مثلها مثل كل المسائل العالقة، تُركت قضية الإختلال في الأجور لتحل نفسها بنفسها، من دون اتخاذ المسؤولين عن السياسات النقدية والمالية أي خطوة إيجابية. وهو ما فتح الباب على مؤشر الحد الأدنى للأجور المحدد بـ 675 الف ليرة، وما إذا كان لا يزال صالحاً بعدما أصبح يساوي 290 دولاراً أميركياً أو ما يعادل 9 دولارات يومياً.
لا تعديل جدّياً
رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة لا تقل عن انخفاض قيمة صرف العملة المحلية ضرورة قصوى، لكن دونها عقبات كثيرة. فالشرط لإعادة التوازن لشريحة كبيرة من العمال هو “إعتراف الحكومة بحقيقة تغيّر سعر الصرف الرسمي أولاً، ومن ثم تخفيضه إلى 2000 ليرة أو أكثر بما يتناسب مع سعر السوق ثانياً”، يقول الباحث في قضايا التنمية نبيل حسن، ويرى أن “المسؤولين لديهم مصلحة في عدم تغيير سعر الصرف، وهو ما يُقفل الباب أمام أي عملية تعديل جدية يستفيد منها المواطنون عموماً وأصحاب الدخل البسيط خصوصاً”.
تغيير سعر الصرف سيؤثر سلباً بحسب بعض الخبراء على ثلاثة أمور، وهي: ثقة المجتمع الدولي، المصارف، والتضخم. لكن التمحيص أكثر بالحجج الموضوعة يظهرها فارغة من أي مضمون جدي. فمختلف الدول فقدت ثقتها بشكل كلي بالنظام اللبناني حكومة وسياسيين منذ أكثر من سنتين، وتحديداً مع عجز المسؤولين اللبنانيين عن الإلتزام بشروط مؤتمر “سيدر” الذي كان في وقتها “الأوكسجين للإقتصاد”، وفي ما خص المصارف فإن كل السياسات ما زالت تتمحور حول عدم تعريضها لأي خسارة أو لعدم تحميلها الجزء الاكبر من مسؤولية ما آلت إليه الأمور. وبما يتعلّق بالتضخّم فهو حاصل حكماً، والخوف من تحويل الزيادة في الكتلة النقدية بالليرة إلى دولار لن تكون له انعكاسات سلبية كبيرة في حال تعادل السعر الرسمي مع سعر السوق.
الفوارق الإجتماعية تتعمّق
هذا الواقع المستجدّ بدأ يعمّق الفوارق الإجتماعية ويزيد من مأساة العمالة الأجنبية الموجودة في لبنان. فالأغلبية الساحقة من العمال الأجانب في مختلف القطاعات كانت تتقاضى رواتبها بالدولار أو ما يعادل قيمتها بالليرة اللبنانية، نظراً لسهولة تحويل المبالغ إلى دولار وإرسالها إلى أسرهم في الخارج. إلا انه مع انخفاض قيمة العملة الوطنية تحولت رواتبهم “أوتوماتيكياً” إلى الليرة من دون أي زيادة لتغطية الفرق. وهو ما أوقعهم بخسائر كبيرة واضطُر قسم كبير منهم إلى مغادرة لبنان. وبحسب حسن فإنه “طالما الدولة تغضّ الطرف عن أرباب العمل، فإنهم يلجأون الى ممارسات تُعزّز ارباحهم على حساب شقاء عمالهم، سواء كانوا لبنانيين أم أجانب، وهذه ظاهرة خطيرة جداً في المجتمعات، وتدفع إلى الكثير من المشاكل”.
لقراءة المقال كاملاً إضغط هنا.