النفط والغاز: سجّلت أسعار النفط والغاز ارتفاعاً حاداً فور اندلاع المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، إذ ارتفع خام برنت بنسبة وصلت إلى 13% عقب الهجوم، ليتجاوز عتبة 78 دولاراً للبرميل.
وعلى مدار الأسبوع الماضي ظل النفط يتقلب بين صعود وهبوط محدود، وتراوحب أسعاره في بداية اليوم الجمعة حول 77 دولاراً للبرميل لخام برنت، بعدما ألمح الرئيس دونالد ترمب إلى أن اتخاذ قرار بشأن توجيه ضربة لإيران سيُحسم خلال أسبوعين، مما هدأ المخاوف من هجوم أميركي وشيك.
لكن ورغم هذا التقلب لا تزال أسعاره أعلى بفارق كبير عن مستواها قبل اشتعال الحرب في 13 يونيو الجاري.
وحذرت “فيتش ريتنيغز” في تقرير حديث من أن اتساع نطاق الصراع بين إيران وإسرائيل إقليمياً أو تعطل حركة الشحن في شريان الطاقة الحيوي مضيق هرمز، قد يدفع أسعار النفط للارتفاع لفترة ممتدة، فيما قال بنك “سيتي غروب” اليوم إن “برنت” قد يقفز إلى 90 دولاراً إذا أغلق مضيق هرمز.
أسهم شركات الطاقة: استفادت بدورها من ارتفاع أسعار النفط والغاز، حيث صعدت أسهم شركات الطاقة الكبرى بوضوح خلال الأسبوع الماضي، فارتفع سهم “شل” البريطانية بنحو 1.7%، و”بي بي” (BP) بـ1.3% عقب تفاقم الرشقات الصاروخية بين إسرائيل وإيران، وفي آسيا، حققت أسهم شركات النفط الهندية مثل “أويل إنديا” و”ONGC” مكاسب قاربت 3%، مع استفادتها من زيادة هوامش التكرير وتوقعات بتحسن الإيرادات في الربع الثالث من العام الجاري، وظلت عند مستويات مرتفعة نسبياً طوال الأسبوع الماضي.
كما تم تداول عدة آلاف من عقود خيارات الشراء لشهر أغسطس بأسعار تنفيذ تزيد عن 80 دولاراً للبرميل في الساعات الأولى من جلسة يوم الإثنين. في الوقت ذاته، تم تداول حوالي 2000 عقد لكل من خيارات شراء خام برنت تسليم شهر أغسطس بأسعار تنفيذ 100 و101 دولار أيضاً، وفق “بلومبرغ”.
المعادن النفيسة: استفاد الذهب والفضة والبلاتين من هروب المستثمرين للملاذات الآمنة وسط الحرب، وصعد المعدن الأصفر بنسبة 1.6% إلى 3457 دولار للأونصة يوم الجمعة الماضي، وظل عند مستويات مرتفعة قريبة من 3400 دولار للأونصة في الأيام الأولى من الحرب، قبل أن يتدنى إلى مستوى 3370 دولاراً اليوم، بعد قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير وسط ضبابية توقعات التضخم.
مع ذلك، تواصل التوترات في الشرق الأوسط والإقبال المستمر من البنوك المركزية الحفاظ على الدعم اللازم لأسعار الذهب في الفترة الحالية، وما يزال محللو “يو بي إس” و”ساكسو بنك” متفائلون بشأن استمرار صعود المعدن الأصفر خلال 2025، لاسيما في حالة استمرار الحرب بوتيرتها الحالية، وفق “رويترز”.
الدفاع: استفادت شركات الدفاع الكبرى عالمياً من التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، وسجلت أسهم “لوكهيد مارتن” (Lockheed Martin) و”آر تي إكس” (RTX Corporation) ارتفاعات فاقت 3%، فيما صعد سهم “نورثروب غرومان” (Northrop Grumman) بنسبة مماثلة مع توقعات بطلب متزايد على أنظمة الدفاع الصاروخي والطائرات المسيّرة. كما برز سهم “جنرال دايناميكس” (General Dynamics) بين الرابحين، بفعل الاهتمام بمنصات الشركة البرية والبحرية المتقدمة، بحسب بيانات “بلومبرغ” و”رويترز”.
