وفي التفاصيل، أضاف الموقع: “ونتيجة للضوابط التي فرضتها المصارف اللبنانية وهي أقرب إلى Capital Contorl، ارتفع منسوب الخوف لدى اللبنانيين على ودائعهم مع ترويج أخبار عن “تبخّر” جنى عمرهم، ما جعلهم يلجأون إلى خيارات عدة لحماية مدّخراتهم والحول دون خفض قيمتها، منها الاستثمار في القطاع العقاري عبر تملّك أراضٍ وشقق، وتحويل سيولتهم إلى عقارات”.
وفي هذا الإطار، أكد رئيس مجلس إدارة “ليغاسي سنترال” المنصة الاستثمارية العقارية وأمين عام جمعية المطورين العقاريين في لبنان مسعد فارس أن القطاع العقاري في لبنان سجل في الأسابيع الأربعة الأخيرة ارتفاعاً بمعدّل 15% بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، وذلك بسبب لجوء عدد كبير من المودعين اللبنانيين إلى تحويل ودائعهم من أرقام إلى عقارات”، متوقّعاً ارتفاع الطلب على العقارات مطلع العام المقبل”.
وقال “يبدو أن اللبنانيين أصبحوا يدركون الآن ولو متأخرين أن القطاع العقاري هو الملاذ الآمن لأموالهم والضمانة الوحيدة لهم، وهم اليوم باتوا يقسمون المخاطر على ودائعهم بين القطاع العقاري والمصارف.
بدوره، يوضح رئيس قسم البحوث والتحاليل الاقتصادية في مجموعة بنك بيبلوس نسيب غبريل أن التدابير المؤقتة على عمليات السحب دفعت بالمودعين اللبنانيين إلى استخدام جزء من ودائعهم لشراء عقارات من خلال شيكات مصرفية (بالعملتين الليرة والدولار)، لأن العمليات المصرفية الدفترية، أي على الورق فقط، إضافةً إلى التحويلات المصرفية يمكن تنفيذها اليوم ومن دون سقف محدد”.
وتابع: “هناك حركة تحويلات مصرفية من خلال الشيكات لشراء عقارات في لبنان (أراضٍ وشقق) ما يؤشر إلى حركة نمو في القطاع العقاري”.
وأدى تعثّر بعض زبائن المصارف عن تسديد قروضهم، لاسيما بالدولار لأسباب مرتبطة أولاً بشحّ العملة الخضراء، وثانياً لتقاضيهم نصف راتب أو حتى صرفهم من العمل نتيجة الأزمة الاقتصادية، إلى إجراء مقايضة أي الدفع “بالعقارات” بدلاً من المال النقدي، في مقابل عرض المصارف عقارات تعود لزبائن يعانون من قروض متعثرة نتيجة الضوابط المفروضة على حركة السيولة.
بدوره، لفت أمين عام جمعية المطورين العقاريين في لبنان، مسعد فارس، إلى “أن عدداً من المصارف عرض عقارات للبيع تعود إلى زبائن متعثّرين عن تسديد قروضهم، وهذه العقارات هي رهن يضعه الزبون في مقابل الحصول على قرض مصرفي”.
وأضاف أن حركة بيع وشراء العقارات ليست محصورة في منطقة معيّنة بل تطال كل لبنان.
وبهدف جذب رؤوس الأموال، اعتمد القطاع المصرفي في لبنان سياسة رفع أسعار الفوائد على الودائع المجمّدة بالليرة اللبنانية والدولار الأميركي وصلت في الأشهر الأخيرة إلى معدل 14%.
فيما انعكس هذا “الإغراء” في الفوائد المرتفعة ركوداً في حركة القطاع العقاري من خلال لجوء عدد كبير من المودعين إلى الإبقاء على مدخراتهم في البنوك طمعاً بالفائدة العالية دون استثمارهم في مجالات عديدة.
وهو ما اعتبره فارس بأنه أشبه بالقط الذي يلحس المبرد، لأن الفوائد برأيه قد أذابت الودائع، في حين أن الاستثمار في العقارات يُشكّل ضمانة لها”.
وإذا كان قسم من المودعين لجأ “مرغماً” إلى القطاع العقاري في لبنان لضمان ودائعه التي أطبق عليها المصرف من ضمن سياسة “تقييد” حركة السيولة، فإن قسماً لا بأس به استشعر بوقوع الأزمة النقدية فتوجّه إلى تملّك عقارات في دول، أبرزها قبرص، اليونان وتركيا من أجل “تحرير” أموالهم في المصارف اللبنانية.
ويقول جورج شهوان، الرئيس التنفيذي لشركة Plus Properties، إحدى أبرز شركات التطوير العقاري في قبرص “أن طلب اللبنانيين على شراء عقارات في قبرص واليونان ارتفع في الآونة الأخيرة عبر شراء شقق جاهزة بشيكات مصرفية بالدولار أو باليورو”.
وتمنح هذه الدول المستثمرين فيها الحق في الحصول على الإقامة والجنسية مقابل الاستثمار العقاري. وهو ما جذب القسم الأكبر من المستثمرين اللبناينين الساعين للحصول على جنسية أجنبية.
وختم الموقع: “بعدما هرّب ما هرّب من أموال إلى خارج لبنان، آخرها 800 مليون دولار الأسبوع الماضي، من المفترض أن يتوقف هذا النزف مع إعلان المصارف رسمياً عن بدء تطبيق قيود على التحاويل، وبالتالي فإنّ التوجّه اليوم سيكون نحو استثمار الودائع في القطاع العقاري. وكانت ميزانية مصرف لبنان، التي تم نشرها الشهر الفائت على موقعه الإلكتروني، أظهرت تراجع موجوداته بالعملات الأجنبية من 57,182,073,020 ألف ليرة في 31 تشرين الأول إلى 55,977,647,577 ألف ليرة في 15 تشرين الثاني، مما يعني أن موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية تراجعت في 15 يوماً نحو 800 مليون دولار.
وعاش لبنان فورة عقارية غير مسبوقة بين 2007 و2011 قبل أن يشهد القطاع ركوداً في السنوات الأخيرة بسبب توقّف المصارف عن إعطاء قروض الإسكان المدعومة من مصرف لبنان بفوائد منخفضة.