سلامة: الفوائد المرتفعة هدفها عدم تهريب الأموال خارجا

24 أكتوبر 2018

إجتمع مجلس إدارة تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم برئاسة فؤاد زمكحل، بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة في مقر الحاكمية بمصرف لبنان. وكان عرض للأوضاع المصرفية والمالية في لبنان والمنطقة، وأثر الأزمات الإقتصادية المحلية، الإقليمية والعالمية وتداعياتها على رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم.

وفي هذه المناسبة، أشاد حاكم مصرف لبنان بـ”جهود التجمع اللبناني العالمي برئاسة الدكتور فؤاد زمكحل في سبيل المحافظة على الإقتصاد اللبناني وصموده في وجه الأزمات الداخلية والخارجية، ولا سيما القطاع الخاص الذي يصمد رغم الازمات المتتالية”.

وقد شارك في الإجتماع، أعضاء مجلس الإدارة وهم: الأمين العام إيلي عون، أمين المال الشيخ فريد الدحداح، القنصل جورج الغريب، إيلي أبو جوده، إلياس ضومط، فادي حبيب سماحة، روني عبد الحي، ربيع إفرام، رونالد فرا، جو كنعان ونديم حكيم.

زمكحل
بدءا، تحدث زمكحل فقال: “إن إجتماعنا اليوم مع سعادة الحاكم رياض سلامة يأتي في سياق تأييدنا له باسم رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم، ودعمنا المطلق لمصرف لبنان الذي هو ركن اساسي لاقتصادنا وبلادنا. ويأتي تأييدنا هذا ليس حيال سعادة الحاكم سلامة فقط، إنما حيال مؤسسة مصرف لبنان المركزي ككل الذي يمثل العمود الفقري لإقتصادنا وبلدنا”.

أضاف: “لقد فوجئنا بالهجوم المبرمج والممنهج الموجه ضد حاكمية مصرف لبنان، ونتساءل ما هو أساس وأهداف هذا الهجوم الهدام لإقتصادنا وبلادنا؟ في هذا السياق، لن نقول أنه ينبغي أن يكون الجميع دائما موافقين على السياسة النقدية التي يتخذها مصرف لبنان المركزي، لكن في الوقت عينه نقول إنه يمكن أن نناقش هذه السياسات المالية ضمن مجالسنا الإقصادية وفي إجتماعات بناءة وشفافة وفي تبادل للاراء الإيجابية في المنصات الاقتصادية وليس عبر وسائل الاعلام، والإتهامات والشائعات المضرة لإقتصادنا وإستقرارنا”.

وتابع : “إن الحملة المبرمجة ضد الحاكمية في نظرنا هي ليست ضد شخص الحاكم أو السياسة المالية التي ينتهجها فحسب، ولكن ضد لبنان وإقتصاده وإستقراره. لكنكم لم تهتزوا، وبقيتم حاملين لواء حماية لبنان ومؤسساته المالية والمصرفية. فرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم يرون أن أي هجوم عليكم هو هجوم عليهم، وهو يأتي في سياق كمن يصوب البندقية على قدميه. فنحن في لبنان لدينا مؤسسة ناجحة جدا هي مصرف لبنان المركزي إلى جانب مؤسسة الجيش، ومن واجبنا أن نكون إلى جانب سعادة الحاكم سلامة في وجه أي هجوم يتعرض له لأنه حامي الإقتصاد الذي هو العمود الفقري للإقتصاد. فكل حجرة ترمى على مصرف لبنان، هي صخرة تضرب على المؤسسات اللبنانية في لبنان والعالم وعلى كل الرياديين وعلى رجال وسيدات الاعمال اللبنانيين في العالم. لذا إننا نقول اليوم، إن أي خضة مالية تهدد الإستقرار المالي سيدفع ثمنها لبنان وإقتصاده وكل اللبنانيين وكل الشركات، وحتى الأحزاب والسياسيين. فعوضا عن التدمير الذاتي لبعضنا البعض علينا أن نضافر الجهود، ونعمل يدا بيد على حماية ما يمثل إستقرارنا الإقتصادي والنقدي والمالي”.