في أوروبا، قفز سهم شركة “راينميتال” (Rheinmetall) الألمانية، المتخصصة في صناعة المدرعات والأنظمة البرية، بأكثر من 5% خلال الجلسات الأخيرة، كما شهدت “بي إيه إي سيستمز” (BAE Systems) البريطانية بدورها اهتماماً متزايداً من المستثمرين، وسط توقّعات بتوقيع عقود توريد إضافية إلى دول في الشرق الأوسط وشرق أوروبا، وفق تحليل لصحيفة “وول ستريت جورنال”.
يرى محللون في “مورنينغ ستار” (Morningstar)، حسبما ورد على موقع الشركة الإلكتروني، أن موجة الشراء الحالية في أسهم شركات الدفاع تعكس مزيجاً من القلق الجيوسياسي والتحوّط الاستثماري، مشيرين إلى أن الأداء الإيجابي مرشّح للاستمرار على المدى القصير، لاسيما في حال توسّع رقعة الحرب أو دخول أطراف دولية على خط المواجهة.
الشحن البحري والتأمين ضد المخاطر الجيوسياسية: شهد قطاع الشحن البحري انتعاشاً لافتاً بعد الضربات الجوية التي شنّتها إسرائيل على إيران، وردّ الأخيرة، إذ قفزت أسعار الشحن الآجلة بنسبة 15% لتصل إلى 12.83 دولار للطن المتري في المسارات من الشرق الأوسط إلى آسيا، وفق بيانات “ماركتس غروب” التي نقلتها “بلومبرغ”.
كما ارتفعت أسهم شركات ناقلات النفط الكبرى مثل “فرونتلاين” (Frontline Plc) في أوروبا و”تشاينا ميرشانتس” (China Merchants Energy) و”كوسكو” (COSCO) في آسيا، محققين مكاسب تراوحت بين 5 إلى 7.9% في جلسة واحدة.
وحذّرت البحرية البريطانية وهيئات دولية من تصاعد المخاطر في الممرات الحيوية، ما عزز التوقعات باستمرار ارتفاع تكاليف التأمين والشحن. ويرى خبراء أن العلاوات التأمينية المرتفعة ومحدودية القدرة على المناورة ستُبقي أسعار الشحن مرتفعة، في حين قد تستفيد أيضاً شركات الخدمات الملاحية المساندة وناقلات البضائع السائبة، مع تزايد الحاجة لإعادة تنظيم سلاسل الإمداد في حال تفاقم التوتر.
وفي تقرير منفصل لوكالة رويترز، برزت توقعات بارتفاع أقساط التأمين بـ3–8 دولار إضافية لكل برميل نفط في حال استهداف منشآت نفطية أو حصار المضائق، وأوضح المحللون أن “علاوة الحرب” ستبقى مرتفعة خلال الفترة المقبلة، وقد تتصاعد أكثر حال توسّع الصراع لضمان تغطية مخاطر انقطاع الإمدادات أو الهجمات على السفن.
الدولار وعملات أخرى: قدمت التوترات الأمنية دعماً للدولار أمام الين والفرنك واليورو إذ ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.5% يوم الجمعة الماضي، ما يعكس استمرار اللجوء إلى الملاذات الآمنة وسط حالة عدم اليقين. كما أعطى قرار الفيدرالي بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، يوم الأربعاء، والتلميح إلى الحفاظ على لهجة متشددة فيما تبقى من شهور العام دفعة إضافية للعملة الخضراء، رغم تراجع مؤشر بلومبرغ بنسبة طفيفة (0.1%) اليوم. كما ارتفعت عملات دول مصدّرة للطاقة مثل الكرونة النرويجية والدولار الكندي، بفضل ارتباطها بارتفاع أسعار النفط.
