الدور الوطني للطائفة السنّية مستهدف

16 مايو 2025
الدور الوطني للطائفة السنّية مستهدف


كتب زياد سامي عيناني في” اللواء”:36 عاماً على اغتيال المفتي الشهيد حسن خالد، وما تزال الطائفة السّنّيّة (ركيزة الشراكة الوطنية وضمانة كيانية للبنان وإنتمائه العربي) عرضة للإستهداف والتهميش والتقويض سياسياً، بهدف إلغاء دورها الوطني الوحدوي الجامع، لحساب المشروع الطائفي المذهبي التفتيتي «المفدرل» للبنان الوطن والرسالة والنموذج!!!








إغتيال المفتي الشهيد حسن خالد، لم يكن مجرد انتقام إجرامي من مواقفه وثوابته الوطنية، التي بلغت ذروتها بالثوابت العشرة التي صدرت عن اللقاء الإسلامي في دار الفتوى، بل جاء إنتقاماً ثأرياً، وإسكاتاً وإلغاءً نهائياً لدور دار الفتوى بما تمثّل من مرجعية وطنية وإسلامية، بعدما أخذ المبادرة المفتي الشهيد بأن تكون «الدار» موقعاً متقدّماً في التصدي بجرأة وشجاعة للاستهداف والمظلومية السياسية التي تعرّضت لها الطائفة السنية (كدور وطني بخلفية عربية متنوّرة)، ولملء الفراغ على الساحة السنية، ولمعالجة الخلل في الميزان الوطني، لحرصه وقناعته، بأنّ إضعاف وإقصاء الطائفة عن المعادلة الوطنية الداخلية، هدفه الإطاحة بفكرة لبنان «التعايش والتعدّد»، لتمرير مشاريع الهيمنة الطائفية والمذهبية الضيقة، وسلخ لبنان عن هويّته وبيئته العربية، وزجّه بمغامرات المحاور، التي تبقيه إلى أن يفنى، ساحة مفتوحة ومشرّعة أمام صراعاتها وحروبها التي لا تنتهي.

حينها، تحوّل مقام مفتي الجمهورية وموقع دار الفتوى إلى القيادة «المرجع» للمسلمين السّنّة، حيث عبرا مواقفهم ودافعا عنهم في مواجهة الغزوات والهجمات العسكرية الحاقدة والناقمة من قبل العصابات الميليشياوية المتمذهبة غلّاً وبغضاءً، عندما كانت تستبيح حرمتها وتنكّل بأهلها.

الخطير في الموضوع، إصرار وإمعان بعض القوى المحلية المنتشية بهذا التراجع لدور أهل السنّة (خصوماً وحلفاء) الإفادة منه وإستثماره لمصالحها، تكبيراً لأحجامها (وإن تورّماً)، إما إنتقاماً أو إستئثاراً، وحتى وراثة (!) متناسية أن ذلك سوف يتسبب بتداعيات عميقة في موازين القوى المحلية، وسيكون لها إنعكاسات خطرة على مستقبل لبنان الكيان والصيغة، تهدّد نظامه التعددي، وتغيّر وجهه الحضاري، وتسلخه عن محيطه العربي.

اليوم، وبمناسبة ذكرى إغتيال المفتي الشهيد حسن خالد بكل ما تحمل من مآسٍ وآلام، يتحسّر المسلمون السنّة في لبنان على الفراغ الهائل التي يعيشونه على مستوى القيادتين الدينية والسياسية، وسط حالة من التخبط والتشتت وغياب الرؤية والمشروع والدور، فضلاً عن المظلومية المستمرة، وسط غياب مرجعية سنّيّة وطنية قادرة على إستنهاض الشارع السّنّي، تزامناً مع تشتّت وتشرذم بين النّواب السّنّة، مستذكرين عندما صدر قرار «الباب العالي» بتصفية أو تغييب وإقصاء القيادات والمرجعيات السنية السياسية والحزبية، كيف أن المفتي الشهيد حسن خالد أخذ المبادرة بجرأته المعهودة، من خلال جعل مقام الإفتاء يملأ ذلك الفراغ الذي خيّم على الساحة السنية، ومصدر قوة لفرض وتكريس الدور الوطني للطائفة السنية في المعادلة السياسية، مسقطاً مفاعيل قرار تغييبها من ضمن مندرجات الهيمنة على لبنان ومصادرة قراره السيادي.