إسرائيل أضعفت إيران لكنها لم تدمرها

26 يونيو 2025
إسرائيل أضعفت إيران لكنها لم تدمرها


ذكرت صحيفة “The Spectator” البريطانية أنه “مع صمود وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل حتى الآن، أصبح من الممكن إجراء تقييم أولي للحملة التي استمرت 12 يومًا. في الواقع، لقد حققت القدس وحليفتها الولايات المتحدة إنجازًا كبيرًا. أما إيران، فانكشفت عيوبها على المستوى التكتيكي، وظهرت عيوب هيكلية في استراتيجية طهران القائمة على الحرب بالوكالة. لقد تضرر كلٌّ من البرنامجين النووي والصاروخي الباليستي بشكل كبير، وتراجعت عقارب ساعة القيامة بقوة. ولكن على النقيض من الساعة الفعلية في ساحة فلسطين في طهران، والتي دمرتها القذائف الإسرائيلية خلال الحملة، فإن الاستراتيجية الإيرانية لتدمير إسرائيل لم تُهزم بشكل شامل، كما ولا يبدو أن النظام يواجه حاليا خطرا على وجوده. في الواقع، لقد تلقت إيران سلسلة من الضربات الموجعة التي أضعفتها بشكل كبير، دون أن تُحدث تغييرًا جذريًا في الصورة الاستراتيجية”. 

وبحسب الصحيفة، “في ما يتعلق بالبرنامج النووي، فإن العمل المشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل ضد المواقع النووية في نطنز وفوردو وتبريز وأراك وأصفهان تسبب في أضرار جسيمة. لم يتسن بعد تحديد مقدار هذا التراجع بشكل قاطع، لكن أشار تقرير مسرب لوكالة استخبارات الدفاع إلى أن البرنامج النووي ربما تأخر بضعة أشهر فقط. لا تزال مخزونات إيران من اليورانيوم المخصب، والبالغة نحو 400 كيلوغرام، قائمة، وهذا يعني أن من المرجح أن تستأنف إيران جهودها الرامية إلى إعادة بناء قدراتها لتخصيب اليورانيوم. إن مقتل عدد من كبار العلماء النوويين، مرة أخرى، من شأنه أن يعقد ويؤخر الجهود الإيرانية لإعادة البرنامج إلى مساره الصحيح.وفي الوقت عينه، من الواضح أن المعرفة الإيرانية التي أنتجت هؤلاء العلماء لم يتم تدميرها”.

وتابعت الصحيفة، “كان نجاح إسرائيل في استهداف وإزالة شخصيات بارزة في المؤسسة العلمية والعسكرية الإيرانية أحد أبرز عناصر أحداث الأيام الأخيرة. كشفت القدس أن منظماتها الاستخباراتية اخترقت مراكز الحكومة الإيرانية بشكل كامل، وأنها تمتلك منظمة على الأراضي الإيرانية. إن هذا الهيكل، الذي يبدو أن معظم أعضائه من الإيرانيين أنفسهم تحت إشراف إسرائيل، يمكن تفعيله متى شاءوا، وبالتالي يمكنه الضرب بقوة مرة أخرى. يُعدّ تشكيل هذه الهيئة إنجازًا مهما لإسرائيل، وسيُثير قلق المسؤولين الإيرانيين. ويمكن، بل وسيُعاد استخدامها بلا شك، عندما ترى إسرائيل ذلك مناسبًا. أظهرت إسرائيل في الأيام الأخيرة أن هذا الكيان قادر على القيام بعمليات تخريب باستخدام الطائرات المسيّرة والمتفجرات، فضلاً عن استهداف شخصيات محددة في النظام”. 
وأضافت الصحيفة، “من التفاصيل البارزة الأخرى في الأحداث الأخيرة فشل استراتيجية إيران بالوكالة. فعلى مدى الأربعين عامًا الماضية، استثمرت طهران بكثافة في بناء و/أو رعاية عدد من المنظمات السياسية-العسكرية الإسلامية في كل أنحاء المنطقة. وكانت إسرائيل تخشى منذ فترة طويلة من أن تقوم الفصائل التابعة لإيران، وخاصة حزب الله، بضرب الدولة اليهودية بوابل من الصواريخ في حال اتخذت القدس أي إجراء ضد البرنامج النووي الإيراني. ولكن في الواقع، فإن رؤية قاسم سليماني، قائد فيلق القدس السابق، مثل غيرها من التصورات الأيديولوجية التي سبقتها، فشلت بوضوح في إدراج عنصر حاسم في هذه الرؤية، ألا وهو الأفضلية التي أعطاها الوكلاء المختلفون لمصالحهم المحلية الخاصة على التزاماتهم المفترضة تجاه التحالف الذي تقوده إيران”. 

وبحسب الصحيفة، “كان قرار حماس المستقل بشن حربها من غزة في السابع من تشرين الأول انعكاسًا لاستقلالية قرارها. أما ردود الفعل الفاترة والجزئية لمختلف وكلائها، فقد عكست تصرفاتهم، كما أن هذه الاستجابة الجزئية مكنت إسرائيل من التركيز على المكونات المختلفة للكتلة التي تقودها إيران، ثم على إيران ذاتها، دون أن تواجه أي جهد منسق من جانب التحالف. والنتيجة: لم يكن أيٌّ من الوكلاء قادرًا أو راغبًا في مساعدة طهران عندما حوّلت إسرائيل انتباهها إلى راعيتهم. ومع ذلك، نجحت إيران في اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية في مناسبات عديدة”.

وتابعت الصحيفة، “إن القرار الأميركي بفرض وقف إطلاق النار بسرعة، والانتقاد العلني الذي وجهه الرئيس ترامب لإسرائيل بعد ذلك، يشيران إلى اختلافات كبيرة بين القدس وواشنطن. وفي نهاية المطاف، يتعين علينا أن ننظر إلى أحداث الأيام الاثني عشر الماضية باعتبارها حلقة في صراع طويل ومستمر، وليس باعتبارها لحظة نهائية أو حاسمة. لقد كسرت إسرائيل والولايات المتحدة المحظور، وبددتا الخوف الذي أحاط بفكرة العمل العسكري ضد البرنامج النووي الإيراني. وتبين أن إيران أضعف بكثير مما تحاول تصويره. ومع ذلك، لم ينهار النظام، فطموحاته لا تزال قائمة، وسيشرع الآن في محاولة إنعاش قدراته. والسؤال المتبقي الآن هو ما إذا كانت إسرائيل سوف تكون قادرة، بما يتماشى مع ممارستها في لبنان وسوريا وغزة، على البدء في عمليات دورية ولكن مستمرة ضد إيران من أجل تعطيل وإحباط محاولاتها لإعادة بناء برامجها النووية والصاروخية الباليستية”.

وختمت الصحيفة، “حتى يحين الوقت الذي يتمكن فيه الشعب الإيراني من تنظيم نفسه للتخلص من النظام الذي ترفضه أغلبية كبيرة منهم بوضوح، فإن هذا سيكون هو الأمر الحتمي الرئيسي”.