لهذه الأسباب مجتمعة لا يزال حزب الله مصرًّا على الاحتفاظ بسلاحه

2 يوليو 2025
لهذه الأسباب مجتمعة لا يزال حزب الله مصرًّا على الاحتفاظ بسلاحه


من راقب جيدًّا ما دار في الجلسة التشريعية يوم الاثنين الماضي، داخل القاعة وخارجها، لاحظ أن سلاح “حزب الله” كان الحاضر الأكبر في الجدل السياسي، الذي رافق رفض الرئيس نبيه بري إدراج اقتراح القانون المعجّل المكرّر القاضي بتعديل المادة المتعلقة بانتخاب المغتربين على جدول أعمال الجلسة. وهذا السلاح، وإن لم يكن ظاهرًا للعيان، كان الأكثر حضورًا من خلال ما قيل بعد الجلسة، سواء على ألسنة نواب كتلة “الوفاء للمقاومة” ونواب كتلة “التنمية والتحرير” من جهة، أو على ألسنة نواب كل من “الجمهورية القوية” أو كتلة “الكتائب اللبنانية” أو عدد من النواب المستقلين والتغيريين من جهة أخرى.


Advertisement

]]>

فنواب محور “الممانعة” قالوا للجميع وبالفم الملآن بأن “السلاح هو زينة الرجال”، وبأن “من يفكرّ بنزع سلاح “حزب الله” عليه أن يفكر ألف مرّة قبل أن يقدم على أي مغامرة ستكون حتمًا مكلفة جدًّا، لأن هذا السلاح لا يزال حاجة وطنية قبل أن يكون حاجة لبيئة “الثنائي الشيعي”، التي تعرّضت لأقسى أنواع الغارات الإسرائيلية المدمرّة”.
في المقابل فإن “النواب السياديين” اعتبروا أن هذا السلاح يجب أن يسلّم إلى الدولة اليوم قبل الغد “لأنه في حال لم يسلّم بـ “الحسنى” فإن أمر نزعه يصبح ضرورة وطنية، لأن مصير الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية مرهونة بهذا الأمر. وإذا بقي هذا السلاح خارج القوى الشرعية فإن الوضع الأمني في البلاد يصبح على كفّ عفريت”.
واستنتاجًا لما تقدّم يمكن القول بأن توقيف بعض “الدواعش” في الضاحية الجنوبية لبيروت يكشف بأن ثمة من لا يزال “يستثمر” بزعزعة الاستقرار الداخلي. وهذه الخلايا، التي كانت “نائمة”، أُعيد تحريكها لأهداف مبيّتة. وقد يكون من بين أهداف اختيار الضاحية الجنوبية منطلقًا لهذه العمليات التخريبية “استفزاز” هذه البيئة، التي لا تزال تحتفظ بسلاحها، وهي الوحيدة القادرة على المواجهة في حال قرّرت هذه الخلايا المواجهة المباشرة عبر اعتمادها طرقًا غير تقليدية في هذه المواجهة.
وقد يكون هذا السبب من بين أسباب كثيرة لإصرار “حزب الله” على الاحتفاظ بسلاحه وعدم تسليمه إلى الدولة، خصوصًا أنه تمّ ربط تحريك هذه الخلايا “الداعشية” بـ “مخططات موسادية”.
ولكن هذا الأمر على خطورة ما يخفيه من أهداف لم يمنع “القوى السيادية” من الذهاب بعيدًا في تفسيراتها، ومن بينها أن القوى الشرعية هي من كشفت ما كانت تخطّط له هذه الخلايا، وأنها هي من قامت بعملية الدهم والقاء القبض على أفراد هذه العصابة التخريبية. ولولا هذا التحرّك السريع للجيش بمختلف قطاعاته المتكاملة الأدوار من حيث العمل الأمني الاستباقي، الذي يعتمد على ما توصّلت إليه الأجهزة الاستخبارتية من تقنيات حديثة تمكّنها من التحرّك قبل الحدث في خطوة استباقية، لاستطاعت هذه الخلايا تنفيذ ما كانت تخطّط له تمامًا كما فعلت في تفجير كنيسة مار الياس في دمشق.
ومن بين التفسيرات الكثيرة التي تعطيها هذه القوى لإصرار “حزب الله” على الاحتفاظ بسلاحه حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولًا، أن “الحزب” المجرّد من هذا السلاح عشية الانتخابات النيابية لن يستطيع أن يحصل على النتيجة ذاتها التي سبق له أن حصل عليها في السنوات السابقة، والتي كان السلاح سببًا رئيسيًا لاحتفاظ “الثنائي الشيعي” بـ 27 نائبًا شيعيًا “صافي” الانتماء، حيث تمّ استثمار “هذا الصفاء” في أكثر من مناسبة، ولعل أهمّ هذه المناسبات الاستحقاق الرئاسي بمرتبته الثانية، وتاليًا الحفاظ على الموقف الشيعي الثابت في الاستحقاقات الدستورية، وبالأخص في ما له علاقة بـ “الميثاقية” القائمة على توازنات حسّاسة ودقيقة.
وفي رأي “القوى السيادية” أنه بغض النظر عن سردية ما تقوم به إسرائيل من استهدافات يومية لمخازن هذا السلاح، وما يُربط بعملية التسليم بوقف هذه الاستهدافات وانسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي اللبنانية التي لا تزال تحتّلها إسرائيل، فإن لهذا السلاح دورًا في “اللعبة السياسية الداخلية”، إذ ترى هذه القوى أن “الثنائي الشيعي” غير قادر على الاحتفاظ بنفوذه السياسي البرلماني إذا كان منزوع السلاح، خصوصًا أن بعض القراءات في المشهد الانتخابي البلدي في عدد من المناطق الجنوبية والبقاعية يشير إلى أن “المعارضة الشيعية” آخذة في التمدّد والتوسّع. وهذا الأمر قد أزعج “الثنائي”. وهذا ما يدعوه إلى الاحتفاظ بسلاحه أقله إلى أيار المقبل. وحتى هذا التاريخ يخلق الله ما لا نعلمه.