وقال: “لقد عرضنا في هذا الاجتماع كل هواجسنا للحاكم، ومشكلاتنا الكبيرة وتكلمنا بكل شفافية في الأمور الإيجابية والسلبية التي يعانيها رجال وسيدات الاعمال اللبنانيين في العالم، لكن في جو إيجابي وإحترام كل الاراء، وتبادل الأفكار وطرح الحلول وليس بجو تخريبي أو تصادمي. كذلك تكلمنا عن السيولة في الإقتصاد اللبناني ولا سيما حيال الاموال التشغيلية، ونحن كرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم أبدينا إرتياحنا بعدما عرفنا أن أدوات التصنيف الدولية أبقت على التصنيف الإيجابي للبنان، وهذا يعني ان كل ما حكي عن شائعات في هذا المجال أثبتت أنها مبرمجة وزائفة. كما تحدثنا مع الحاكم عن السبل حيال أن نقوم بنقل قسم من الديون الى إستثمارات في رأس المال، وتمنينا تشكيل الحكومة بغية تنفيذ مشروعات “سيدر” الذي يهدف إلى جذب الإستثمارات الخارجية وإعادة النمو الذي هو الحل الوحيد للحد من مشكلة العجز المزمن”.

وإذ لفت زمكحل باسم المجتمعين الى أن “لبنان ولا سيما الإقتصاد اللبناني يمران في ظروف صعبة”، قال: “بالنا كرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم قلق على المستقبل، الذي يبدو حتى الآن من دون أفق. فلا نزال موعودين بنتائج مؤتمر “سيدر” (الذي إنعقد في مطلع نيسان 2018 في العاصمة الفرنسية باريس ونجم عنه قروض وهبات بنحو 11 مليار دولار). علما أننا لسنا متأكدين إلى أي مشاريع ستذهب أموال “سيدر”.
وشددا على “دعم الإصلاحات التي قام بها مؤخرا الحاكم سلامة والتي تساعد على تقدم المشروعات الإنمائية في لبنان”.

مداخلات
ثم تولى أعضاء مجلس التجمع اللبناني العالمي، كل على حدة، تقديم قطاعه والتحدث عن معاناته نتيجة التداعيات التي يشهدها القطاع الخاص اللبناني ولا سيما قطاعات: البناء، التطوير العقاري، الصناعة، التجارة، شركات الإستيراد والتصدير، الموارد البشرية، الهندسة الإستشفائية وغيرها..

سلامة
أما حاكم مصرف لبنان فجدد طمأنته إلى “أن الليرة اللبنانية مستقرة، وسعرها ثابت تجاه الدولار الأميركي وسائر العملات الأجنبية”، وقال: “إتخذنا في الحاكمية قرارات مهمة تتعلق بالمحافظة على الإقتصاد الوطني، ونحاول أن نستقطب الأموال لمصلحة لبنان وقطاعه المصرفي، لذا نتجه نحو سياسة الفوائد الواقعية. علما أن هذه الفوائد المرتفعة راهنا في لبنان لا تزال نسبيا أقل من مصر وتركيا. فالفوائد عموما تواكب السوق، فإذا تألفت الحكومة في لبنان في القريب العاجل سنلاحظ حتما تراجع الفوائد، وتاليا سيكبر حجم الإقتصاد، فتحصل عمليات تسليف جديدة مبنية على السوق “المرتاحة”.

ونفى “حصول ما يسمى بالـ HairCut في القطاع المصرفي اللبناني”.

أضاف: “لقد بدأت الحملات على الحاكمية منذ العام 2015، لكنها تفاقمت بعيد أزمة إستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري في 4 تشرين الثاني 2017 من العاصمة السعودية الرياض، مما أدى إلى تأذي الإقتصاد اللبناني الذي يعيش على التحويلات الخارجية، وجعل المقاربة للوضع الإقتصادي في لبنان مختلفة، وخصوصا أن الحملات علينا المشار إليها مبنية على أسس غير علمية”.

