هل تفوّق كورونا على عقوبات ترمب في خنق إيران؟.. الأرقام تجيب

24 مارس 2020آخر تحديث :
هل تفوّق كورونا على عقوبات ترمب في خنق إيران؟.. الأرقام تجيب

“الزعماء الأميركيون يكذبون… إذا كانوا يريدون مساعدة إيران، فما عليهم سوى رفع العقوبات، عندها سنتمكن من التعامل مع تفشي فيروس كورونا”. جملة للرئيس الإيراني حسن روحاني، كانت كفيلة بكشف المستور بأن حبل الخناق على طهران قد اشتد إلى اللارجعة، والبطل هذه المرة ليس العقوبات الأميركية بل “كورونا”!. 


منذ ما يقرب العامين، تعهد القادة الإيرانيون بمقاومة “الحرب الاقتصادية” التي تشنها الولايات المتحدة ضد بلادهم، حيث أدت العقوبات إلى خنق اقتصاد طهران أكثر من أي وقت مضى. حتى إن روحاني ألمح إلى أن “المهمة قد أنجزت”، في الخطاب الذي ألقاه في شباط الماضي.

والجدلية القائمة اليوم: هل نجح تفشي فيروس كورونا فيما لم تحققه العقوبات؟ لاسيما مع اختناق العديد من طرق التجارة الإقليمية التي أصبحت إيران أكثر اعتماداً عليها خلال الفترة الماضية، في محاولاتها الالتفاف على العقوبات؟. 

في الأسابيع التي تلت، بدأت تتخذ الإصابات منحا تصاعديا “مخيفا”، إذ تخطت أعداد الوفيات 1700 والإصابات 21 ألفا حتى يوم أمس الاثنين. ووفقا لوزارة الصحة، يلقى شخص حتفه بالمرض في البلاد كل 10 دقائق.

وبما أن إيران هي الدولة الأكثر تضرراً من المرض في الشرق الأوسط، أصبحت أكثر عزلة من أي وقت مضى. لتأتي المفاجأة بطلب إيران دعما ماليا من صندوق النقد الدولي بقيمة 5 مليارات دولار، وذلك لأول مرة منذ عام 1962، في حين تشكو من أن العقوبات تشل قدرتها على الاستجابة اللازمة.

وإن دل ذلك على شيء فهو أن فيروس كورونا قد وجه ضربة أشد لاقتصاد إيران من العقوبات الأميركية خلال فترة قصيرة جداً، وفق ما أظهر تقرير نشرته صحيفة “فايننشال تايمز الأميركية”.

إغلاق الحدود مع جيرانها
الضربة القاسمة لطهران أتت مع إغلاق العديد من جيرانها، بما في ذلك العراق وتركيا وباكستان وأفغانستان وأرمينيا، حدودهم أو فرضوا قيودًا على المعابر والتجارة، في ظل أزمة كورونا.. بعدما كانت طهران تستخدم هذه المعابر لتصدير إنتاجها بطرق ملتوية وعبر شبكة معقدة من الوسطاء والشركات الوهمية للحفاظ على تدفق البضائع والأموال، وإن كان ذلك بتكلفة أعلى وبأوقات تسليم أطول.

وتظهر أرقام إدارة الجمارك الإيرانية عن الفترة الممتدة من 21 اذار 2019 إلى 19اذار 2020، أن الوجهات الأساسية لصادرات إيران غير النفطية، هي على الشكل الآتي: الصين بالمرتبة الأولى بقيمة 22.9 مليار دولار، العراق بـ22 مليار دولار، الإمارات بـ10.5 مليار دولار، وأفغانستان بـ5.6 مليار دولار.

نقص في الأدوية ومعدات مكافحة كورونا
تشير الصحيفة إلى أن الشركات الإيرانية تستحوذ على حوالي 70% من احتياجات الأدوية في البلاد، ويتم استيراد الباقي أمّا الأدوية الجاهزة أو مدخلات إنتاج الأدوية. لم يخضغ هذا القطاع إلى العقوبات، ولكن صعوبة إجراء المعاملات المالية وامتناع البنوك في التعامل مع إيران خوفاً من أن تطالها عقوبات أميركية، أدى إلى نقص في بعض الأدوية المتخصصة، مثل أدوية السرطان… بما في ذلك المعدات اللازمة لمكافحة فيروس كورونا حالياً.

حتى قبل تفشي المرض، كان المسؤولون الإيرانيون يدركون تماماً أنهم لا يستطيعون إخفاء الأضرار التي ألحقتها العقوبات الأميركية، ولا سيما بالطبقة الفقيرة، حيث انخفضت صادرات النفط من 2.8 مليون برميل يومياً قبل عامين إلى بضع مئات الآلاف. كما يقدر صندوق النقد الدولي انكماش الاقتصاد بنسبة 9.5% العام الماضي.

وفقد الريال الإيراني أكثر من 50% من قيمته في الأشهر التي تلت انسحاب ترمب من الاتفاق النووي، وقفز التضخم فوق 40% وتخارجت الشركات الأجنبية من إيران.

تصدير بتروكيماويات بـ15 مليار دولار
وقد صدرت إيران بتروكيماويات بقيمة 15 مليار دولار، بما في ذلك البوليمرات والميثانول، ومنتجات فولاذية بقيمة 6 مليارات دولار و 8 مليارات دولار في الأشهر العشرة الأولى من السنة المالية الحالية، بحسب صحيفة “فايننشال تايمز”.

وارتفع إنتاج إيران السنوي من البتروكيماويات من 55 مليون طن قبل خمس سنوات إلى 66 مليون طن. وإذا كان من السهل على الولايات المتحدة تتبع صادرات النفط الخام الإيرانية، ولكن من الصعوبة بمكان تطبيق ذلك على المنتجات البتروكيماويات ، التي يمكن تكديسها في حاويات الشحن.

“إيران خودرو”.. مثالا على مقاومة العقوبات؟
فرض توالي انسحاب الشركات الأجنبية من إيران، واقعاً جديدا يلزم بعض القطاعات بإنتاج معظم قطع الغيار التي كان يتم توريدها من قبل الشركاء الأجانب.

مجموعة إيران خودرو الصناعية، وهي شركة إيرانية لتصنيع السيارات، كانت مثالاً صارخًا على الأضرار التي ألحقتها العقوبات الأميركية على قطاع الصناعات التحويلية في البلاد حيث قام الشركاء الأجانب، بما في ذلك بيجو ورينو، بتعليق عملياتهم في إيران.

واجتاح الخوف والفوضى الصناعة، وهي أكبر جهة توظيف بالقطاع الخاص في إيران. فُقدت آلاف الوظائف وظل ما يقرب من 200 ألف سيارة جديدة غير مكتملة مع توقف خطوط الإمداد للأجزاء المستوردة من أوروبا.

بدت الصناعة المحلية قريبة من الانهيار. ومع ذلك، قبل تفشي فيروس كورونا، كانت إيران خودرو “توصف” بأنها نموذج لمقاومة العقوبات لأنها زادت الإنتاج بواقع 2000 سيارة يوميا من مصانعها، وفق الرئيس التنفيذي للشركة فرشاد موغيمي.

غير أنه منذ تفشي أزمة كورونا، قامت الشركة بإرسال 2000 من عمالها البالغ عددهم 57000 ممن يعانون من مشاكل صحية إلى منازلهم.

فهل هذا يعني أن فيروس كورونا قد خدم أميركا في عزل إيران اقتصادياً، بمنطق الأمر الواقع، ولو كان على حساب الوفيات؟!. 

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.