استضافت ندوة “حوار بيروت” عبر أثير إذاعة لبنان الحر، من مقر الإذاعة – أدونيس، مع المعدة والمقدمة ريما خداج، بعنوان “جردة إقتصادية لأبرز محطات العام 2018 مع نهاية هذا العام”، الوزير الأسبق للمال، د. دميانوس قطر.
في بداية الندوة، قال د. دميانوس قطر “كمراقب مستقل عن السلطة السياسية، أعتقد ان العام 2019 لن يشهد ما يسمى بالإنهيار الإقتصادي، فالعام المقبل سيكون أكثر شدّة وصعوبة، ولكن لن يكون هناك إنهيار إقتصادي. فهناك فرق بين الإقتصاد والنظام المالي، فالإقتصاد عادة لا ينهار بشكل مفاجىء، بينما من الممكن ان يحصل ذلك في النظام المالي، وبحسب مراقبتي، لا أرى أي مؤشرات لأي إنهيار في النظام المالي، فهناك مؤشرات تظهر صعوبات مستجدّة في النظام المالي، مثل عدم نمو الودائع بالوتيرة نفسها. ولكن لا يوجد مؤشر لإنهيار هذا النظام”.
وتابع “نحن إقتربنا من ربع قرن تقريبا من الإعتماد على النظام الإقتصادي القائم، والذي لا يختلف كثيرا عن النظام الإقتصادي العالمي، فالنظام العالمي تحول في السنوات الـ 35 الماضية، وأصبح من يمتلك القدرة المالية هو القادر على تحقيق الربح الأكبر، ليس بالإنتاج وليس بالعمل، إنما بمفهوم الثروة الريعية. فمؤشر الربح الريعي هو من اوصل العالم إلى الكساد الحالي، فالعالم يعاني اليوم من ازمة كبيرة، ونحن جزء من هذه الأزمة. لا يمكن ان ننظر للإقتصاد داخليا فقط، بل يجب أن ننظر له بشموليته”.
وأكد “ان لا إنهيار بالنظام المالي، بل على العكس هناك بعض المؤشرات الجيدة رغم الضغط، والفوائد تتجه للإرتفاع. وعلى الرغم من عدم نمو الودائع بالوتيرة نفسها، إلا أن مصرف لبنان قادر على إنتهاج هندسات مالية لتاجيل الآجال أكثر. ولكن في الواقع الإقتصادي سنشهد في 2019 ازمة اكبر لجهة إنكماش السيولة، ولإنخفاض مفهوم الصادرات والإنتاج”.
وفي سؤال للزميلة خداج عن الظروف التي قد تؤدي إلى سقوط العملة او تراجعها، قال د. قطّار “العملة هي جزء من النظام المالي، ولكنها ليست كل النظام المالي. ففي عام 1993 تم إتخاذ قرار إستراتيجي بتثبيت سعر الصرف، خاصة ان لبنان بلد يستورد، وبالتالي يجب ان يكون هناك قيمة شرائية مستقرة لشعب خرج لتوه من الحرب والدمار. وكان هذا القرار من المفترض أن يكون لوقت محدد، ولكن للأسف لم يحصل الإنتقال من تثبيت يهدف إلى بداية نوعية حياة وربطها فيما بعد بالإنتاج، بل إستمر ربط موضوع تثبيت صرف العملة بمبدأ سياسي نقدي حتمي، بعيدا عن الإرتباط الإقتصادي. ولهذا السبب لا يوجد خوف، فحتى لو تدهور الإقتصاد بشكل اكبر، من الممكن أن لا تتدهور العملة. فطالما إستمرت المؤشرات السياسية بالدفع نحو حماية العملة الوطنية، وطالما ان المؤشرات التقنية تثبت قدرتنا على الدفاع عن العملة، فإن العملة لن تنهار”.
ولفت إلى أن “الناس اليوم مأزومة بدون شك، وعام 2019 من الواضح أنه سيكون أصعب، ولكن على الرغم من العمل السياسي الخجول، والإشكالات الامنية الكبيرة، والمشاكل السياسية المتكررة، تمكن اللبناني من الصمود في 2018، وهذا امر مشرّف للبنان، خاصة بالمقارنة مع محيطنا. فنحن صمدنا وتخطينا الكثير من الامور، ولكن مشكلتنا الوحيدة اليوم هي ان من يتعاطون الشأن العام في لبنان، ليس لديهم نفس الشعور بالخطر والاولويات كعامة الشعب، وهذا الامر يخلق نوع من الشرخ بين حركة الناس في الشارع، ومفهوم الضبط الذي تمارسه القيادات السياسية والحزبية على جماهيرها. فالإنتخابات النيابية أثبتت ان هناك 50% من هذا الجمهور مضبوط في لبنان، في حين هناك 50% أخرى غير مضبوطة من قبل الاحزاب السياسية. وأنا أرى ان عام 2019 سيمر كما مرّ العام 2018، ربما بضغوط أكبر، ولكنه سيمر دون إنهيار”.