القرار (رقم 13164) الذي سيتم تطبيقه ابتداء من 8 كانون الثاني المقبل. أي بعد نحو أسبوع، لم تُبلّغ به الشركات المعنية رسمياً حتى اللحظة. ومن المتوقع أن يترك صدى إيجابياً بين المغتربين اللبنانيين، الذين يعانون منذ بداية العام من ضغوط وقيود تتعلّق بتحويل الأموال إلى ذويهم في لبنان. إذ كانوا يتكبّدون رسوماً طائلة مقابل تحويلاتهم الشهرية عبر المصارف، أضف إلى أن الأخيرة تمارس قيوداً قاسية على التحويلات بالدولار منذ منتصف العام 2019 المنتهي.
تراجع التحويلات
وعلى الرغم من سهولة الإجراءات وسرعة التحويل وتدني تكلفته، عبر Money Gram وOMT وWestern Union، على نحو أقل من التكلفة التي تفرضها المصارف، غير أن التحويلات من الخارج عبر المؤسسات غير المصرفية المذكورة تراجعت في الآونة الأخيرة بشكل كبير، مع حصر تسليم التحويلات بالليرة اللبنانية، تطبيقاً للتعميم رقم 514 الصادر عن حاكم مصرف لبنان بتاريخ 14 كانون الثاني الماضي، والذي قضى بإلزام المؤسسات غير المصرفية التي تقوم بعمليات التحاويل النقدية بالوسائل الإلكترونية “تسديد قيمة التحاويل النقدية الإلكترونية الواردة إليها من الخارج بالليرة اللبنانية حصراً”.
التعميم السابق لمصرف لبنان (رقم 514) الصادر بتاريخ 14 كانون الثاني 2019، قضى بدفع الأموال المرسلة من الخارج بواسطة الشركات غير المصرفية Money Gram وOMT وWestern Union وغيرها بالليرة اللبنانية حصراً، وقد ارتبطت تبريرات اتخاذ القرار سابقاً بسد الثغرات بالقطاع المالي، التي يمكن استغلالها في تبييض الأموال وتسهيل مهمة مصرف لبنان للسيطرة على الكتلة النقدية في السوق. والأهم من هذا وذاك، قطع الطريق على استخدام العملة الصعبة لغايات غير قانونية أو تهريب الدولار نقداً عبر الحدود الى سوريا.
وقد استفاد مصرف لبنان منذ بداية العام (14 كانون الثاني 2019) من ضخّ الدولارات المرسلة من الخارج في تعزيز احتياطياته الأجنبية، إلى جانب تعزيز ضخ الدولارات المرسلة من الخارج في المصارف، وصرفها مقابل الليرة اللبنانية، وذلك بهدف تعزيز استقرار العملة الوطنية.
أرباح طائلة
أما لجهة المغتربين الذي يحوّلون الأموال شهرياً إلى ذويهم في لبنان فاستمروا بتحويل الأموال عبر الشركات غير المصرفية، إلى أن بدأت الليرة بالتراجع أمام الدولار في نهاية شهر أيلول الفائت، ونشوء سوق صرف موازية. حينها بدأت التحويلات عبر Money Gram وOMT وWestern Union بالتراجع تدريجياً بسبب فقدان التحويلات جزءاً من قيمتها وصل إلى 30 في المئة، بسبب تراجع الليرة، لاسيما أن شركات التحويل تعتمد السعر الرسمي للدولار (1507 ليرات).
كما أن تراجع التحويلات عبر الشركات غير المصرفية، لم ينعكس إيجاباً على الإطلاق على التحويلات عبر المصارف، بسبب القيود المصرفية التي تمارسها المصارف منذ أشهر، وخفضها لسقوف السحوبات بالدولار إلى مستويات متدنية جداً. الأمر الذي خفض إجمالي التحويلات المالية إلى لبنان بنسبة عالية جداً تجاوزت الـ50 في المئة.
وبعد أن تجاوز سعر الدولار في السوق الموازية 2000 ليرة، باتت شركات تحويل الأموال تجني أرباحاً طائلة من تحويلات المغتربين إلى ذويهم، خصوصاً أنها ملتزمة تسليمهما بالليرة اللبنانية حصراً على سعر صرف 1507 ليرات. وبذلك تجني شركات التحويل أرباحاً من فارق سعر الصرف، تضاف إلى رسوم التحويل. ووفق مصدر مطلع فإن قرار مصرف لبنان بإعادة تسليم الحوالات المالية بالدولار (بعملة تحويلها) يهدف بالدرجة الأولى إلى تشجيع المغتربين على المزيد من التحويلات الأجنبية إلى لبنان، لعل ذلك يساهم في خفض مستوى الخطر الذي سينجم عن ضخ جزء من العملة اللبنانية، التي تمت طباعتها مؤخراً لصالح مصرف لبنان.
ومن المُرجّح أن يرتفع مستوى التحويلات الصغيرة والمتوسطة إلى لبنان بالدولار، في المرحلة المقبلة، خصوصاً مع استمرار القيود المصرفية على السحوبات. إذ أن شركات تحويل الأموال تتيح التحويل إلى ما يقارب 7000 دولار في العملية الواحدة من دون شروط. أما التحويلات التي تفوق هذا المعدّل فتخضع لشروط ومعاملات دقيقة ومعقدة.
ويبقى السؤال.. إذا كان قرار مصرف لبنان بحصر التحويلات المسلّمة بالليرة اللبنانية سابقاً يهدف لقطع الطريق على عمليات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وتهريب الأموال إلى سوريا.. فما الذي يمنع أو يحد من حصول تلك الأمور بعد استئناف تسليم الحوالات من الخارج بالدولار؟
نص التعميم
بانتظار الإجابة على الكثير من الأسئلة المتعلقة بقرارات حاكم مصرف لبنان، ننشر نص التعميم الصادر عن مصرف لبنان بتاريخ 30 كانون الأول 2019:
أصدر مصرف لبنان قراراً وسيطاً رقمه 13164 يتعلق بتعديل القرار الأساسي الرقم 7548 تاريخ 30/3/2000 المتعلق بالعمليات المالية والمصرفية بالوسائل الالكترونية، جاء فيه:
إن حاكم مصرف لبنان بناء على قانون النقد والتسليف سيما المادة 70 منه.
وبناء على القانون رقم 123 تاريخ 26/10/1999 المتعلق بمهام مصرف لبنان.
وبناء على القرار الاساسي رقم 7548 تاريخ 30/3/2000 وتعديلاته المتعلق بالعمليات المالية والمصرفية بالوسائل الالكترونية.
وبناء على الصلاحيات التي تعود للحاكم بغية تأمين عمل مصرف لبنان استنادا الى مبدأ استمرارية المرفق العام.
المادة الاولى: يلغى نص المادة 7 مكرر من القرار الاساسي رقم 7548 تاريخ 30/3/2000 ويستبدل بالنص التالي:
على المؤسسات غير المصرفية كافة التي تقوم بعمليات التحاويل النقدية بالوسائل الالكترونية أن تسدد قيمة أي تحويل نقدي الكتروني وارد فيها من الخارج بذات عملة التحويل.
المادة الثانية: يعمل بهذا القرار اعتبارا من 8/1/2020.
المادة الثالثة: ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية.