تحت عنوان “أشمور”… “الضبع” الذي أدخلته المصارف إلى لبنان، كتبت “الأخبار”: بعد بيع المصارف نسبة كبيرة من سندات “اليوروبوندز” إلى مُستثمرين أجانب، بات “أشمور” القابض الأكبر عليها. هو صندوق استثماري بريطاني، يتربّص باقتصادات البلدان الناشئة، مُستثمراً في سنداتها عالية المخاطر حين يكون سعرها مُتدنّياً. يشبّهه البعض بحيوان الضبع الذي ينتظر ضعف فريسته لينقض عليها. رهانه على أنّ البلدان المحفوفة بالمخاطر ستعود بقوة، ما يُتيح له جني أرباح تفوق قيمة استثماراته.
يُضاف “صندوق أشمور” إلى لائحة المسؤولين عن تفاقم أزمة اللبنانيين. من المقلب حيث يقف، قد يَعتبِر “أشمور” أنّه مارس واحداً من أدواره في “الرهان” على ديون أسواق الدول النامية. الحديث عن “اللعب الأخلاقي” لا مكان له في عالم المال، ولا سيّما أنّ الصندوق البريطاني يتفيّأ بـ”لاأخلاقية” المصارف اللبنانية، التي قرّرت تسليمه رقبة الدولة. ولكن من وجهة نظر اللبنانيين، “أشمور” شريكٌ في تبديد ثروتهم، وعليه يقع جزء من المسؤولية، وبناءً على ذلك طبيعي أن يُبنى موقف “عدائي” تجاهه.
بدأ بروز اسم “أشمور”، خارج دائرة المسؤولين عن السياستَين النقدية والمالية ومجموعة المُتخصصين، بعد كشف معلومات عن بيع المصارف المحلية سندات دين تملكها بالعملة الأجنبية (“يوروبوندز”).
ففي الـ 2020، تستحق ثلاث دفعات من “اليوروبوندز” بقيمة مليارين و500 مليون دولار، كانت حصّة الدائنين الأجانب منها، في تشرين الأول 2019، تُشكّل 29.12%. الحيلة التي مارستها المصارف أدّت إلى ارتفاع حصّة الأجانب من السندات التي تستحق في 9 آذار (وتبلغ ملياراً و200 ألف دولار) إلى 51.3%، و76.7% في كلّ الاستحقاقات الثلاثة.
حصل كلّ ذلك خلال أسابيع قليلة، بعدما عرض حاكم مصرف لبنان على المصارف استبدال سندات تستحق في آذار، بأخرى استحقاقاتها أطول. المُشكلة الأولى في تكبير محفظة الأجانب من “اليوروبوندز”، هي أنّ العقود مع الدائنين تفرض الحصول على موافقة 75% من حملة السندات في كلّ شريحة من الشرائح، قبل المُباشرة بإعادة هيكلة للدين. وبالتالي، ستتعقّد عملية تخلّص الدولة اللبنانية من هذا العبء، بعدما “هرّبت” المصارف السندات بالعملة الأجنبية إلى الخارج، أولاً لأنّها لا تُريد إعادة هيكلة الدين وخسارة ما كانت تجنيه منه، وثانياً بهدف الحصول الفوري على السيولة.
أما المشكلة الثانية، فعنوانها “أشمور”. هذا الصندوق هو المستثمر في القسم الأكبر من السندات. في 22 شباط الماضي، نشرت صحيفة “فاينانشال تايمز” أنّ الصندوق البريطاني يملك أكثر من 300 مليون دولار من السندات التي تستحق في آذار، وأكثر من 25% من سندات “يوروبوندز” تستحق في نيسان وحزيران، علماً بأنّ سعر السند انخفض إلى أقلّ من 50 سنتاً، نتيجة النقاش الدائر محلياً حول التخلّف عن سداد استحقاقات السندات، والمُضيّ بعملية إعادة هيكلة للديون، وتوقّع أكثرية المستثمرين أنّ الدولة لن تدفع. لماذا استمر في الشراء؟ تشرح صحيفة “وول ستريت جورنال” ذلك، بأنّ عمل صندوق الاستثمار قصير الأجل لـ”أشمور” يقوم على “شراء سندات الأسواق الناشئة بأسعار منخفضة، مراهناً على أنّ الأسعار ستنتعش”. ويشرح رئيس قسم الأبحاث في “أشمور” إنّ الصندوق قصير الأجل “مُصمّم خصيصاً لمراعاة التقلّبات المنتظمة إلى حدّ ما في الأسواق الناشئة”. ماذا لو لم يفز رهانه؟ “من يزجّ بنفسه داخل النار، عليه أن يتوقّع كلّ السيناريوات”، يُجيب أحد الاقتصاديين.
سنة 1992، أسّس مارك كومبس (والرئيس التنفيذي الحالي) صندوق “أشمور” ليكون من أوائل شركات إدارة صناديق الاستثمار. تُعرّف الشركة عن عملها، على موقعها الإلكتروني، بأنّها “الرائدة والسباقة في أخذ زمام مبادرة الاستثمار في الأسواق الناشئة، في وقت يعتبر فيه الكثيرون أنّ أسواق ما يسمى بـ”دول العالم الثالث” محفوفة بالمخاطر.