الخروج من النظام العالمي: لبنان ليس وجهة سفر مقبولة

18 ديسمبر 2019
الخروج من النظام العالمي: لبنان ليس وجهة سفر مقبولة
انتهت مفاعيل الفقاعة التي كانت تعيشها البلاد، تحت مسمى البلد السياحي. ما عاد قرب المسافة بين البحر والجبل يغوي الهواة، فالجبل أصبح مسكناً للمقالع والكسارات ومطامر النفايات العشوائية، والبحر منزلاً لمجاري الصرف الصحي. وبين الجبل والبحر ساعات من الانتظار بفعل زحمة سير، تجعل أسيرها يفكّر أن قبرص أو تركيا أقرب من أي جبل أو بحر. أما المسابح والمنتجعات الخاصة والفنادق وكافة مراكز الخدمات، فهي كأسواق السلع، أسعار مرتفعة بلا مبرر.

موارد المطار تراجعت
كانت البلاد على موعد سنوي مع عيديّ الميلاد ورأس السنة. وبالنسبة للمحال التجارية والقطاع الخدماتي، العيدان هما موسمان مُنتظران بفارغ الصبر. هذا الحال آخذ بالتغيّر الجذري منذ ما لا يقل عن خمس سنوات. فتراكم الأزمات أدى بالختام لتبديل كلّي في المشهد. فما عاد الميلاد ورأس السنة سوى مناسبة تُعيد بعض المغتربين إلى لبنان للقاء عائلاتهم. وهذا ما تغيّر بدوره هذا العام، إذ “تشهد الحجوزات منذ نحو شهر، تراجعاً كبيراً خفّض عدد ركاب شركات الطيران، ما دفعها لتخفيض عدد رحلاتها إلى مطار بيروت”، وفق ما تقوله مصادر في إدارة المطار، والتي تشرح في حديث لـ”المدن”، إلى أن تراجع عدد المسافرين “خفّض نسبة الملاءة لكل طائرة. إذ لا تقلع الطائرة ما لم تؤمّن كل رحلة كلفتها ونسبة من الربح، على الأقل. وكل طائرة لا تؤمّن ركاباً يغطون نصف عدد مقاعدها، تعتبر الرحلة خاسرة”. وفي السياق عينه، كان وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال أفاديس كيدانيان قد أكد منذ شهر تشرين الثاني الماضي، على أن “شركات ومنظمي الرحلات الأوربية والعربية ألغت الحجوزات لشهري تشرين الثاني وكانون الأول 2019”.

ومع انخفاض عدد الركاب أصبحت شركات الطيران “تسيّر رحلتان أو ثلاث بعد أن كانت تسيّر أربع أو خمس رحلات من بيروت وإليها. وذلك أدى إلى تراجع عدد الركاب بنسبة 30 بالمئة في شهر تشرين الثاني 2019، مقارنة بالفترة نفسها من العام 2018. وهذا المناخ، انعكس بدوره سلباً على إيرادات مطار بيروت، التي تراجعت حكماً”.

“إياتا” قد تقفل
تراجع نسبة الحجوزات والرحلات الجوية من لبنان وإليه، هو أمر اعتادت عليه شركات الطيران ومكاتب وكلاء السياحة والسفر. وفي جميع الأحوال يبقى التراجع أفضل من الإقفال. والخيار الأخير تواجهه الكثير من مكاتب السياحة والسفر، بعد تفاقم أزمة شح الدولار في لبنان، فقد اصطدمت المكاتب بعدم امكانية دفع مستحقات شركات الطيران التي تم حجز المقاعد عبرها، ما هدد المكاتب “بالانهيار والاقفال، خاصة وأن وتيرة العمل تراجعت بنسبة 80 بالمئة”، على حد تعبير رئيس نقابة وكلاء السياحة والسفر جان عبود.

وشح الدولار وضع المكاتب أمام أزمة “قبولها الليرة من الزبائن واضطرارها لدفع الدولار لشركات الطيران في الخارج، وهذا ما خسرت المكاتب بفعله نحو 40 بالمئة من سعر كل تذكرة طيران، ما أجبرها على وقف قبول الليرة”، يقول عبود في حديث لـ”المدن”.

ويتخوّف عبود من أن “عدم قدرة مكاتب السفر على الدفع لشركات الطيران بالدولار، يُخرجها من الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) IATA، كما حصل مع المكاتب في سوريا والعراق، والتي اضطرت للتعامل مع المكاتب اللبنانية، حيث شكّل السوق السوري 30 بالمئة من نسبة الحجوزات منذ العام 2012”. ويلفت عبود النظر إلى أن “بيع شركات الطيران لتذاكر السفر بالليرة وفق سعر صرف أقل من سعر السوق، ساهم بخفض مبيعات المكاتب. فشركة طيران الشرق الأوسط تبيع التذاكر وفق سعر صرف 1705 ليرة للدولار”. ويلخّص عبود واقع القطاع بكلمتين “خسرنا وجودنا”.