فك ربط الليرة بالدولار قد يجرنا إلى الخراب.. هل يتم تخفيض العملة الوطنية 10%؟

31 أكتوبر 2019

حذّرت وكالة “رويترز” من أنّ فك ربط الليرة بالدولار “قد يجر الخراب على لبنان المثقل بالديون”.
وفي تقريرها، أوضحت الوكالة أنّ الأزمة السياسية والمصرفية تفرض ضغطا متناميا على ربط الليرة بالدولار المعمول به منذ 22 عاما، مشيرةً إلى أنّ الصناديق الأجنبية تخشى من أن خفض قيمة العملة الآن قد يجر كارثة على بلد ينوء بأحد أكبر الديون الأجنبية في العالم.
وعلى الرغم من استبعاد حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، الخروج على ربط سعر الصرف المعمول به منذ أمد بعيد، كشفت الوكالة أنّ فإن مراقبين يقولون إن خفضا للقيمة في خانة العشرات تزداد فرص حدوثه، ولاسيما في أعقاب استقالة رئيس الحكومة الحريري، وفي ظل انخفاض سعر صرف السوق السوداء أكثر من 20 بالمئة عن سعر الربط.
في هذا السياق، تحدّثت الوكالة عن ديون لبنان الضخمة، لافتةً إلى أنّ نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي تبلغ حوالي 150 بالمئة، وهي ثالث أعلى نسبة في العالم. وكتبت الوكالة: “ستقفز النسبة أكثر في حالة خفض قيمة العملة، مما سيكبل بدرجة أكبر قدرة بيروت على سداد ديونها”.
من جهته، قال تيموثي آش، استراتيجي الأسواق الناشئة في بلو باي لإدارة الأصول، التي تخفض الوزن النسبي للأصول اللبنانية منذ ما قبل الأزمة، “ببساطة، سعر الصرف الثابت ونموذج النظام المصرفي لا يعودان بالنفع على الاقتصاد عموما. مزيج ما من إعادة هيكلة الدين وسعر صرف أكثر مرونة وتنافسية يبدو مرجحا”.

وترتفع مستويات الدين المقوم بالدولار، الذي يشكل نحو نصف إجمالي التزامات لبنان، وهو أحد الأسباب في أن خفض قيمة العملة قد يكون أشد إيلاما عما حدث في أسواق ناشئة أخرى. وفي هذا الصدد، قال بريت ديمنت، مدير دين الأسواق الناشئة العالمي لدى أبردين ستاندرد انفستمنتس، هذه الالتزامات الكبيرة بالعملة الصعبة هي الخطيئة الأصلية للأسواق الناشئة. خلال الأزمة الآسيوية في 1997 و1998 كان معظم الدين بالعملة المحلية، وليس دينا دولاريا. معظم الأسواق الناشئة الأخرى معظم ديونها بالعملة المحلية وبالتالي لا تتسبب في مشاكل كبيرة عندما تكون في وضع مشابه لوضع لبنان حالياً”.

وعلى الرغم من تراجع تدفقات المغتربين، قالت الوكالة إنّ لبنان يملك مستويات “مريحة” من الاحتياطيات الإجمالية الرسمية البالغة حوالي 38 مليار دولار كما في منتصف تشرين الأول – بما يغطي نظريا واردات نحو 12 شهرا، وفقا لتقديرات غابريس إيراديان، كبير اقتصاديي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد التمويل الدولي. وقدر إيراديان خطر خفض قيمة الليرة بأقل من 50 بالمئة في المدى القصير، لكنه أقر بأن خفضا بأكثر من عشرة بالمئة قد يحدث إذا طال أمد الأزمة السياسية.
وقالت الوكالة: “السؤال هو عن حجم المتاح من تلك الاحتياطيات – يقدر البعض حجم القابل للاستخدام منها بربع الإجمالي – وحجم ما استخدم منها في أسابيع الاضطرابات القليلة الماضية، التي ظلت بنوك البلاد مغلقة خلالها لأحد عشر يوما.

وفي مقابل تلك الاحتياطيات ينتصب جدول سداد ديون كثيف، يبدأ بسندات حجمها 1.5 مليار دولار تستحق في نهاية تشرين الثاني، بينما تشير عوائد السندات في السوق الثانوية إلى تكلفة اقتراض لعامين تتجاوز الثلاثين بالمئة.

في هذا الإطار، تحدّثت الوكالة عن تجربة مصر التي كانت من أحدث المقدمين على خفض العملة عندما قلصت قيمة الجنيه إلى النصف تقريبا في أواخر أيلول في مقابل برنامج قرض حجمه 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.
وقالت الوكالة: “ورغم الألم الأولي الناتج عن طفرة في التضخم، وهو ما يقول المحللون إنه سيحدث في لبنان أيضا، استقطبت مصر تدفقات ضخمة من الاستثمارات الأجنبية في السنوات التالية”، مضيفةً: “تشتد حاجة لبنان لمثل تلك التدفقات للمساعدة على بناء قطاعه الصناعي الضئيل وتعزيز السياحة، التي كانت بصدد أفضل مواسمها منذ 2010 حتى اندلعت الاحتجاجات قبل أسبوعين. لم يطلب لبنان حتى الآن دعما من صندوق النقد وقد أبدى الحريري من قبل تحفظات إزاء مقترحات الصندوق التي قال إنها تشمل تعويم الليرة. لكن مع استقالة الحريري، فإن المستثمرين مازالوا ينتظرون لمعرفة إن كانت أي حكومة جديدة ستأخذ موقفا مختلفا حيال ربط سعر الصرف وطلب دعم صندوق النقد”.
وقال إيراديان: “إذا خيمت الضبابية لفترة طويلة فإن فرص خفض قيمة العملة ستزداد وقد يتجاوز ذلك 15 بالمئة”.