بشرى سارة عن القروض السكنية: بوادر حل تلوح بالأفق.. وهذه التفاصيل!

25 يوليو 2019
بشرى سارة عن القروض السكنية: بوادر حل تلوح بالأفق.. وهذه التفاصيل!

كتب خضر حسان في صحيفة “المدن” الإلكترونية تحت عنوان “القروض السكنية: تعقيدات مستمرة و”الإسكان” يبلور حلاً”: “تعلّق ذوي الدخل المحدود بحبال الهواء في ما يخص القروض السكنية، تحديداً تلك الممنوحة عن طريق المؤسسة العامة للإسكان. غير أن المؤسسة لا تملك مفاتيح الحل الملائم لتسيير كافة طلبات القروض. فاختصاصها يجعلها وسيطاً بين الناس من جهة ومصرف لبنان والمصارف التجارية من جهة أخرى، من دون القدرة على التصرف بأموال القروض. ومع ذلك، تقع النتائج السلبية على عاتقها، لتجتهد في تفسير الأزمة للناس، علّها تُنقذ نفسها من اللوم. وهي محاولة تزداد صعوبة في ظل إصرار مصرف لبنان، ومن خلفه السلطة السياسية، على اللعب بأعصاب الناس وإعطائهم آمالاً زائفة، مفادها أن القروض السكنية تسير على السكة الصحيحة.

استعراض للأرقام
عرضت وحدة التمويل في مصرف لبنان جملة من الأرقام المتعلقة بقيمة القروض المدعومة من المصرف المركزي، وتتضمّن “مبلغ 45 مليار ليرة لتمويل القروض التعليمية، مبلغ 38 مليار ليرة لتمويل القروض الصغيرة، وبرنامج كفالة القروض الصغيرة، مبلغ 500 مليون دولار لتمويل القروض الأخرى كافة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر القروض البيئية (في مجال الطاقة وغير مجال الطاقة) وقروض المغتربين والقروض الإنتاجية، التي لا تستفيد من دعم الدولة للفوائد المدينة (منها المستشفيات والمؤسسات التربوية الخاصة وغيرها). وقد استفاد من تلك الرزمة لتاريخه قروض تبلغ قيمتها حوالى 120 مليون دولار، وقروض لتمويل الرأسمال التشغيلي مقابل الصادرات الصناعية”.

وسلّطت الوحدة الضوء على القروض السكنية المدعومة من مصرف لبنان، مذكّرة بالتعميم الوسيط رقم 515 الصادر في نهاية كانون الثاني 2019، والذي يسمح للمصارف بالاستفادة من دعم المصرف المركزي مقابل القروض التي تمنحها لعملائها وعلى مسؤوليتها، قبل تاريخ 31/12/2019، ووفقاً لشروط وآلية جديدة محددة في التعميم.
وأشار البيان إلى أن المركزي خصص حوالى 864 مليار ليرة (بعد رفعه من 790 مليار ليرة) لتمويل القروض السكنية التي تمنح بالليرة اللبنانية، على أن لا تتجاوز قيمة القرض الواحد مبلغ 450 مليون ليرة. وأضاف، أن المبلغ المذكور سيقسم إلى قسمين، الأول بقيمة 490 مليار ليرة، سيخصص لتمويل قروض سكنية، سبق للمصارف أن التزموا بتمويلها خلال العام 2018، على أن يُستفاد من هذا المبلغ خلال العام 2019. أما القسم الباقي من مبلغ 864 مليار ليرة، أي 374 مليار ليرة، فتم تخصيصه للقروض السكنية المنوي منحها خلال العام 2019.

