أعلنت إسرائيل المضي قدماً في خطط بناء 3401 وحدة سكنية جديدة في الضفة الغربية ضمن مشروع E1، الذي يربط القدس بمستوطنة معاليه أدوميم، ويُنظر إليه كخطوة تجعل إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافياً شبه مستحيلة.
وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش وصف المشروع بأنه سيقضي على فكرة الدولة الفلسطينية “إلى الأبد”، معتبراً أنه رد على موجة الاعترافات الدولية بدولة فلسطين. المشروع، المجمد منذ عقود بسبب المعارضة الدولية، سيُعرض للموافقة الأسبوع المقبل.
الخطوة أثارت ترحيب قادة المستوطنين، ورفضاً فلسطينياً حاداً، إذ وصفتها رئاسة المجلس الوطني الفلسطيني بأنها “خطة ممنهجة لسرقة الأرض وتهويدها”. منظمات إسرائيلية مثل “السلام الآن” و”عير عميم” حذرت من أن المشروع يرسخ الاحتلال ويقوض حل الدولتين، فيما اعتبره الاتحاد الأوروبي وبريطانيا انتهاكاً للقانون الدولي.
بينما الولايات المتحدة امتنعت عن الإدانة المباشرة، مكتفية بالتأكيد على “ضرورة الاستقرار في الضفة الغربية”، وربطت موقفها بأهداف إنهاء الحرب في غزة وتحرير الرهائن وتسهيل المساعدات الإنسانية.
احتفل يسرائيل غانتس، رئيس المجلس الاقليمي للمستوطنات “يشع” ، الذي يدافع عن المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية ومرتفعات الجولان المحتلة وغزة، بهذه الخطط.
وقال غانتس: “نحن في صباح تاريخي يقربنا خطوة إضافية نحو تحقيق رؤية السيادة، نحن نمارس حقنا التاريخي في أرض أجدادنا”.
وانتقدت رئاسة المجلس الوطني الفلسطيني التقدم المحرز في المشروع، ووصفته في بيان بأنه “خطة ممنهجة لسرقة الأرض وتهويدها وفرض حقائق توراتية وتلمودية على الصراع”.
وقال رئيس المجلس روحي فتوح إن “الخطة الاستعمارية تندرج ضمن سياسة الضم التدريجي للضفة الغربية، والتي تصاحبها عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين”.
كما انتقدت منظمة “السلام الآن”، وهي منظمة إسرائيلية معنية بمراقبة الاستيطان، الخطة بشدة، معتبرةً إياها “قاتلة لمستقبل إسرائيل ولأي فرصة لتحقيق حل الدولتين سلميًا”.
وأضافت، في بيان: “نحن نقف على حافة الهاوية، والحكومة تدفعنا للأمام بأقصى سرعة. هناك حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني وللحرب المروعة في غزة- إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل- وسيأتي في النهاية، إن خطوات الضم التي اتخذتها الحكومة تبعدنا أكثر عن هذا الحل وتضمن سنوات طويلة أخرى من سفك الدماء”.
وحذرت منظمة “عير عميم”، وهي منظمة إسرائيلية تراقب التطورات في القدس ومحيطها، من أن “المستوطنات اليهودية في المنطقة E1 ستُرسخ احتلال إسرائيل للضفة الغربية بشكل دائم، مما يخلق واقعًا من الفصل العنصري، كما سيؤدي ذلك إلى تدهور سريع وحاد في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين، مما سيؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار والعنف”.
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن المملكة المتحدة “تعارض بشدة” هذه الخطط، التي وصفها بأنها “انتهاك صارخ للقانون الدولي”، وأضاف، في بيان: “يجب وقف هذه الخطط الآن”.
وحثت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إسرائيل على التوقف، قائلةً إن الخطة “تقوض حل الدولتين بشكل أكبر”.
وقالت كالاس، في بيان، إن “سياسة الاستيطان، إلى جانب عنف المستوطنين والعمليات العسكرية تؤجج وضعًا متوترًا بالفعل على الأرض وتزيد من تآكل أي إمكانية للسلام”.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية: “إن استقرار الضفة الغربية يحافظ على أمن إسرائيل، ويتماشى مع هدف هذه الإدارة في تحقيق السلام في المنطقة”.
وأضاف: “ما زلنا نركز على إنهاء الحرب في غزة، وضمان عدم عودة حماس إلى حكم غزة، وتحرير الرهائن، بمن فيهم رفات أمريكيين اثنين، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية الضرورية”.
هل ما تفعله إسرائيل قانوني؟
تُعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية غير قانونية بموجب القانون الدولي.
وعززت الأمم المتحدة هذا التصنيف في 2016 بقرار مجلس الأمن رقم 2334، الذي أعلن أن المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة تُشكل “انتهاكًا صارخًا” للقانون الدولي، وأنها “ليست لها أي شرعية قانونية”.
لكن هذا القرار، وقرارات أخرى عديدة تعود إلى عقود مضت، لم تُسهم كثيرًا في وقف التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، الذي نما بسرعة في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وخلال إدارة ترامب الأولى، عكست وزارة الخارجية السياسة الأمريكية الراسخة، وقررت أن المستوطنات “لا تتعارض” مع القانون الدولي، أما إدارة الرئيس السابق جو بايدن، فقد أبقت على هذه السياسة كما هي.
وفي أعقاب الهجوم الذي قادته حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول 2023، سارعت حكومتها بشكل كبير إلى تسريع وتيرة بناء المستوطنات.
وفي أيار، وافقت إسرائيل على أكبر توسع للمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية منذ توقيع اتفاقيات أوسلو قبل أكثر من 30 عامًا.
وأعلن مجلس الوزراء الأمني المصغر (الكابينت) أنه سيُنشئ 22 مستوطنة جديدة، بعضها في عمق الضفة الغربية وفي مناطق انسحبت منها إسرائيل سابقًا.
وندد متحدث باسم السلطة الفلسطينية بالخطة ووصفها بأنها “تصعيد خطير وتحدٍّ للشرعية الدولية والقانون الدولي”. (CNN)