أعلن بدء مرحلة جديدة مختلفة.. لِمَن لم يفهم ما قاله سلامة في 11 تشرين الثاني

18 نوفمبر 2019آخر تحديث :
أعلن بدء مرحلة جديدة مختلفة.. لِمَن لم يفهم ما قاله سلامة في 11 تشرين الثاني

كتب انطوان فرح في “الجمهورية”: كثيرون اعتقدوا انّ المؤتمر الصحافي الذي عقده حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في 11 تشرين الثاني الجاري، كان يهدف فقط الى طمأنة الناس. في الواقع، شكّل المؤتمر فرصة للاعلان عن نهاية مرحلة، وبدء مرحلة جديدة مختلفة.
إنتقل الوضع المالي والاقتصادي الى مرحلة جديدة، أطلق عليها حاكم مصرف لبنان عنوان مرحلة “إدارة السيولة”. البعض لم يستوعب بدقة ما تعنيه العبارة، وما تتضمّنه هذه المرحلة من تدابير، والى متى ستمتد.

هناك مجموعة من الحقائق تتعلّق بـ”إدارة السيولة”، يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:

أولاً – فرض طوق على الكتلة النقدية (Monetary mass) الموجودة في البلد، ومنع خروج الاموال النقدية بكل الوسائل المتاحة.

ثانياً – تحويل السوق الموازية (الصيارفة) الى مصدر رئيسي لجذب العملة الصعبة، بسبب وقف دخول الاموال من الخارج عبر التحويل.

ثالثاً – الابقاء على حرية تحريك الاموال والرساميل مُتاحة دفترياً فقط، وفي داخل البلد. وهذا يعني انّ كل ما يتعلق بنقل بيانات دفترية في الداخل سيكون مسموحاً، في حين أنه من غير المسموح ان يتم من داخل البلد الى خارجه.

ماذا تعني هذه الاجراءات عملياً، ومتى تتخذ الدول خطوة مماثلة؟

في الترجمة العملية لهذا الاجراء، (إدارة السيولة)، اقترب البلد مالياً واقتصادياً من خط النهاية، ولا بد من خطوات تسبق طلب خطة إنقاذ. وهذا ما يفسّر تأكيد سلامة أن لا وجود لخطة تعتمد مبدأ الـHaircut. إذ انّ الخيار الآخر المُتاح في وضع مماثل، يقضي بالاستمرار من دون أي إجراء استثنائي، بما يعني انّ الوضع قد يمضي شبه طبيعي بالنسبة الى الناس لبضعة أشهر إضافية (الفترة قد تمتد لسنة على الأكثر)، قبل أن تنضب الاموال والاحتياطي الموجود في مصرف لبنان فيتمّ إعلان الافلاس، وطلب خطة إنقاذ.

في هذه الحالة، تصبح مسألة اقتطاع نسبة مئوية مرتفعة من الودائع المصرفية إلزامية، ولا مناص منها. وتصبح مدة وكلفة التعافي أطول وأصعب وتحتاج تضحيات موجعة جداً.

في الوضع الجديد (إدارة السيولة)، يبقى سعر الليرة الرسمي ثابتاً من دون أي إمكانية لشراء الدولار النقدي عبر المصارف. وسيصبح السوق الموازي هو المصدر الوحيد للحصول على العملة الصعبة.

وهذا الأمر سيشمل كل القطاعات والافراد، باستثناء استيراد المحروقات والطحين والدواء. وهذا الأمر وفق الحسابات القائمة، سيؤدّي الى خفض الاستيراد من حوالى 18,5 مليار دولار الى حوالى 9 مليارات فقط، من ضمنها حوالى 5 مليارات دولار ستخرج من الكتلة النقدية القائمة، في حين انّ ما تبقى سيعتمد على السوق الموازية، والتي تعتمد على إدخال أموال نقدية من الخارج عبر الشحن. وسيؤدّي ذلك الى خفض العجز في الميزان التجاري من حوالى 16,5 مليار دولار سنوياً الى حوالى 6 مليارات دولار.

لكن، وفي المقابل، سوف يرتفع سعر الدولار في السوق الموازية من دون أن يبلغ مستويات قياسية، لأنّ الطلب سيبقى مضبوطاً بواقع الشح النقدي أولاً، وبواقع انّ بعض التجار قد يشحن اموالاً من الخارج لتأمين بعض حاجات الاستيراد الضرورية.

ومن المأمول تعويض قسم من الاموال التي تفقدها الكتلة النقدية (5 مليارات سنوياً) من خلال الاموال النقدية التي قد تدخل البلد مباشرة من خلال الانفاق السياحي والعائلي الذي سيعتمد مبدئياً على اللبنانيين في الخارج، وعلى أموال ستدخل بواسطة الشحن المُرخّص، بالاضافة الى الاموال التي تدخل نقداً من دون رقابة. (أموال “حزب الله” مثلاً).

وبالتالي، سيشهد العام 2020، سواء تمّ طلب خطة إنقاذ أم لا، نمطاً جديداً من العيش بالنسبة الى اللبناني، وستُفقد لائحة طويلة من البضائع، ولن تكون هناك سيولة بل مجرد تقنين في منح النقد بما يكفي لتلبية الحاجات الاساسية، من دون إفساح المجال أمام تهريب النقد الى المنازل او الى الخارج. وسترتفع الاسعار السلعية بنسب لا يُستهان بها.

في المقابل، سيتم اتخاذ إجراءات تنظيمية للقيود القائمة حالياً، بحيث تتم إعادة عمل المقاصّة، وتنظيم نسب السحوبات المالية للمواطنين، لكي تتمكن المصارف من إعادة فتح أبوابها بلا مخاطر مواجهات مع الناس.

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.