القدرة الإنتاجية تراجعت بين 25 و75 %.. جرعة مالية للصناعيين من جيوبهم لتأجيل قبلة الموت

4 مارس 2020
القدرة الإنتاجية تراجعت بين 25 و75 %.. جرعة مالية للصناعيين من جيوبهم لتأجيل قبلة الموت

كتبت عزة الحاج حسن في “المدن”: يمدّ مصرف لبنان القطاع الصناعي، “المتهالك” تحت تأثير الأزمة المالية والمصرفية، بالمال المخصّص لاستيراد المواد الأولية بـ”القطارة”، بعد محاولات ومطالبات حثيثة أشبه بعملية استجداء. وقد وافق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على تأمين 100 مليون دولار فقط للصناعيين من أصل حاجتهم السنوية المقدّرة بـ3 مليارات دولار.

الأموال التشغيلية
مبلغ الـ100 مليون دولار الذي تمت الموافقة عليه، بعد أشهر من المطالبات والمخصّص للتحويل إلى الخارج لاستيراد المواد الأولية، ليس هبة ولا منحة ولا قرضاً أو سلفة، بل هو من أموال الصناعيين الخاصة بهم، والمجمدة في المصارف التي تمنع التصرف بها بسبب إجراءاتها غير المقبولة وغير المبرّرة. وهو يشكل فرصة للصناعيين لشراء المواد الأولية بداية لتحرير رؤوس الأموال التشغيلية. ووفق وزير الصناعة عماد حب الله، فإن سلامة وعد القطاع الصناعي بمدّه بمزيد من الجُرع المالية خلال الشهر المقبل “إذا أمكن”.

ووفق مصدر صناعي فإن هناك مخاوف كبيرة تسيطر على الصناعيين، تتمثّل بعدم التزام مصرف لبنان معهم بالإفراج عن مبالغ مالية جديدة، لتأمين استيراد المواد الأساسية اللازمة للصناعة. خصوصاً أن وعد سلامة بتأمين الأموال أُرفق بعبارة “إذا أمكن”. لكن حتى وإن التزم حاكم مصرف لبنان بمدّ الصناعيين بالجرعتين الماليتين المرتقب تأمينهم الشهر المقبل، فلن يكون ذلك كافياً على الإطلاق، يقول المصدر في حديثه إلى “المدن”. إذ أن المبالغ الموعودة تتراوح بين 300 و600 مليون دولار. وهي وإن كانت ستطلق العجلة الصناعية بشكل مؤقت، لكنها لن تشكّل حلاً نهائياً للقطاع الصناعي على مدى عام كامل، خصوصاً أن القطاع يحتاج إلى 3 مليارات دولار سنوياً.

رهينة القلق
على المصارف إيقاف القبض على الأموال والحجز عليها في ما يشبه الحجر الصحي، أو التوقيف الإحتياطي، فالموضوع وفق حب الله، ليس فيروس كورونا وليس قضية شيك من دون رصيد. ولا بد من أن يبادر مصرف لبنان والمصارف الخاصة إلى تحرير أموال المودعين. فالسياسات الخاطئة بدفع الفوائد المرتفعة أوصلتنا إلى الوضع الحالي، وإلى ما يرزح تحته اللبنانيون حالياً. والمطلوب حالياً وضع السياسات المرنة والتشجيعية والتحفيزية لتشغيل الأموال في مشاريع وتوظيفات انتاجية، و”آن الأوان لأن تدور الآلات في المصانع، وتشغل الدورة الاقتصادية، وتؤمن تكاملها”، يقول حب الله.

الصناعيون لم يكتفوا بوعود سلامة وتأييد حب الله، فقصدوا وزير المال غازي وزني لرفع مطالبهم، التي تتمثّل بتأمين التمويل اللازم لاستيراد المواد الأولية للتصنيع والإنتاج، ومعالجة التهريب والتهرب الجمركي، وأخذ إجراءات لتحفيز القطاعات الإنتاجية، وتشجيع الإستثمارات ومنع الهدر ومعالجة الأكلاف المتعلقة بالطاقة المكثفة، بالإضافة إلى معالجة قضية سعر صرف الدولار. لكنهم رغم ذلك ما زالوا رهينة القلق من عدم الالتزام معهم بتسهيل تحويلاتهم المالية لاستيراد المواد الأولية.

مئات المصانع
ويتخوّف المصدر من عدم التزام مصرف لبنان في الأشهر المقبلة بتحويل الأموال الموعودة. إذ أن مخزون غالبية المواد الاستهلاكية شارفت على الإنتهاء. وباتت دورة الإنتاج وتأمين السلع الضرورية للأسواق مهدّدة بالتوقف، “وهناك مئات المصانع قلّصت أعمالها بسبب شح الدولار والعجز عن استيراد المواد الأولية اللازمة للصناعة، في وقت تعيش فيه الأسواق حاجة ماسّة للصناعات اللبنانية في ظل تراجع حجم استيراد المواد الاستهلاكية الأجنبية”.

يُذكر ان القدرة الإنتاجية للقطاع الصناعي تراجعت خلال الأشهر الماضية بنسبة تراوحت بين 25 و75 في المئة على اختلاف المصانع وطبيعة إنتاجها.