أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أن إعادة النهوض الاقتصادي في لبنان ليست عملية مستحيلة إذا توفرت الإرادة الجامعة لتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية، مشددًا على أن هذه المهمة ليست مسؤولية فرد واحد أو أكثر، بل هي مسؤولية جماعية لا يجوز لأحد التخلف عنها.
وأشار الرئيس عون إلى أن مكافحة الفساد تشكل المدخل الأساسي لضبط أداء المؤسسات والإدارات اللبنانية، مما يعيد الثقة المحلية والخارجية ويشجع المستثمرين على الاستثمار في مشاريع منتجة وواعدة. كما لفت إلى أن الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان تتطلب اتخاذ قرارات استثنائية، منها تسهيل المعاملات في الإدارات والتخفيف من البيروقراطية.
وأكد أن العمل جارٍ لاعتماد الحكومة الإلكترونية، التي تسهم في القضاء على الفساد الذي أصبح ثقافة نتيجة الظروف التي مرت بها البلاد خلال السنوات الماضية.
جاء كلام الرئيس عون خلال استقباله في قصر بعبدا مجلس إدارة المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان (ايدال)، برئاسة الدكتور مازن سويد، وعضوية كل من سيمون سعيد، علاء حمية، ربيع معلولي، وليم شارو، محمد المهتار، والسيدة رنا دبليز. واطلع رئيس الجمهورية على عمل المؤسسة وما حققته خلال السنوات الثلاث الماضية من تسهيلات لعدد كبير من المستثمرين، بلغت قيمة استثماراتهم نحو 300 مليون دولار رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.
وتحدث رئيس وأعضاء مجلس الإدارة عن التحديات التي واجهتهم، أبرزها ضعف التمويل، إذ تعتمد المؤسسة بشكل كامل على مساهمات من الموازنة العامة كمصدر رئيسي للواردات، وبلغت مساهمة موازنة عام 2025 نحو 27.4 مليار ليرة لبنانية، أي ما يعادل حوالي 306 آلاف دولار سنويًا، مقارنة بموازنة المؤسسة قبل الأزمة التي كانت تصل إلى 5 ملايين دولار سنويًا. واعتبروا أن هذا المبلغ ضئيل جدًا مقارنة بحاجات المؤسسة والدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتقديم خدمات للمستثمرين، والترويج للصادرات، والتعاون مع الجهات الحكومية لتحسين بيئة الأعمال وتطوير السياسات الاقتصادية، بالإضافة إلى تطوير القدرات المحلية وتوفير فرص عمل.
كما تعاني المؤسسة من نقص حاد في عدد المستخدمين، إذ ينص الملاك على 76 مستخدمًا، في حين أن العدد الفعلي الحالي هو 16 مستخدمًا فقط، ما يشكل شغورًا بنسبة 80%، ويؤثر ذلك على فعالية عمل المؤسسة وسرعة تنفيذ مهامها. ويُشار إلى أن الغالبية العظمى من المستخدمين الحاليين هم من غير حملة الشهادات الجامعية، فضلاً عن أن المؤسسة تخسر سنويًا مستخدمين نتيجة بلوغ السن القانونية للتقاعد، في ظل ارتفاع متوسط أعمار الكادر البشري.
ولفت رئيس وأعضاء المجلس إلى أن مقر المؤسسة تعرض لأضرار كبيرة جراء انفجار مرفأ بيروت عام 2020، ولم تُجرَ التصليحات اللازمة حتى اليوم بسبب ضعف التمويل، ما أثر سلبًا على قدرة المؤسسة على استقبال الوفود والمستثمرين بالشكل اللائق، لا سيما وأن تكلفة التصليحات تفوق إمكانات المؤسسة الحالية وتتطلب رصد مساهمات إضافية في الموازنة، وهو أمر يصعب تحقيقه في ظل سياسة حصر النفقات.
وطلب الوفد من الرئيس عون التدخل لتأمين الحد الأدنى من الشروط اللازمة التي تمكن المؤسسة من القيام بدورها الوطني، في ظل حاجة لبنان الملحة إلى الاستثمار وتحريك عجلة الاقتصاد واستعادة ثقة الداخل والخارج بالمؤسسات اللبنانية.
وأكد الرئيس عون للوفد أنه سيعمل مع الحكومة على توفير مقومات الدعم للمؤسسة حتى تتمكن من أداء دورها الكامل والمساهمة في عملية النهوض بالاقتصاد اللبناني.
في سياق آخر، استقبل الرئيس عون النائب ياسين ياسين، وناقشا الأوضاع العامة في البلاد والتطورات الإقليمية الأخيرة في ظل التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران. وأكد عون أهمية بقاء لبنان بعيدًا عن هذه المواجهات، مشيرًا إلى أن مواقفه شكلت السقف الوطني للسياسة الخارجية، داعيًا اللبنانيين إلى الالتفاف حوله وسياسته الحكيمة في هذه المرحلة الحساسة.
من جهته، أشار النائب ياسين إلى أهمية التعيينات في الإدارات والمؤسسات العامة، لا سيما التعيينات المالية والقضائية، باعتبارها أساس ورشة الإصلاح التي بدأت. كما تطرق البحث إلى حاجات منطقة البقاع الغربي، وضرورة الاهتمام بقطاع الاتصالات وتشكيل الهيئة الناظمة له على أسس واضحة وموضوعية وسليمة.