تشير حالة الحَجر المنزلي وتعطّل سلاسل التوريد وانهيار اسعار النفط والقيود على السفر بالإضافة الى توقف كافة الأعمال، إلى تفاقم معدلات الركود في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ليبلغ ارتفاع معدلات الانكماش النسبة الأعلى منذ ثلاثة عقود.
لمواجهة هذا الواقع، تحاول الحكومات تخفيف الضرر الاقتصادي من خلال إطلاق حِزَم التحفيز، إلّا انّ الوضع الاقتصادي لمعظمها ضعيف. وقد عمدت البنوك في المنطقة الى خفض أسعار الفائدة، وأعلنت عن خطط لتوفير السيولة للمؤسسات المالية، خصوصاً للشركات الصغيرة والمتوسطة.
لكنّ دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي تملك مساحة مالية محدودة لزيادة الخدمات العامة ودعم المتضررين، ستواجه الضغط الأكبر. بالاضافة الى ذلك، تلقّت الدول المصدّرة للنفط في المنطقة، ضربة إضافية مباشرة من خلال انهيار أسعار النفط.
محلياً، أوضح ايراديان لـ”الجمهورية”، انّه تمّ تعديل توقعات نسبة الانكماش في لبنان بعد انتشار فيروس “كورونا”، وفرض حالة التعبئة العامة، من 9.6 في المئة في كانون الثاني الى 12.6 في المئة في العام 2020، بسبب حالة الشلل وتوقّف معظم نشاط القطاعات الاقتصادية.
وقال، انّ تداعيات تراجع اسعار النفط عالمياً الى النصف ستكون ايجابية بالنسبة للبنان، حيث ستتراجع فاتورة الاستيراد التي يشكّل النفط حوالى 20 في المئة منها، مما سيخفّف من عجز ميزان المدفوعات. كما انّ العجز المالي يمكن ان يتراجع نتيجة تراجع تحويلات الخزينة الى مؤسسة كهرباء لبنان الى أقل من النصف، مع تراجع اسعار النفط بحوالى 50 في المئة.
وأضاف، انّ تعرفة الكهرباء في لبنان الحالية لم يتمّ تعديلها منذ التسعينات، وهي موضوعة على اساس سعر وسطي لبرميل النفط عند 25 دولاراً، وبالتالي، “مع تراجع اسعار النفط تتراجع كلفة الإنتاج لمؤسسة كهرباء لبنان، وبالتالي تنخفض قيمة التحويلات المطلوبة من الخزينة لسد عجز المؤسسة”.
ورأى ايراديان، انّ الوقت مناسب الآن لتعزيز الوفورات التي يمكن ان تحققها مؤسسة كهرباء لبنان جراء تراجع اسعار النفط، من خلال تحسين الجباية وضبط الهدر وزيادة الإنتاج.
ومن ناحية ميزان المدفوعات، لفت ايراديان الى ايجابيات تراجع فاتورة الإستيراد نتيجة الانكماش الاقتصادي وتراجع اسعار النفط، سيقابلها تراجع ايضاً في فاتورة التصدير بسبب الانكماش الحاصل في كافة الدول التي يصدّر اليها لبنان، وبالتالي، ايجابيات تراجع اسعار النفط ستمحوها تداعيات الإنكماش العالمي.
واعتبر ايراديان، انّ ما يحصل في العالم اليوم جراء هبوط اسعار النفط الى تلك المستويات، بالإضافة الى تفشّي فيروس “كورونا”، نكسة عالمية شبيهة بالحرب العالمية او بالكساد الكبير الذي حصل في 1929، مشدّداً على انّ التوقعات الاقتصادية يمكن ان تتبدّل بصورة مستمرة جراء التطورات اليومية عالمياً، ولكن من سيئ الى أسوأ.