تقرير أميركي يُحذر الولايات المتحدة: لا تغزو إيران

26 مايو 2025
تقرير أميركي يُحذر الولايات المتحدة: لا تغزو إيران


ذكرت صحيفة “The Hill” الأميركية أنه “في 26 نيسان، هزّ انفجارٌ مدمر مدينة بندر عباس الساحلية الإيرانية الصاخبة، ما ادى إلى مقتل 57 شخصًا وإصابة أكثر من 1200 آخرين. وكان مركز الانفجار في ميناء الشهيد رجائي، أكبر مركز للحاويات في إيران. ولا تزال السلطات تحقق في السبب، وتشير التقارير الأولية إلى سوء التعامل مع المواد الكيميائية. وفي خضم هذه المأساة، كشف رد فعل الشعب الإيراني عن درسٍ بالغ الأهمية لصانعي السياسات الأميركيين، وهو أنه لا ينبغي الاستهانة بقدرة إيران على التوحد في مواجهة الأزمات، كما فعل صدام حسين قبل عقود في العراق”.

وبحسب الصحيفة، “رغم الصعوبات الاقتصادية والاستياء السياسي، احتشد الإيرانيون في أعقاب انفجار بندر عباس، واصطف المواطنون في كل أنحاء البلاد للتبرع بالدم للمصابين، وتحول مهرجان شعبي للموسيقى الشعبية الإيرانية في بوشهر إلى عرض تضامني حزين احترامًا للكارثة. قدّم الأطباء والأخصائيون النفسيون في كل أنحاء البلاد المساعدة للمصابين والمصابين بصدمات نفسية جراء الكارثة، وتطوّع فنيو السيارات لإصلاح السيارات المتضررة مجانًا، بينما أرسل آخرون زجاجًا لإصلاح نوافذ المنازل المكسورة. في الحقيقة، يتحدى هذا الرد الرواية التي تروجها بعض جماعات المعارضة الإيرانية والمحللون الغربيون، الذين يزعمون أن الاستياء الشعبي من الحكومة يجعل إيران عرضة للخطر، وأن الانقسامات الداخلية قد تدفع الإيرانيين إلى الترحيب بالتدخل الأجنبي كفرصة للإطاحة بالحكومة”.

وتابعت الصحيفة، “إن تدفق الدعم عقب الانفجار يوحي بعكس ذلك. يبدو أن الإيرانيين، بغض النظر عن مظالمهم، يُعطون الأولوية للتماسك الوطني عند مواجهة أحداث خارجية أو كارثية، وهو ما يُشبه “التفاف المواطنين حول العلم” خلف حكومتهم في أوقات الأزمات. إن الوحدة التي ظهرت في بندر عباس تعكس الاستجابة العامة خلال الحرب الإيرانية العراقية، وهي سابقة تاريخية تقدم تحذيراً صارخاً لأولئك الذين يدعون إلى العدوان على إيران. ففي أيلول 1980، رأى صدام حسين أن إيران قد ضعفت بسبب الثورة الإسلامية عام 1979، فشنّ غزوًا متوقعًا نصرًا سريعًا. كان يعتقد أن الاضطرابات الداخلية والانقسامات العرقية في إيران ستحول دون بناء دفاع متماسك. وكان سوء تقدير صدام قد تأثر بجماعات المعارضة الإيرانية وبعض القوى الأخرى، التي أشارت إلى أن الإيرانيين كانوا غير راضين إلى حد يمنعهم من الدفاع عن بلادهم”.

وأضافت الصحيفة، “بدلاً من ذلك، توحد الإيرانيون لصد الزحف العراقي. وبحلول عام 1982، استعادت إيران كل الأراضي التي خسرتها تقريبًا، مما حوّل الصراع إلى حالة جمود دامت ثماني سنوات، وأودى بحياة أكثر من مليون شخص. نبع خطأ صدام من الاستخفاف بقدرة الشعب الإيراني على الصمود واستعداده لتجاوز خلافاته الداخلية دفاعًا عن وطنه. وهذا ليس استثناءً، بل سمة متكررة في رد إيران على التهديدات الخارجية. وتواصل بعض جماعات المعارضة الإيرانية والصقور الغربيين الترويج لرواية تعكس افتراضات صدام الخاطئة، ويجادلون بأن الاستياء الواسع النطاق قد وضع النظام على شفا الانهيار. وتفسر هذه الجماعات هذا الاستياء كفرصة، مشيرين إلى أن التدخل الأجنبي، سواءً من خلال العمل العسكري أو العمليات السرية، قد يُشعل انتفاضة شعبية ضد الحكومة”.

وبحسب الصحيفة، “تُناقض الأدلة التاريخية والمعاصرة هذا الرأي، فخلال الحرب العراقية الإيرانية، لم تمنع الانقسامات الداخلية من توحيد الدفاع. وبالمثل، لم يُؤدِّ انفجار الميناء إلى دعوات للاحتجاج، بل إلى أعمال تضامن وطني. وحتى في ظل تكهنات سوء الإدارة، ركّزت الاستجابة الشعبية على دعم الضحايا بدلاً من إلقاء اللوم على الحكومة، وهذا يُشير إلى أن العدوان الأجنبي من المرجح أن يُعزز موقف الحكومة الداخلي من خلال حشد الإيرانيين ضد عدو خارجي مشترك. إن المخاطر الاستراتيجية المترتبة على سوء تقدير الوحدة الإيرانية كبيرة. فإيران اليوم ليست تلك الدولة المعزولة التي كانت عليها عام 1980، فقد طورت جيشًا وبرنامجًا صاروخيًا متطورًا نسبيًا، وتتمتع بنفوذ كبير من خلال شبكة من الحلفاء في كل أنحاء الشرق الأوسط. وقد يؤدي أي تدخل أو تصعيد عسكري إلى إشعال صراع إقليمي أوسع، يجذب هذه الأطراف، ويُعقّد المصالح الأميركية في الشرق الأوسط”.

وتابعت الصحيفة، “بالنسبة لصانعي السياسات الأميركيين، وخاصةً مستشاري الرئيس دونالد ترامب، تُعدّ حادثة بندر عباس بمثابة تحذير، فالقوى التي تدفع باتجاه سياسات عدوانية تُخاطر بتكرار خطأ صدام الفادح في التقدير. إيران ليست بيتًا من ورق على وشك الانهيار، كما يزعم الصقور، بل هي دولة قادرة على الصمود في وجه التهديدات الخارجية. ولتجنب مآزق الحسابات الخاطئة السابقة، يجب على الولايات المتحدة أن تتعامل مع إيران بفهم واضح لقدرتها على الصمود، والالتزام بالحوار بدلًا من المواجهة. إن التعامل مع إيران من خلال الدبلوماسية بدلا من المواجهة ليس أمرا حكيما فحسب، بل هو ضروري للاستقرار الإقليمي”.