اي تأثير للضربات الأميركية على إيران على المحادثات مع روسيا؟

8 يوليو 2025
اي تأثير للضربات الأميركية على إيران على المحادثات مع روسيا؟


ذكر موقع “Responsible Statecraft” الأميركي أنه “إلى حد كبير، فاز الرئيس دونالد ترامب بالرئاسة في عام 2024 لأن الناخبين تبنوا رسالته المتمثلة في إبقاء أميركا خارج الصراعات المطولة ووعده بإنهاء الحرب في أوكرانيا. لقد حققت الإدارة تقدما عمليا كبيرا، وخاصة في إعادة فتح قنوات مستقرة للحوار مع روسيا، ولكن ثبت أنه من الصعب التوصل إلى إطار لتسوية تفاوضية تحظى بموافقة كافة الأطراف، أوكرانيا وروسيا وأوروبا. إن التحويل الحاد للموارد الأميركية واهتمامها بالشرق الأوسط يهدد بجعل هدف تسهيل التوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا أكثر صعوبة”. 

وبحسب الموقع، “أثارت الحرب الإسرائيلية الإيرانية موجةً من التكهنات، معظمها لا أساس له من الصحة، حول مصالح روسيا المزعومة في مساعدة “حليفتها” إيران. ولكن في الواقع، لا يوجد أي معنى ملموس لتحالف روسيا العسكري مع إيران. إن مجرد قراءة نص الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وإيران، الموقعة في كانون الثاني 2025، يعني أن الالتزام الأمني الملموس الوحيد للطرفين تجاه بعضهما البعض في حال تعرض أي منهما للهجوم هو “عدم تقديم أي مساعدة عسكرية أو غيرها للمعتدي من شأنها أن تساهم في استمرار العدوان”.”

وتابع الموقع، “رغم أن علاقة موسكو بطهران تتجاوز مجرد الصداقة وتمتد إلى ما هو أبعد في مجالات التعاون الاقتصادي والسياسي، فإنها تشكل جزءاً من مجموعة أوسع من المصالح في الشرق الأوسط والتي تشمل الحفاظ على علاقات بناءة مع إسرائيل والدول العربية. إن فكرة أن روسيا كانت لديها أدنى نية للسماح لنفسها بالانجرار إلى مواجهة عسكرية مع إسرائيل بشأن إيران كانت مبنية على إطار أيديولوجي شائع بين مجموعات فرعية معينة من مجتمع السياسة الخارجية عبر الأطلسي ولكن مع القليل من الارتباط بالواقع، مفاده أن موسكو ملزمة بدعم طهران بحكم الانتماء الاستبدادي المشترك. كما ومن الخطأ الاعتقاد بأن الضربات الأميركية ضد ثلاث منشآت نووية إيرانية أرسلت “رسالة” إلى روسيا حول العزم الأميركي، لأنه ليس من الواضح ما كان من المفترض أن تكون هذه الرسالة”.

وأضاف الموقع، “عندما يتعلق الأمر بالعدوان المحتمل على دول حلف شمال الأطلسي، فليس هناك ما يشير إلى أن الكرملين شكك أو أراد اختبار صدقية الردع المتمثلة في التزام الولايات المتحدة بأحكام الدفاع الجماعي المنصوص عليها في المادة الخامسة من ميثاق الحلف قبل الغارات الجوية الأميركية. وفي ما يتعلق بقضية أوكرانيا، فقد أظهرت الولايات المتحدة مرارا وتكرارا، حتى في ظل الإدارة السابقة التي كانت أكثر استثمارا في انتصار كييف، أنها لن تقاتل روسيا بشأن أوكرانيا. ولكن في ظل التشكك المستمر من جانب مسؤولي البيت الأبيض في فكرة أن المصالح الأميركية الأساسية على المحك في أوكرانيا ورغبتهم في تهدئة التوترات مع روسيا، فمن غير المعقول ولا المستحسن الحفاظ على أي درجة من الغموض الاستراتيجي بشأن احتمال الدخول في أعمال عدائية مباشرة مع روسيا”.

وبحسب الموقع، “علاوة على ذلك، فإن الضربات الإيرانية جاءت في سياق هيمنة التصعيد الأميركية والإسرائيلية، مما مكّن الولايات المتحدة من اغتنام المبادرة الدبلوماسية وتوجيه الصراع إلى نهايته ما أدى إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران بعد اثني عشر يوماً. ولكن مثل هذه الظروف غير موجودة بين روسيا وأوكرانيا، حيث تحتفظ موسكو بالمبادرة في ساحة المعركة وتملك القدرة على تكثيف الحرب أو تهدئتها حسبما تراه مناسبا. ومع ذلك، فإن للعلاقة بين روسيا وإيران أهمية من جوانب أخرى، فمن المؤكد أن مسؤولي الكرملين توصلوا إلى استنتاج مفاده أن البيت الأبيض كان على علم بقرار إسرائيل مهاجمة إيران، وأنه استغل جولات سابقة من المحادثات النووية مع طهران لتهدئة القيادة الإيرانية وإعطائها شعورًا زائفًا بالأمن”. 

ورأى الموقع أن “أفضل طريقة لتبديد هذا الشعور المستمر بالقلق هي بذل جهد لإعادة إشراك إيران في مفاوضات جوهرية. وبقدر ما تشارك روسيا، وتستطيع المساهمة، في تحقيق هدف الولايات المتحدة المتمثل في التوصل إلى إطار عمل سلمي لإيران خالية من الأسلحة النووية، ينبغي على الإدارة الأميركية النظر في قبول عرض بوتين بدعم المحادثات مع إيران. روسيا منخرطة بالفعل بعمق في المنطقة، بما في ذلك، بحسب التقارير، مفاوضات سرية مع إسرائيل بشأن إيران وسوريا. إن استغلال مثلث موسكو-طهران-القدس كعامل لإحياء المحادثات النووية الإيرانية لا يعزز المصالح الأميركية في الشرق الأوسط فحسب، بل يُرسي روابط أوسع بين الولايات المتحدة وروسيا، ويمكن أن يُولّد زخمًا دبلوماسيًا إيجابيًا نحو تسوية تفاوضية بشأن أوكرانيا”.

وبحسب الموقع، “إن الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لمساعدة أوكرانيا منذ عام 2022، هي برنامج المساعدات الأكثر طموحا على الإطلاق الذي تقوم به دولة غير محاربة نيابة عن دولة ثالثة ليس لديها التزامات رسمية تجاهها. لا يزال الانخراط الأميركي في عملية السلام بالغ الأهمية لأوكرانيا وللتحديات الأوسع نطاقًا المحيطة بالأمن الأوروبي. تحتاج كييف وشركاؤها الأوروبيون، الآن أكثر من أي وقت مضى، إلى التوصل إلى مجموعة من المقترحات الأولية لإنهاء الحرب، والتي يمكن أن تضمن دعم الولايات المتحدة، وتكون بمثابة نقطة انطلاق لإعادة محادثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة بين روسيا وأوكرانيا إلى مسارها الصحيح”.