على وقع التظاهرات والإجراءات الأمنية المشددة، خارج “سور” قلعة مجلس النواب، نجح الأخير في تهريب الموازنة العامة للعام 2020، متجاهلاً كافة العقبات القانونية والمخالفات الدستورية التي تشوب الجلسة، والتي وصفها البعض بالمهزلة، فيما رأى فيها البعض الآخر حلاً واقعياً وإن لم يكن مثالياً.
لا شك أن إقرار الموازنة العامة هو أكثر من ضرورة في الوقت الراهن، لاسيما ضمن مهلها الدستورية. لكن أن تقر بشكل مخالف، فقط بهدف تأمين التشريع لإنفاق حكومة جديدة لم يطلع وزرائها على الموازنة، التي أعلن رئيسهم تبنّيها. فذلك يوحي بتمرير صفقة ما، والاستمرار بالتكتم على حقيقة الأرقام المالية “الكارثية”. ووفق مصدر مصرفي، فإن هذه الموازنة “لا مفر من إقرارها عاجلاً. لكنها ستُغرقنا أكثر فأكثر”.
أرقام الموازنة
تقدّر الإيرادات العامة في موازنة 2020 بنحو 13395 مليار ليرة (نحو 8.9 مليار دولار)، بانخفاض بلغ 6491 مليار ليرة (4.3 مليار دولار). أما النفقات الإجمالية فتبلغ نحو 18232 مليار ليرة (12.1 مليار دولار)، بينها نفقات إلزامية لا يمكن خفضها، تبلغ 14454 مليار (9.6 مليار دولار) وترتبط بخدمة الدين العام والرواتب والأجور والمنافع الإجتماعية. وبإضافة الموازنات الملحقة، تقدّر النفقات بنحو 20393 مليار ليرة (13.59 مليار دولار) بانخفاض بلغ 802 مليار ليرة (0.53 مليار دولار).
هذه الأرقام لن تكون نهائية. لا، بل مشكوك بصحتها، وفق مصدر مالي مسؤول في حديث إلى “المدن”. فكافة الأرقام ترتبط بما ستؤول إليه الأوضاع الاقتصادية والمالية لاسيما لجهة التضخم والإنكماش الاقتصادي، وما يمكن أن يرافقها من تراجع في العائدات والجباية وغيرها…
وحسب الأرقام المذكورة أعلاه، مع الأخذ بالاعتبار سلفة الكهرباء 1500 مليار ليرة (1 مليار دولار)، يقدّر العجز الرسمي في موازنة 2020 بنسبة 7.09 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي GDP، الذي قدّرته الموازنة بنحو 89298 مليار ليرة (59.5 مليار دولار) مع احتساب معدّل التضخّم 2.8 في المئة عام 2019، ونسبة الدين العام على الناتج المحلي بنسبة 151 في المئة.
موازنة 2020 بأرقامها المذكورة يعتبرها العديد من الخبراء غير دقيقة. لا، بل “منفوخة” لجهة الإيرادات. في حين يرى المصدر المالي أن إقرار الموازنة عاجلاً، يبقى الخيار الأكثر إلحاحاً مهما كان شكلها. وعلى الرغم من أن الحكومة مُلزمة على الاستمرار بالإستدانة لسد العجز، يبقى إقرارها هو الحل الواقعي والعملي. لكنه غير المثالي ولا مفر منه.
وفي عملية وصفها رئيس لجنة المال والموازنة النيابية ابراهيم كنعان بـ”التجميلية”، في حين يصفها آخرون بـ”الترقيع” والهروب إلى الأمام، جرى تفاهم مع مصرف لبنان بإجراء معالجة شكلية لنحو 4500 مليار ليرة ينتهي مفعولها بانتهاء العام 2020، ليعود هذا المبلغ ويظهر في مشروع موازنة العام 2021.
ويُضاف ذلك إلى إجراء آخر مؤقت يرتبط بالمصارف، وهو فرض ضريبة استثنائية على حجم أعمالها لسنة واحدة فقط عن العام 2020 بنسبة 2 في المئة. وتقدّر إيراداتها ما بين 500 و600 مليار ليرة.
إجراءات تطال المواطنين
ورد في موازنة 2020 العديد من البنود التي تمس حياة ومعيشة المواطنين بشكل مباشر، أبرزها إقرار تجميد وتعليق الإجراءات الناجمة عن التعثر في سداد القروض السكنية حتى نهاية شهر حزيران 2020، أي 6 أشهر من تاريخ نشر الموازنة، وما يسري على القروض السكنية، يسري على القروض الصناعية والزراعية.
كما جرى تمديد مهل جباية الرسوم والمستحقات الضريبية على أنواعها الواردة في موازنة 2020 حتى نهاية شهر حزيران 2020، تماشياً مع الظروف القاسية التي يعيشها المواطن اللبناني.
وحسب الموازنة، أقر تقسيط تعويضات الصرف على مدى ثلاث سنوات. وهو يؤكد اعتماد سياسة الهروب إلى الأمام.
وتضمنت الموازنة بنداً يقضي بتحويل إيرادات شركتي الخليوي مباشرة إلى الخزينة العامة وليس الى وزارة الإتصالات، كذلك تحويل إيرادات مرفأ بيروت إلى الخزينة مباشرة.
وجرى إقرار رفع قيمة الضمان على الودائع المشمولة بضمانة مؤسسة ضمان الودائع المصرفية من 5 ملايين إلى 75 مليون ليرة.
وتم إقرار سداد كافة الخدمات والرسوم والضرائب المستحقة إلى الدولة أو أي من الشركات التابعة لها بالليرة اللبنانية حصراً.