الخاسرون من الحرب
تأثرت الأسواق المالية حول العالم فور انتشار أنباء الهجوم الإسرائيلي على منشآت وقادة إيرانيين، وكانت الأسواق والبنوك وشركات الطيران الإقليمية الأكثر تضرراً، كالآتي:
أسواق الأسهم: تراجعت أسواق الأسهم العالمية والعربية بشكل حاد يوم الجمعة الماضي، متأثرة بالتصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران وما أثاره من مخاوف جيوسياسية حادة.
وسجّل المؤشر العام للسوق السعودية “تاسي” أمس الخميس خسارة أسبوعية بنسبة 2.1%، بما يمثل أكبر تراجع أسبوعي له منذ الأسبوع المنتهي في 10 أبريل الماضي، وليواصل بذلك مساره الهبوطي للأسبوع الثاني على التوالي. فيما هبط مؤشر “EGX30” في مصر بنسبة 4.6%، في أسوأ جلسة له منذ أكثر من عام، وسط ضغوط على الأسهم المالية.
وعالمياً، انخفضت عقود مؤشر “إس آند بي 500” بنحو 0.3% الليلة الماضية، مقابل تراجع بنسبة 0.9% يوم الخميس، في المقابل، تحركت الأسهم في اليابان والصين وأستراليا ضمن نطاقات ضيقة خلال أول أسبوع من الحرب.
البنوك الإقليمية: تعرض قطاع البنوك والخدمات المالية لضغوط كبيرة بسبب التوترات الإقليمية الجديدة، في الخليج، وهبطت مؤشرات السوق في الأيام الأولى من الحرب بشكل حاد؛ مع انخفاض أسهم بنك “الراجحي” بنحو 1.5% والبنك الأهلي السعودي 3.1%، وفي قطر، تراجع مؤشر السوق بضغط من سهم بنك قطر الوطني الذي خسر 4.2%. كما هبطت أسهم بيت التمويل الكويتي.
وهبطت أسهم القطاع في البورصة المصرية كذلك، تأثراً بتراجع أسهم بنوك كبرى مثل التجاري الدولي و”إي إف جي هيرمس”.
الطيران: تأثّر قطاع الطيران مباشرةً بالحرب الإسرائيلية الإيرانية، مع خسائر فادحة على المستويين الإقليمي والدولي. إقليمياً، شهدت شركات الطيران في الخليج ضربة قاسية، حيث فقدت “طيران الجزيرة” الكويتية حوالي 18.4% من قيمتها السوقية بعد إعلان الدول المجاورة إغلاق أجوائها، وأيضاً تراجعت “العربية للطيران” بنسبة 4.1% إثر تعليق رحلاتها وتحويلها إلى مسارات بديلة قبل أن توسع خسائرها إلى 10% في الساعات الأولى من الحرب.
عالمياً، واجهت شركات الطيران الكبرى ضغوطاً قوية، مع انخفاض أسهمها بنسبة تراوحت بين 3–5% يوم الجمعة الماضي. شمل ذلك شركات أميركية مثل “أميركان إيرلاينز” (American Airlines)، “دلتا إيرلاينز” (Delta Air Lines)، و”يونايتد إيرلاينز” (United Airlines)، فضلاً عن شركات أوروبية كبرى مثل “بريتيش إيروايز” (British Airways) التابعة لمجموعة IAG، و”إيزي جت” (EasyJet)، و”لوفتهانزا” (Lufthansa)، و”رايان إير” (Ryanair)، وذلك نتيجة ارتفاع أسعار الوقود واضطرابات في أجواء الشرق الأوسط. وأضافت رويترز أن أكثر من 650 رحلة تم إلغاؤها أو إعادة توجيهها بعد اندلاع الاشتباكات، مما أدى إلى زيادة التكاليف التشغيلية وطول الرحلات، ما يفاقم الأعباء المالية على القطاع.
السياحة: تسبّب تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران في شلل كبير بحركة السفر والسياحة في المنطقة، حيث رفعت وزارة الخارجية البريطانية تحذيرات السفر إلى المستوى الأحمر تجاه إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، واضعة إياها في نفس مرتبة الخطورة مع إيران. ويُقدّر أن نحو 40 ألف سائح باتوا عالقين في إسرائيل، وسط إعلان حالة الطوارئ وإغلاق المجال الجوي بشكل تام، بينما وضعت لندن خططاً لإجلاء مواطنيها.
الاضطرابات طالت دولاً أخرى في المنطقة، إذ أُغلقت الأجواء الجوية في العراق، وبشكل مؤقت في الأردن ولبنان، كما صدرت تحذيرات بالإغلاق الجوي في أكثر من دولة إقليمية، في ظل مخاوف من تصعيد سريع قد يشمل المنطقة بأسرها.
وفي مصر، وصلت تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية إلى قطاع السياحة والسفر، إذ سجلت معدلات إلغاء الحجوزات ما يزيد عن 10% في المتوسط منذ الجمعة الماضية، بحسب 4 من مسؤولي كبريات الشركات العاملة في القطاع بالبلاد لـ”الشرق”، مع شبه توقف في حجز الرحلات الجديدة.
القطاع الاستهلاكي والسيارات: ذكر تقرير موقع “ماركت ووتش” (MarketWatch) أن قطاع السلع الاستهلاكية غير الأساسية تعرض لضغوط واضحة في ظل التصعيد بين إسرائيل وإيران، وتراجعت مؤشرات قطاع السلع الاستهلاكية غير الأساسية ضمن مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة تقارب 1% يوم الجمعة الماضي، مدفوعة بتحوّط المستثمرين وابتعادهم عن الأصول ذات المخاطر العالية. وشملت الخسائر شركات كبرى مثل “تارجت” (Target)، “بيست باي” (Best Buy)، و”نايكي” (Nike)، إلى جانب شركات السفر والترفيه مثل “كارنفال” (Carnival) و”رويال كاريبيان” (Royal Caribbean)، والتي هبطت بنسب تراوحت بين 3 و5%.
كذلك سجلت “جنرال موتورز” (General Motors) و”فورد”(Ford)، تراجعاً ملحوظاً نتيجة المخاوف من ارتفاع تكاليف الوقود وعرقلة سلاسل التوريد بحسب “ماركت ووتش”.
قطاعات في المنتصف
العملات المشفرة: تقلبت العملات المشفرة بين خسائر ومكاسب، مع اتجاه المستثمرين إلى الهروب من الأصول عالية المخاطر وسط تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران، ما أدى إلى انخفاض سعر “بتكوين” إلى ما دون 103,000 دولار، و”إيثريوم” بنسبة قاربت 9%، في ظل خسائر واسعة شملت أيضاً عملات مثل “سولانا” (Solana) و”XRP”. لكن مع بداية الأسبوع، عادت أسواق العملات المشفرة إلى التعافي، إذ ارتفعت “بيتكوين” إلى نحو 106,800 دولار، بينما سجلت “إيثريوم” مكاسب بنحو 4%، وقفزت “سولانا” بنسبة 7.7%. وبحسب تقرير نشره موقع “بارونز”، فإن هذه المكاسب مرشحة للاستمرار ما لم يتسع نطاق الصراع العسكري بشكل يهدد الاستقرار المالي الأوسع.
السندات الأميركية: في الفترة من 13 يونيو 2025 إلى 20 يونيو 2025، شهدت عائدات السندات الأميركية تحركاً طفيفاً ضمن نطاق محدود، مع تقلبات عرضية في العائدات نتيجة تداخل عوامل اقتصادية وسياسية مثل موقف الفيدرالي وبيانات التضخم، لكن دون حدوث موجات كبيرة خلال هذه الأسبوع، وفق بيانات بلومبرغ.
وبدأ عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات عند 4.41% في 13 يونيو، ثم تراجع إلى 4.38% في 18 يونيو، قبل أن يرتفع اليوم إلى 4.40% أما العائد على السندات لأجل سنتين فسجل في 13 يونيو 3.96% وعلى سندات 30 سنة 4.90%، مع تحركات طفيفة طيلة الأسبوع الماضي .