المصارف تقرر
لم تأتِ وحدة التمويل في مصرف لبنان بأي جديد سوى تذكير الناس بأزمة القروض، من خلال عرض أرقام تؤكد عجز السلطة السياسية التي تدير البلاد عن إيجاد حل لأزمة قلّة القروض السكنية. كما ذكّرت الوحدة بشكل غير مباشر، بأن الحاكم الفعلي للبلاد هو المصارف، التي بيدها كل شيء والقادرة على مسك مفاصل حياة اللبنانيين، وبالأخص ذوي الدخل المحدود.
فعلى لسان وحدة التمويل، “أبدت المصارف حتى الآن رغبتها في تخصيص ما لا يقل عن 25 في المئة من القروض السكنية المخصصة للعام 2019 لتمويل القروض السكنية التي تم منحها وفقاً للبروتوكول الموقع مع المؤسسة العامة للإسكان. في حين ستكون حصة القروض السكنية الممنوحة وفقاً للبروتوكولات الموقعة مع الأجهزة الأمنية (ومنها جهاز إسكان العسكريين) حوالى 34 في المئة. وتجدر الإشارة إلى أن مصرف الإسكان قد استحصل على موافقة مصرف لبنان لدعم قروض سكنية بقيمة 60 مليار ليرة، أي ما نسبته 16 في المئة، سيتم منحها لذوي الدخل المحدود، على أن لا تتجاوز قيمة القرض الواحد مبلغ 300 مليون ليرة للوحدة السكنية المنوي تملكها”.

بمعنى آخر، توزّع المصارف النسب التي تنوي السير وفقها لإعطاء القروض، انطلاقاً من كونها هي الممول الفعلي للقروض، وما على مصرف لبنان سوى تغطية الفوائد طيلة فترة سداد المقترض للقرض. وبذلك يكون دور مصرف لبنان التخفيف عن المقترض كي لا يدفع مبلغاً مرتفعاً للمصرف التجاري، خلال فترة زمنية قصيرة. فضلاً عن أن موافقة المركزي على تغطية قيمة الفائدة لصاحب الطلب، تُعتبر كضمانة للمصرف التجاري لإعطاء المقترض المبلغ المطلوب.

وحسب التوزيع، فإن نسبة 34 في المئة، مع نسبة 16 في المئة، تساوي 50 في المئة، أي نصف المبلغ المرصود للقروض السكنية. أما النصف الثاني “فسيُوزّع بين المؤسسة العامة للإسكان بما لا يقل عن 25 في المئة، وبين باقي الجهات التي تستفيد من قروض الإسكان بآليات أخرى منصوص عليها في بروتوكولات تعاون بين تلك الجهات ومصرف لبنان، ومنها على سبيل المثال وزارة المهجرين وصندوق تعاضد القضاة”، حسب ما تقوله مصادر في مصرف لبنان، والتي تشير إلى أن “المصارف التجارية هي التي تحدد كيف ستوزّع النسب وفق سياساتها الإستثمارية”.
وعليه، فإن “تخصيص ما لا يقل عن 25 في المئة من القروض” للمؤسسة العامة للإسكان، يعني على أرض الواقع أن المصارف تحدد سقفاً يبلغ 25 في المئة، لتبقى 25 بالمئة الأخرى “للآليات الأخرى”. ما يعني أن المصارف ستعطي القليل من قروضها لذوي الدخل المحدود، بالنظر الى حجم الطلبات المقدمة عبر المؤسسة العامة للإسكان، مقارنة مع الطلبات المقدمة من جهات أخرى.

المركزي صامت والإسكان يعاني
لا يتدخل المصرف المركزي في توزيع النسب، وإن كان القرار من الناحية الإجرائية، يصدر عنه. فإتخاذ القرار يسبقه تشاور مع المصارف، وفي التشاور تُتخذ القرارات النهائية. والمركزي لن يُخالف ما ترتأيه المصارف التجارية، ففي المحصلة هو رأس هذا النظام وراعيه الذي يحكم لبنان، وما الهندسات المالية سوى دليل على عمق العلاقة التي تضمن مصالح المصارف.
تحت وطأة المصلحة والصمت، “تعمل المؤسسة العامة للإسكان على إيجاد حل للأزمة”، حسب ما تشير مصادر في المؤسسة. وتستغرب المصادر سير المركزي في قرار يعطي الأولوية للقروض المقدمة عبر قنوات غير المؤسسة العامة، فيما المؤسسة هي التي تستقبل طلبات الشريحة الأكبر من محدودي الدخل.
بنظر المصادر، إن “تعميم وحدة التمويل الذي يذكّر بقرارات سابقة، هو محاولة للقول أن المصرف المركزي يعمل على حلحلة قضية القروض، لكن فعلياً الأمر معاكس، لأن المؤسسة العامة هي التي تعمل على الحل، وبات هناك بوادر لحل لا يمكن الإعلان عنه حالياً، كي لا يتعلق الناس بوعود قد لا تتحقق لأسباب عدة”.