تحت عنوان: “حكومة دياب: الظروف لا تحتمل “ترف” تأخير ولادتها”، كتب عبدالكافي الصمد في “سفير الشمال”: بات مشهداً مألوفاً أن يتجمّع بعض المتظاهرين أمام منزل رئيس الحكومة المكلف حسان دياب في تلة الخياط، بالعاصمة بيروت، كلما شاع الحديث عن اقتراب موعد إصدار دياب تشكيلته الحكومية، في محاولة من المتظاهرين، الذين ينتمون بأغلبيتهم إلى تيار المستقبل، للضغط على دياب من أجل الإعتذار عن مهمة تأليف الحكومة، على أمل أن يؤول أمر التكليف مجدّداً إلى زعيمهم الرئيس سعد الحريري.
غير أن ما بات مؤكداً أن الحريري الذي استقال من رئاسة الحكومة في 29 تشرين الأول الماضي، وأعلن اعتذاره عن قبول مهمة التكليف مجدداً في 17 كانون الأول الماضي، يعرف أكثر من غيره أن عودته إلى السرايا الحكومي مرة أخرى ليست قريبة، وأن خروجه منها لا يملك أمر عودته إليها، لأن القرار في ذلك خارجي أكثر منه داخلي، خصوصاً بعدما تمسّك خصومه قبل حلفائه ببقائه على رأس الرئاسة الثالثة.
على هذا الأساس يبدو حراك الشارع المستقبلي في وجه دياب، ولو تلطى هذا الحراك الأزرق وراء الحراك الشعبي، لزوم ما لا يلزم، وهو لن يقدم أو يؤخر في الأمر شيئاً، وهو أمر يدركه المعنيون في تيار المستقبل أكثر من غيرهم، الذين راهنوا على أن تبقيهم التسوية الرئاسية في السرايا الحكومي طيلة عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، الممتدة ست سنوات، لكن حساب بيدرهم لم يطابق حساب حقل التطورات والمتغيرات في لبنان والمنطقة.
يوم تكليف دياب الذي جاء بعد احتراق وسقوط أسماء كثيرة في اختبارات تمهيدية قبل الرسو على إسمه، كالوزيرين السابقين محمد الصفدي وبهيج طبارة والمهندس سمير الخطيب، جاء إسم دياب ليقفل باب الإختبارات، وليبدأ مسار التكليف وينتهي على النحو الذي آل إليه، والذي يعمل القائمون على مسار التأليف أن يلقى مصير التكليف نفسه، وأن تصدر مراسيم تشكيل الحكومة قريباً، ولو تأخرت بعض الشيء.
في هذه الأثناء يسود في الأوساط السياسية إنطباع مختلف حيال دياب، وهو وإنْ لم يكن إنطباع إيجابي، فإنه بالتأكيد ليس سلبياً، وإن كان هناك بعض التحفظات والملاحظات عليه، فهذا الرجل الذي فضّل العمل بصمت منذ اليوم الذي كلف فيه، يعمل شكلاً على تأليف حكومة لا يزيد عدد وزرائها على 18 إلى 20 وزيراً على الأكثر، بعدما رفض إدخال وزراء دولة إلى حكومته، ودمج وزارات بأخرى واستبعد وزراء الحكومة السابقة كافة؛ وهو يعمل مضموناً على إدخال أسماء لا يشكّل توزيرها إستفزازاً لأي طرف، سواء كان سياسياً أم في الحراك الشعبي، عدا عن أنه يتمسك بأن يكون هؤلاء الوزراء ممن يملكون خبرة وأصحاب اختصاص.
هذا الإنطباع لا يتوقف عند هذا الحد، إذ بات أهل السلطة جميعهم يدركون أن الظرف لم يعد يحتمل “ترف” إضاعة المزيد من الوقت، لأن اعتذار دياب سيعيد الأمور إلى نقطة الصفر من جديد، وسيجعل التجاذب السياسي حاداً، مع ما يحمله ذلك من مخاطر ومن تردّي الأوضاع الإقتصادية والمالية أكثر، وفي ضوء التوتر الكبير في المنطقة بين الولايات المتحدة وإيران، وعليه فإن إصدار مراسيم تأليف الحكومة الجديدة بات ملحاً أكثر من أي وقت مضى.