همّه استقرار لبنان وازدهاره. لكن المصادر تجيب رداً على سؤال حول المدة الزمنية التي يمكن ان تستغرقها استفادة لبنان بالقول: لا يمكن التكهن بمدة زمنية، فالامر مرتبط بسرعة استفادة سوريا وإجراءاتها العملية لتصبح جاهزة للتعامل مع دول الجوار- ومنها لبنان- بصورة طبيعية وبلا عوائق وعراقيل وشروط اضافية. عدا تنفيذ لائحة الطلبات التي فرضها ترامب خلال لقائه بالرئيس السوري احمد الشرع في السعودية.
عقوبات جديدة
قبل انتهاء جولة الرئيس دونالد ترامب الخليجية، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أمس أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات جديدة على “حزب الله” المتحالف مع إيران.
وفي السياق نفسه، أكدت وزارة الخارجية الأميركية فرض عقوبات على شبكة لبنانية تعمل على التهرّب من العقوبات لدعم الفريق المالي لـ”حزب الله”، الذي يشرف على مشاريع تجارية وشبكات تهريب نفط تدر عائدات مالية للتنظيم. وأوضحت المتحدثة باسم الوزارة تامي بروس، في بيان أن “مثل هذه الشبكات تساهم في تعزيز نفوذ إيران وحزب الله، ما يقوّض استقرار لبنان”. وشملت العقوبات خمسة أفراد وثلاث شركات مرتبطة، من بينهم أفراد من عائلات شخصيات بارزة في الحزب.
وممن شملتهم العقوبات الجديدة بحسب النشرة التي أوردتها الخزانة الأميركية:
معين دقيق العاملي (العاملي): هو ممثل كبير لـ “حزب الله” في قم بإيران وله علاقات مع كبار عملاء “حزب الله” وإدارة العلاقات الخارجية للحزب.
فادي نعمة (نعمة): هو محاسب وشريك تجاري لرئيس وحدة المالية المركزية لحزب الله، إبراهيم علي ضاهر (ضاهر)، الذي أدرجه مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في 11 أيار 2021، لدوره في الإشراف على الميزانية العامة لحزب الله وإنفاقه.
حسن عبد الله نعمة (نعمة): المسؤول الكبير في حزب الله، يُسهّل فرص التمويل والتواصل لحزب الله في جميع أنحاء أفريقيا.
وتعليقاً على العقوبات، قالت نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس: «عليكم أن تتوقعوا فرض المزيد من العقوبات على أي شخص يساعد «حزب الله» في الحصول على تمويل غير مشروع».
وأضافت في حديث تلفزيوني: «نعمل بشكل وثيق مع السعودية والإمارات وقطر في كل خطوة للتأكد من الوصول إلى النتيجة الصحيحة وكانت تلك الدول والولايات المتحدة واضحة مع لبنان، بأن الطريق إلى السلام والازدهار واضح وهو عبر نزع سلاح «الحزب» ليس فقط من جنوب الليطاني بل من البلد كله». وختمت بالإشارة إلى أن العالم كله يريد أن يكون في بيروت في الصيف.
ورأت مصادر دبلوماسية ل” نداء الوطن، أن هذه العقوبات، تعكس مواصلة النهج الأميركي في مواجهة تمويل «الحزب» ومراقبة الأنشطة المالية المرتبطة به. وتشير هذه الخطوة إلى أن واشنطن تسعى إلى التمييز بين مفاوضاتها غير المباشرة مع إيران، ومواجهة وكلائها الإقليميين.