“شغور” رئاسة المنطقة الاقتصادية بطرابلس: منطق المحاصصة يشتغل

28 فبراير 2019آخر تحديث :
عملت ريّا الحسن على رفع مستوى "المنطقة الاقتصادية" بما يجاري التجارة والعلاقات الدولية (Getty)
عملت ريّا الحسن على رفع مستوى "المنطقة الاقتصادية" بما يجاري التجارة والعلاقات الدولية (Getty)

[author title=”جنى الدهيبي” image=”https://www.almodon.com/file/getimagecustom/314f247a-31be-4387-8e23-cbc5d33e5730/104/118″][/author]

منذ أن حملت ريا الحسن لقب “وزيرة داخلية لبنان”، أصبح منصب رئاسة هيئة إدارة المنطقة الاقتصادية الخاصة، في طرابلس، الذي كانت ترأسه الحسن، شاغرًا، وبشكلٍ تلقائي فور تشكيل الحكومة. هذا الشغور الذي أفرز فراغًا إدرايًا، تحوّل إلى محط أنظارٍ لكلّ القوى والتيارات، الطامحة أو الطامعة، ليكون رئيس المنطقة الجديد من حصّتها.

استحقاقات طارئة
وإذا كان هذا المنصب يندرج على لائحة تقاسم الحصص، في التعيينات الإدارية المركزية، بما فيها تعيينات عاصمة الشمال، جاء شغوره في سياقٍ حساسٍ، بعد أن تبعه شغورٌ آخرٌ في المجلس النيابي، إثر إصدار المجلس الدستوري قرارًا بإبطال نيابة ديما جمالي.

وما بين شغور مقعدٍ سني في البرلمان، وشغور آخر في المنطقة الاقتصادية، تقدّمت السياسة على أيّ عنوانٍ آخر، أو مصلحةٍ أخرى، لتدخل التعيينات والانتخابات الفرعيّة في لعبة تقاسم الحصص، على قاعدة “خذّ هذه أعطيك تلك”. لكن حتّى الآن، يبدو أنّ الاستحقاقات الطارئة التي تترقبها طرابلس، سواء لجهة تعيين رئيس في المنطقة الاقتصادية، أو لجهة التحضير للانتخابات الفرعيّة بعد شهرين، توحي كأنّ تيّار المستقبل هو الرابح، حتّى الآن، في لعبة التسويات بتقاسم الحصص، وعلى قاعدة معكوسة ينتهجها: يأخذ ولا يعطي.

في الانتخابات الفرعيّة، وبعد أن أعلن “المستقبل” رسميًا اسم مرشحته ديما جمالي، كسب رئيس الحكومة سعد الحريري تحديًا صعبًا، بوقوف رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي إلى جانبه، لعدم إعلان مرشحٍ من حصّته على المنصب السني الشاغر. وما من مؤشرات توحي بنيّة ميقاتي فعل ذلك. وفيما يتقدم السؤال إن كان اعتكاف “زعيم طرابلس” عن خوض معركة انتخابية على مقعد شاغر ضدّ “المستقبل”، استكمالًا لمعركة أيار 2018 مجانيًّا، “لا أحد يستطيع الجزم بما يدور في كواليس اللقاءات المغلقة، بين الحريري وميقاتي”، وفق تعبير النائب السابق مصطفى علوش لـ”المدن”.

الأسماء المطروحة
وبعد أن رُوّجت شائعات وأخبار أنّ تعيين رئيس لهيئة إدارة المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس، سيكون من حصّة ميقاتي، كمقابل لوقوفه على الحياد في الانتخابات الفرعيّة، تبديدًا لأجواء المعركة ودعمًا لمرشحة المستقبل، فإن كلّ المؤشرات والمعطيات تصبّ في خانة أنّ هذا المنصب سيكون من حصة المستقبل أيضًا. لا مرشح جدّياً لميقاتي على هذا المنصب. والأسماء المطروحة، هي “مستقلبية”، وتنحصر حتّى الآن داخل التيّار المستقبل فقط، مع ما يعنيه الأمر من منافسة داخلية. في البدء، جرى التداول أنّ الأسماء المطروحة لدى المستقبل، هي كلّ من عبد الغني كبارة، مصطفى علوش وغسان سمير الجسر، إلى جانب اسم آخر تطرحه الحسن، وهو حسّان ضناوي، الذي كان واحدًا من مستشاريها المقربين في المنطقة الاقتصادية، والذراع اليمنى لها، ولاعتباره من أكثر العارفين في شؤونها.

لكنّ ما يبدو عمليًا، أنّ لا كبارة ولا علوش مطروحين لتولي هذا المنصب. من جهة، يشير كبارة لـ”المدن” أنّ تناقل وسائل الإعلام لاسمه كمرشحٍ، لملئ أحد الشواغر ليس صحيحًا. فـ”أنا في منصبٍ يستنفد كلّ طاقاتي ورغباتي وطموحي، ولا أسعى لأيّ مركزٍ آخر، كما أنّني من مشجعي توكيل الفئات الشابة”. أمّا علوش، فيؤكد أنّه ليس على علمٍ رسمي ذلك، وأنّ النقاش باسمه هو في “إطار الاجتهادات الشخصية”، لـ”أنني طبيب جراح ورجل سياسي فقط”.

زمن “الحسن” الجميل
في الواقع، عرقل هذا الشغور تسيير الأعمال داخل المنطقة الاقتصادية، لا سيما أنّ النظام الداخلي فيها حصر مهمة الصلاحية برئيس الهيئة فقط، الذي يتولى توقيع المعاملات والقرارات الخاصة بالمرفق. الأجواء داخل المنطقة، وفي مرفأ طرابلس الذي يقع بمحاذاة المنطقة، توحي أنّ رحيل الحسن كان نكسةً كبيرةً للمنطقة الاقتصادية، وخسارةً قد لا تعوّض، إلا إذا أحسن اختيار خلفٍ لها، يكون على قدرٍ من تحمل مسؤولية استكمال مسيرتها النوعية. ففي عهدها الذي استمر نحو أربع سنوات، وضعت مخططًا توجيهيًا يشارف على الانتهاء، سوّقت المنطقة الاقتصادية لدى البنك الدولي، وكانت في صدد توقيع بروتوكول تعاون تكاملي معه، وكانت تعمل لرفع مستوى “المنطقة الاقتصادية” بما يجاري التجارة والعلاقات الدولية.

هذه المنطقة الاقتصادية التي أقرّت الحكومة مشروع إنشائها في العام 2008، تهدف إلى إقامة مشاريع استثمارية وأعمال في التجارة والصناعة والخدمات والتخزين وغيرها، ويعفى المشروع الاستثماري الذي ينفذ في هذه المنطقة من العديد من الرسوم والضرائب، على أن تشكل مدخلًا مهمًا لتنشيط الحركة الاقتصادية شمالًا، ولتوفير مئات فرص العمل.

وعليه، سيكون تعيين رئيس لها واحدًا من أولويات الحكومة، إلى جانب تعيين بديل لعضو مجلس الإدارة، الوزير السابق جهاد أزعور، بعد أن قدّم استقالته. فهل ثمّة مشروع لإدخال المنطقة الاقتصادية في بازار التنفعيات والصفقات، في عهد حكومة “إلى العمل”، في ظلّ استئثار الحريري بمهمة تعيين رئيس “مستقلبي” لها؟

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.