انخافض للّيرة وغلاء غير مسبوق في سوريا.. ما علاقة الأزمة اللبنانيّة؟

30 نوفمبر 2019
انخافض للّيرة وغلاء غير مسبوق في سوريا.. ما علاقة الأزمة اللبنانيّة؟

تشهد العملة السورية مجددا، تراجعاً كبيراً في قيمتها مقابل العملات الأجنبية الأخرى، الأمر الّذي يؤثر بشكلٍ مباشر على حياة السكان في عموم أنحاء سوريا.
وذكرت وكالة “رويترز” ان الانتفاضة اللبنانية وما تبعها من قيود اقتصادية ألقت بظلال ثقيلة على جارتها سوريا، بعد جفاف منبع الدولارات الأساسي للسوريين، الأمر الذي هوى بالليرة إلى مستويات قياسية.

واوضحت ان اقتصاد سوريا، الذي تحجبه عقوبات غربية عن النظام المالي العالمي، يعتمد على الروابط المصرفية مع لبنان للإبقاء على أنشطة الأعمال والتجارة منذ تفجرت الحرب في البلاد قبل أكثر من ثمانية أعوام. لكن في الوقت الذي تفرض البنوك اللبنانية قيودا مشددة على سحوبات العملة الصعبة والتحويلات النقدية إلى الخارج، يتعذر وصول أثرياء سوريين إلى أموالهم.

وبحسب ثلاثة رجال أعمال وخمسة مصرفيين في دمشق وفي الخارج، فإن تدفق الدولارات إلى سوريا من لبنان شبه متوقف.

وتسبب تراجع سعر صرف الليرة السوريّة مقابل الدولار الأميركي، بارتفاعِ أسعار المواد والخدمات. ووصف سكان محليون هذا الارتفاع بـ “الجنوني”، لاسيما أن هذا التراجع الكبير هو الأول من نوعه منذ سنوات، بعد أن وصل سعر الصرف مقابل الدولار الواحد إلى 800 ليرة سوريّة.

وعلّق على هذه الأزمة، الأكاديمي والخبير الاقتصادي السوري، جلنك عمر، لـ “العربية.نت” قائلا إن “قدرة حكومة النظام السوري على التعامل مع هذه الأزمة ليست كبيرة نتيجة الدمار الّذي حلَّ باقتصادها خلال ما يقارب تسع سنوات من عمر الأزمة”.

وتابع أن “احتياطات النقد الأجنبي في البنك المركزي السوري باعتقادي هي في الحد الأدنى، لذلك ربما لم يعد بإمكانه القدرة على التدخّل أو المساهمة في حلّها”.

أزمة محروقات

ويواجه السوريون في مختلف أنحاء البلاد، صعوباتٍ كبيرة في تأمين مستلزماتهم خاصة الغذائية وكذلك المتعلقة بفصل الشتاء كمواد التدفئة والمحروقات إلى جانب المواد الطبية والأدوية المستوردة، في حين أن حكومة النظام أصدرت مرسوماً يقضي بزيادة رواتب موظفيه من المدنيين والعسكريين، وهذه الزيادة تقدر بنحو 26 دولاراً أميركياً.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن “الحكومة في مواجهة هذه الأزمة، اتخذت مجموعة إجراءات منها زيادة في رواتب العاملين لديها، بالإضافة لإقرارها سلّة غذائية يُقدر ثمنها بنحو 10 آلاف ليرة سورية (حوالي 13 دولاراً أميركياً)”. مشيرا إلى أن “هذه السلة الغذائية تشمل مواد تموينية أساسية كالسكر والرز والزيت والشاي بأسعارٍ منخفضة”.

ويعتمد السكان في مناطق سيطرة النظام على “البطاقة الذكية”، وهي التي تُرغم موزعي الغاز المنزلي والمحروقات على الالتزام بالأسعار التي تحددها الجهات الرسمية.

وعلق الخبير الاقتصادي عليها بالقول إن “إجراءات الحكومة هذه مجرد مسكّنات للأزمة، لكن الأمر يحتاج لعلاجٍ جذري”.

ويعاني الأهالي في آخر معاقل سيطرة المعارضة السورية المسلحة في إدلب، غلاءً في مختلف أسعار المواد الغذائية والسلع الأخرى، لكن الجهات التي تسيطر عليها لم تتخذ أي إجراءاتٍ فعليّة، على غرار ما فعلته “الإدارة الذاتية” التابعة للأكراد أو النظام.

ويشار إلى أنه بعد أيامٍ من مرسوم حكومة النظام والذي يقضي بزيادة رواتب موظفيه، أقرت “الإدارة الذاتية” زيادة في الرواتب لموظفيها العسكريين والمدنيين على حدّ سواء، تتراوح بين 15 إلى 35% من قيمة رواتبهم.

وأفاد الخبير الاقتصادي بأن “زيادة رواتب موظفي الإدارة الذاتية، تأتي كتعويض لانخفاض سعر صرف الليرة السورية، لاسيما أن الإدارة ليست هي من تحدد سعر الصرف، بل البنك المركزي، ولكن أدوات السياسة المالية لدى الإدارة تعتمد على إيجاد مصادر إيرادات بديلة أو زيادة الإنفاق العام على الطبقات المتضررة من انخفاض قيمة العملة المحلية”.

تفاهمات مع دمشق

 
وأضاف أن “هناك مقترحات لحل الأزمة التي تعاني منها البلاد، لكنها تتعلق بالتفاهمات بين قوات سوريا الديمقراطية والحكومة السورية كالتي حصلت الشهر الماضي على الصعيد العسكري، ويمكن لهذه القوات الوصول إلى تفاهمات أخرى ستساهم بتخفيف العبء على المواطنين وعلى سبيل المثال تأمين احتياجات الأسواق المحلية في دمشق وحلب من مناطق الإدارة الذاتية”.

وشدد على أن “الثروات المختلفة والمتنوعة في مناطق الإدارة ستدعم الاقتصادي المركزي في دمشق، كما أن التفاهم السياسي بينها وبين النظام، سيفتح المجال أمام إعادة الإعمار والاستثمارات، وهذا ما سيؤدي لضخ الأسواق المحلية بالعملات الصعبة”.

بيع النفط

وبحسب الخبير الاقتصادي فإن “الإدارة الذاتية” تعتمد في تأمين القطع النقدي من العملة المحلية والعملات الأجنبية، على بيع النفط “بشكلٍ محدود”، بالإضافة للثروات الحيوانية وتصديرها إلى العراق وإقليم كردستان، إلى جانب الحبوب والقطن ومنتجات زراعية أخرى.

كما أكد أن “الهجوم التركي الأخير، أوقف عمليات بيع النفط وتصديره لمناطق سورية تحتلها أنقرة، مثل جرابلس والباب واعزاز وعفرين وكذلك إدلب”.

وتابع أنه “بحسب التقارير المتوافرة لدينا فإن تصدير النفط لتلك المناطق متوقف حالياً، بينما يُصدر النفط لمناطق االنظام بشكلٍ محدود مع وجود صعوباتٍ في ذلك”.