وشرح سلامة “أن وكالات التصنيف الدولية مثل “ستاندرد أند بورز” و”موديز” وغيرهما، أبقت على تصنيف لبنان المالي الإيجابي، وأنه ليس معرضا للتراجع رغم الأحداث الإقليمية التي تحيط بهذا الوطن وتداعياتها في الداخل من أزمة معيشية وغيرها”.
وقال: “لكن إذا ما نظرنا إلى ما يحيط بنا نجد، وبحسب صندوق النقد الدولي، أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حققت نموا بلغ نحو 2%، الكويت 1,2%، الإمارات العربية المتحدة 1,7%، فيما الفوائد في هذه البلدان منخفظة لكنها لم تحقق نموا يذكر في إقتصاداتها”.
وتحدث سلامة قائلا: “إن المشكلة الأساسية عالميا (بينها لبنان) تكمن في أن السيولة تراجعت، فيما مصرف لبنان المركزي قادر على التحكم بسيولة الليرة (وليس بالدولار). لذا فإن سياستنا في الحاكمية تتجه نحو دعم الإقتصاد اللبناني في حال شعرنا أن الليرة تعاني ضعفا ما في السوق، في حين أن هذا الضعف الذي تعانيه السوق لم يأت من فراغ، إنما بسبب ضعف التحويلات، مما يضع الإقتصاد في وضع صعب”.

وأكد سلامة “أن الفوائد المرتفعة راهنا في لبنان تؤدي إلى كلفة أخف على الإقتصاد، بإعتبار أن هدفنا الأساسي يكمن بعدم تهريب الأموال إلى الخارج. فإقتصاد لبنان “مدولر”، ونحن محكومون بالسياسة النقدية التي ترفع الفوائد بغية إستقطاب الأموال. فليس لدينا صادرات (قوية) ونحتاج إلى سنوات بغية تفعيلها”.

وإذ لاحظ “أن ثمة جزءا من الحملات التي تعرض لها مصرف لبنان المركزي هدفه تخويف الناس كي تترك الليرة وتذهب إلى الدولار”، قال: “أؤكد أن الليرة اللبنانية ثابتة وأساسية للإستقرار الإجتماعي. وعلينا في مصرف لبنان أن نبقي السيولة بالعملات الأجنبية مرتفعة في لبنان”.

وأوضح أن “القطاع المصرفي في لبنان سلف القطاع الخاص بنحو 60 مليار دولار، فيما حجم هذا القطاع لا يتجاوز 52 مليار دولار. والمصارف في هذه الحال لا تستطيع أن تقوم بمزيد من التسليفات لهذا القطاع بإعتبار أن النمو لم يتحقق حتى تاريخه”. وأشار الى أن “ما تستطيع المصارف أن تفعله راهنا هو أن تسير في تنفيذ مقررات مؤتمر “سيدر” كي يتحقق النمو في الإقتصاد اللبناني، علما أن خرائط تطبيق “سيدر” تحتاج إلى سنة في حال تقرر المضي بمجرياته، لكن تبقى الأمور مرهونة في لبنان في ظل الخلافات السياسية الراهنة التي يتولد منها عدم تأليف الحكومة، وغياب الرؤية وعدم إقرار الموازنة العامة وغيرها”.

وقال: “إن سلسلة الرتب والرواتب أدت إلى إرتفاع الرواتب في القطاع العام، لكن في الوقت عينه، خسرنا الإستثمارات ولم تزد الإنتاجية، فيما التضخم يبلغ بين 7% و8%”.

وأشار إلى “أن مصرف لبنان دعم قطاع الإسكان بـ 800 مليون دولار في العام 2018، كما دعم هذا القطاع في العام 2017 بنحو مليار و200 مليون دولار، فيصبح مجموع الدعم خلال سنتين بملياري دولار، ورغم ذلك لم يتحقق النمو المنشود في هذا القطاع. وهذا يعود إلى أن الدعم ذهب في إتجاه الشقق الكاسدة، فتبخر مبلغ الدعم. علما أن مصرف لبنان يتابع دعمه لقروض مشاريع المعرفة الرقمية، البيئة، الطاقة المتجددة وغيرها”.

وخلص سلامة إلى القول: “إن أسواق القطاع العقاري في البلدان العربية مثل الأردن، العراق وغيرهما تعاني، لأن الدولة في هذين البلدين لا تدعم هذه السوق”. وأشار إلى “أهمية المحافظة على النمو في لبنان مقارنة بالوضع الراهن للمنطقة”، معتبرا “أن أي ضخ للسيولة مجددا في لبنان سيتحول إلى تضخم في الإقتصاد”.