إذا أردنا أن نستذكر في كل ذكرى من مطلع كل عام مآثر الياس الرحباني على الموسيقى بشكل كامل، نبقى طوال العمر في هذا الإستذكار ولا نفيه حقه. هو موسيقار الأكوان، وملك الميلوديا، وصاحب الشمولية اللا محدودة في الموسيقى.
منهجية التفكير الخاصة به لم تٌتح له حتى إمكانية معرفة نفسه في شموليته، إذ إستطاع أن يدخل بموهبته إلى كل مجالات الموسيقى في العالم، وجارى في موسيقاه كل الأجيال الموسيقية. كان يدخل إلى عقول المستمعين الشباب المنساقين وراء الموسيقى الريتمية الراقصة، فيحيك ما يناسب الجو مع الحفاظ على التأليف الموسيقي.
تاريخه يشهد. لو بقي اليوم بيننا، ومهما ظهر من تحديات جديدة طارئة على الموسيقى حتى من الأجيال الأكثر يفاعة، لجاراها وحاكاها. هو النهر الغزير الذي لا ينشف، وما كان ينوي فعله وما كان بحوزته يحتاج إلى عمر ثانٍ حتماً.
أسلوب الياس الرحباني العالمي ألغى جغرافية الموسيقى. موسيقاه اجتازت السحب ووصلت إلى جميع الفئات العمرية والشعوب. كان يغزل وينسج الموسيقى بحنكة وفذاذة لا مثيل لهما. فكل أعماله في شتى المجالات، الفنية، والسياسية، والإذاعية…. الشرقية والغربية، أثرّت بشكل كبير وبشكل أكبر من أي كان على الجماهير، ولا تزال لغاية اليوم وتبقى إلى الأبد.
موسيقاه تتناغم في الآذان وأغانيه تتردد على كل شفة ولسان بشكل يومي. ولعلَّ ما قدَّمه ولده غسان والكونسرات التي أحياها في سوريا والسعودية، خير دليل على أثر والده. رحل الياس الرحبانب، لكنه ترك الشعلة لغسان وجاد لينيرا سماء الموسيقى بأضواء ألحانهم وكلماتهم.