سندات اليوروبوند.. وإعادة الهيكلة

8 فبراير 2020آخر تحديث :
سندات اليوروبوند.. وإعادة الهيكلة

لا توجد حلول غير موجعة لأي أزمة اقتصادية؛ ومن  الملاحظ أن النقاشات الدائرة لصالح قيام لبنان بتسديد استحقاقات اليوروبوند في شهر آذار المقبل هي بغاية الغرابة، فمن غير الجائز، كما يؤكد الخبير القانوني الدولي في الشؤون المصرفية والاقتصادية المحامي علي زبيب لـ”لبنان24،” قيام الدولة باستعمال أموال المودعين لتسديد استحقاقات سندات اليوروبوند؛ في حين أن المصارف التي تتمتع بحماية معينة من النظام، تمنع هؤلاء المودعين أنفسهم من الولوج إلى أموالهم، بمعزل عن أن ما يجري يعد جريمة مالية واجتماعية بحق لبنان والمواطن وربما يؤدي إلى اندلاع موجات من العنف، الأمر الذي يستدعي من الحكومة ان تتحمل المسؤولية.

 

ثمة رأي تعبر عنه مجموعة من الشخصيات السياسية والإقتصادية يقول بأن على لبنان تسديد استحقاقات اليوروبوند، ومرد ذلك لا يتصل على الإطلاق بمصلحة لبنان، إنما من زاوية المصالح الشخصية والفردية لكون الأشخاص المعنيين قد اشتروا عدداً كبيراً من هذه السندات ويسعون إلى الربح السريع الذي يفوق الـ30 في المئة على حساب الشعب، مع إشارة زبيب إلى أن هذا الرأي يضم ما اسماه “أبواق التسديد الاستحقاقي”، الذين يهدفون إلى حماية أصحاب المصارف وحماية انفسهم، ويضم أيضا الذين اشتروا عدداً كبيراً من السندات ويراهنون على أن الطبقة السياسية لن تتجرأ على إعادة جدولة  الدين، علما أن إعادة الجدولة تتطلب استراتيجية واضحة  على مستوى عال من التقنية ولا بد من إدارتها من قبل  أشخاص يتسمون بالخبرة. هذه الاستراتيجية، وفق زبيب،  تقوم أولاً على الطلب من صندوق النقد الدولي التدخل في أقرب وقت ممكن شرط أن يترافق ذلك مع تعيين خبراء ماليين على مستوى عال من الخبرة ، وثانيا الدخول في مشاورات عميقة مع المقرضين وتحفيزهم على التنسيق المباشر بين مجموعاتهم، وثالثاً، السعي لطلب برنامج التسهيل السريع الذي يقدمه الصندوق ولا يتسم بالمشروطية، علما أن أي طلب تدخل يجب أن يقترن  بنجاح الحكومة في إقناع الصندوق بجدية قراراتها  لتنفيذ الإصلاحات رغم صعوبتها.

 

وعليه، فإن طلب التسهيل المالي السريع والذي قد يصل إلى 5 مرات من الحصة المحددة للبنان أي حوالي 4.5 إلى 5 مليارات دولار، قد يؤدي، بحسب زبيب، إلى موافقة الصندوق، علما أن آلية التنفيذ تقوم على تقديم وزارة المال طلب رسمي للصندوق مرفق بالتفاوض مع المدير العام للصندوق من أجل الحصول على المبلغ الأكبر ولأطول فترة سداد وبأفضل التسهيلات.

 

من الناحية التقنية، لا بد من الاشارة، كما يقول زبيب، إلى عدم قدرة لبنان على تحمل الديون، وبالتالي ضرورة اعادة الجدولة. فاستحقاقات سندات اليوروبوند سيتم  تسديدها من احتياط المصرف المركزي أي من ودائع الافراد، الأمر الذي سيساهم في تسريع الأزمة المصرفية المتوقعة خلال أشهر قليلة جداً، فآجال الاستحقاق نحو 4.8 مليار دولار سيخرج  منها نحو 3.5 إلى خارج لبنان وهي حصة الأجانب أي حوالي 60 في المئة وستتزايد بوتيرة سريعة.

 

وسط ما تقدم، فإن التبادل مع المصارف المحلية سوف يؤدي إلى زيادة خدمة الديون لعام 2020 وذلك بمبلغ 250 مليون دولار مما يجعل الديون أكثر صعوبة، كما سينخفض الاحتياط مقدار 3.5 مليار دولار وهو ما يعادل 3 سنوات من واردات المنتجات الدوائية للبلد باسره.

 

ولذلك، فإن الأثر المالي والضريبي الموصوف يعني، بحسب زبيب، أن الدين اللبناني غير مستدام ويحتاج إلى هيكلة فورية وقد طال انتظار اعلان هذه الهيكلة، علما أن المزيد من التاخير يعني أن الوضع سوف يسوء أكثر. ولذلك فان الإعلان عن نية إعادة الهيكلة لا يعني التخلف عن السداد، لأن التخلف عن السداد يكون في حالة تمتع المصدر السيادي بالقدرة على الدفع لكنه يختار عدم السداد، وهذه الحالة لا تنطبق على لبنان، كون الأموال غير متوافرة لديه، لأن الأموال المستخدمة هي أموال المودعين.

 

لا مفر من إعادة هيكلة سندات اليوروبوند؛ لأنه كلما طال الانتظار كلما خفت الاحتياطات، وكلما اضمحلت ذخيرة لبنان أصبح التغلب على الأزمة النقدية أشد تعقيداً، يقول زبيب.  ولذلك لا بد من أن تعلن “حكومة الانقاذ” عن إعادة الهيكلة ووقف المدفوعات، إلى حين إجراء  والمفاوضات بشان الدين بالدولار، بالتوازي مع خطة اصلاحية، لعلها تنجح في إرسال إشارات إيجابية للغاية  للخارج بأنها جادة بشأن الإصلاحات وتنظيف الديون المتراكمة وحماية المودعين.

 

إن تسديد سندات اليوروبوند سوف يرسل ، بحسب زبيب، إشارة خطيرة ويفاقم سمعة الحكومة الجديدة بأن لبنان يسير في لا خطة ويستخدم الجزء الأخير من أمواله لسداد الديون، فدفع السندات على حساب احتياطات الدولارات والمودعين باستخدام طرق باهضة الثمن سبق استخدامها، سينظر إليه بسلبية .

 

 

 

 

 

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.