ما لم يقله باسيل عن مغارة الإتصالات: إخبار إلى النيابة العامة

9 يناير 2020
ما لم يقله باسيل عن مغارة الإتصالات: إخبار إلى النيابة العامة

كتب الناشط السياسي طارق عمار: عند سؤاله حول التوظيفات والزيادة غير المسبوقة في شركتي الخليوي في عهد نقولا صحناوي، برأ الوزير جبران باسيل نائبه في “التيار”، متهمًا القيادي العوني السابق زياد عبس بما حصل من تجاوزات في وزارة الإتصالات في عهد صحناوي.
وفي الوقائع، الوزير نقولا صحناوي هو أول وزير إتصالات يحمل الدولة المصاريف التشغيلية (Opex) بدلاً عن الشركتين المشغلتين فيما كانت الدولة تتحمل المصاريف الإستثمارية لتطوير الشبكة فقط. ومنذ ذاك الحين أصبحت شركتا ألفا وتاتش مزرابًا للصرف من مدخول الدولة من دون الحاجة للمرور بأجهزة الدولة الرقابية والإجراءات المعمول بها في إنفاق مئات ملايين الدولارات سنويًا.
إعترف باسيل بتوظيف 8 أشخاص فقط فيما المسؤولية الباقية تقع على زياد عبس ناسيًا أن عبس لم يكن وقتذاك قد ترك التيار، وبالتالي كان حزبياً عند حصول واقعة التوظيف. هذه التوظيفات التي سخفها باسيل ليست بسيطة، فقد إرتفع بند الرواتب في شركة تاتش على سبيل المثال بين عامي 2010 و 2013 من 16 مليون دولار إلى 30 مليون دولار عندما أصبحت الدولة تتحمل المصاريف التشغيلية. واللافت أنه وبالرغم من تضاعف عدد الموظفين، تم التعاقد لإستدراج خدمات مشغلين خارجيين ليرتفع هذا البند من صفر إلى 2 مليون دولار سنويًا منها مثلا خدمات شركة تاكسي (le Taxi ) لنقل الموظفين والتي أسسها عبس بينما سيارات الشركة مركونة، ليعود وينخفض بند العقد الخارجي بعد خروج صحناوي وعبس. وقد تم توزيع مكافأة على مجلس الإدارة بقيمة 15 مليون دولار دفعة واحدة عدا عن شراء 6 سيارات رباعية الدفع لزوجاتهم بقيمة 330 ألف دولار علمًا أن لكل عضو سيارة مستأجرة أخرى بقيمة 1200 دولار شهريًا وبدل نقل.
أما المصاريف من خارج بند الموظفين والإدارة والنقل فقد قفرت هي الأخرى. وعلى سبيل المثال، إرتفعت مصاريف إيجارات مواقع الإرسال من 7 مليون دولار إلى 11 مليون، ومصاريف مازوت لزوم مولدات الكهرباء من 4 مليون دولار إلى 11 مليون والكهرباء الإضافية (من موردين جدد) من مئة ألف دولار إلى 2 مليون دولار. والأنكى إنفاق 11 مليون دولار لقاء رعاية وتسويق، خلافًا للقانون التشغيلي للشركتين الذي يحصر الإنفاق الإعلاني على حملات التوعية ويمنع التنافس بين الشركتين كونهما مملوكتين لنفس الجهة أي الدولة. وفي نفس مدة إنفاق 11 مليون تم تأسيس عدد من الجمعيات الأهلية التي لا صفة لها خاصة في الاشرفية. وهناك مشتريات غريبة لا تحصى وقعها الوزير صحناوي بنفسه كونها خارج ميزانية الشركة مثل شراء مئات الأجهزة من الموبايل والتابلت وإلى ما هنالك فاقت النصف مليون دولار في عملية شراء واحدة، اي بشحطة قلم من الوزير!
الفضيحة التي ظهرت على الإعلام وتم لملمتها مع كل ملف شركات الخليوي ويختصر الكثير من الفساد هو توقيع عقد إيجار مبنى في منطقة الشياح عام 2012، بعد أن تم أخذ القرار بتحميل الدولة عبء المصاريف التشغيلية، بقيمة 38 مليون دولار على أن تدفع 6 ملايين عند التوقيع، علمًا أن المبنى غير صالح للإستخدام بسبب تعرضه للقصف الإسرائيلي وبالفعل وبالرغم من قيام تاتش بدفع ملايين الدولارات سنويًا بدل إيجار المبنى لم تستخدمه إطلاقًا بسبب دراسة قامت بها شركة خطيب وعلمي أظهرت عدم صلاحيته. ولم يتحمل أحد مسؤولية إنفاق الملايين من المال العام لمصلحة مالك المبنى السيد كاسابيان.
والفضيحة الأكبر التي لم يتم التحدث عنها بالإعلام ولا أي مسؤول أو وزير هي في إنتقال شركة تاتش من موتورولا وسيمنز إلى هواوي الصينية. هذه العملية التي كلفت نفقات إستثمارية لا يعرف أحد سببها بأكثر من 40 مليون دولار تم شراءها بسعر يفوق 50% عن أسعارها العالمية. ولدي الملف الكامل في حال أراد المدعي العام المالي التحقيق في الموضوع.
الخليوي الذي كان يمثل أحد اهم مصادر الدخل للدولة اصبح بعد الإصلاح والتغيير مزرابًا للهدر من المال العام وسميت وزارة الإتصالات بالوزارة التي تبيض ذهبًا ليس عن عبث بل بسبب تغيير عقد التشغيل لتتحمل الدولة الإنفاق. تحدث الوزير بطرس حرب فور تسلمه الوزارة من صحناوي عن فضيحة بستمئة مليون دولار وكذلك فعل النائب السابق ميشال فرعون في حملته الإنتخابية، وجاء وزير ثالث هو جمال الجراح ومن ثم محمح شقر غير أن أحدًا لم يجد فاسدًا. عندما يتفوه رئيس حزب ويتهم أحد رفاق الأمس في حزبه، علينا أن نتأكد أن خلف ذلك محاولة إخفاء ما هو أكبر.