أزمة بنزين ومازوت تلوح في الأفق!

4 يناير 2020
أزمة بنزين ومازوت تلوح في الأفق!

تحت عنوان: “مجدداً.. أزمة بنزين ومازوت تلوح في الأفق”، كتبت عزة الحاج حسن في “المدن”: عندما أكدت وزيرة الطاقة في حكومة تصرف الأعمال، ندى البستاني، في 9 كانون الأول الفائت، أن لبنان لن يشهد مجدّداً أزمة بنزين، لم تكن تدرك حينها أنها تتعامل مع تجمّع يضم “تماسيحَ” كبرت على جني أرباح من دون سقوف، وترعرعت على كسر شوكة الدولة على مدار عقود، تناوب خلالها وزراء طاقة، من مختلف التيارات السياسية، وإن كان للتيار الوطني الحر حصة الأسد فيها.
فتجمع الشركات المستوردة للنفط الذي افتعل أزمة المحروقات الأخيرة، وأمعن في إذلال المواطنين على مدار أكثر من 48 ساعة، مطلع شهر كانون الأول الفائت، في محاولة منه للتنصّل من الالتزام بسداد 85 في المئة من قيمة الشحنات بالليرة اللبنانية و15 في المئة بالدولار، وتحميل الموزعين والمحطات مسؤولية سداد قيمة الـ15 في المئة من البضائع بالدولار، بخلاف ما يفرضه جدول تركيب الأسعار الصادر عن وزارة الطاقة، والقاضي بتسليم المحروقات بالليرة اللبنانية فقط.. تنازل حينها عن تعنّته، ووافق على الحل الوسطي المطروح من قبل الوزيرة البستاني، وهو توزيع أعباء الـ15 في المئة على جميع الأطراف. ولكن منذ ذلك الحين وحتى اليوم، لم تلتزم جميع الشركات المستوردة بالاتفاق الوسطي، وهو ما يهدّد بوقوع أزمة بنزين جديدة.

إخلال بالاتفاق
الاتفاق الوسطي الذي جرى في شهر كانون الثاني، قضى حينها بتحمّل الجميع عبء الـ15 في المئة من ثمن البضاعة بالدولار. فساهمت محطات المحروقات بـ475 ليرة، والصهاريج ساهمت بـ40 ليرة، وشركات التوزيع بـ 100 ليرة، وشركات الاستيراد بـ 150 ليرة فقط، شرط أن يسلّموا البضاعة بالليرة اللبنانية بنسبة 100 في المئة. علماً أن من مسؤولية الشركات المستوردة تحمّل أعباء الـ 15 في المئة من قيمة البضاعة بالدولار، مع الالتزام بالبيع بالليرة اللبنانية فقط. لكن، ورغم مساهمة الجميع بتحمّل الأعباء، لم تلتزم غالبية الشركات بالاتفاق، وفق مصدر موثوق لـ”المدن”، ومنها شركات توتال وكورال ويونايتد وغيرها. ولا زالت حتى اليوم تسلّم المحطات نسبة 15 في المئة من البضاعة بالدولار وليس بالليرة.

وتعليقاً على إخلال عدد من الشركات بالاتفاق الوسطي، لفت عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات، جورج البراكس، في حديث إلى “المدن”، إلى أن الدولة عاجزة عن حماية حقوق الطرف الأضعف، وخاضعة لإرادة الشركات المستوردة، التي  تتطاول على حقوق المحطات وتخالف قرار الوزارة، كما تخالف تعميم مصرف لبنان. علماً أن الشركات تستورد ما يفوق 2 مليار دولار سنوياً، ويمكنها تحمّل تراجع أرباحها بنسبة طفيفة.

أزمة مرتقبة
ومع تنصّل عدد من الشركات المستوردة من الاتفاق، بدأت شركات أخرى داخل التجمّع بالتململ من الاتفاق. وحسب المصدر، باتت فكرة تراجع التجمّع عنه رسمياً، والعودة إلى تحميل عبء الـ15 في المئة كاملة للمحطات أمراً وارداً. وهو ما يُنذر بوقوع أزمة محروقات من جديد، لاسيما أن المحطات تتهيأ لتنفيذ إضراب شامل، في حال لم يتم التزام الشركات كافة بالاتفاق السابق.

وقد أعرب البراكس عن تخوّفه “من وقوع الأزمة من جديد، في ظلّ إصرار الشركات المستوردة على تسليم المحروقات بالدولار وتهرّبها من التزاماتها مع باقي أطراف القطاع، على الرغم من مساهمة المحطات بنحو 475 ليرة من جعالتها، التي كان من المفترض أن تكون على حساب الشركات. وأي خلل في هذا الإطار سيؤدي إلى عودة الأزمة من جديد”.

أزمة مازوت
وللمازوت قصة أخرى. فالشركات تصرّ على تقاضي 15 في المئة من قيمته بالدولار، وتحميل الأعباء للمحطات التي يحمّل بعضها العبء للمواطن. فتعمد العديد من المحطات لاسيما الكائنة في المناطق الجبلية، حيث الطلب مرتفع على المازوت، إلى بيعه بأعلى من تسعيرته بنسبة تقارب 19 في  المئة.

فغالبية المحطات في مناطق البقاع الأوسط والشمالي والجبل تسعّر صفيحة المازوت بـ21 ألف ليرة، علماً أن السعر الرسمي للصفيحة- حسب جدول تركيبة الأسعار، الصادر عن وزارة الطاقة والمياه- يبلغ 17800 ليرة لبنانية. ما يعني أن المحطات تحقّق أرباحاً إضافية عن كل صفيحة مازوت لا تقل عن 3200 ليرة، بصورة غير قانونية.

وتبقى فضيحة الفضائح تسلّم الشركات المستوردة لنحو 90 في المئة من كميات المازوت التي تستوردها الدولة، وتخزنها في منشآت الزهراني وطرابلس، والتي تسد نحو 35 في المئة من حاجة السوق، وتبيعها بدورها (أي الشركات) للموزعين والمحطات على أساس 85 في المئة منها بالليرة و15 في المئة بالدولار!