أسعار كثيرة للدولار.. والمنصة الإلكترونية ستعجز عن توحيده

لا يمكن ضبط سعر صرف الدولار إلا في حال ضخ دولارات في السوق

11 أبريل 2020
عملية "الحجر" على الأموال تتم بحق صغار المودعين فقط
عزة الحاج حسن
مهما اختلفت التسميات والتبريرات التقنية لفوضى سوق صرف الدولار في لبنان، تبقى النتيجة واحدة هي وجود ثلاثة أسعار للدولار رسمياً. فالتعميم رقم 149 (أصدره مصرف لبنان بتاريخ 3 نيسان 2020) حسم الأمر لجهة استحداث آلية لتسعير الدولار مقابل الليرة يومياً، وذلك من خلال التداول بالعملات الأجنبية عبر منصة إلكترونية، يشارك فيها مصرف لبنان والمصارف اللبنانية والصرّافين من الفئة (أ). وبصرف النظر عما إذا كانت تلك المنصة ستشكل نقطة الإنطلاق نحو تحرير كامل لسعر الصرف أم لا.. إلا أنها سترسخ تعدد أسعار الصرف، في ظل شح الدولار في السوق، وغياب الآلية المُلزمة للصرافين بسعر المنصة.

هل المنصة الإلكترونية ستوحد سعر صرف الدولار بين الصرافين؟ وهل من آلية لإلزام الصرافين من الفئة (ب) بالتعامل بالدولار وفق السعر المحدد من خلال المنصة؟ وهل ستستمر المصارف باعتماد سعر 2600 ليرة للدولار للتعامل مع صغار المودعين؟ أسئلة كثيرة تدور جميعها في حلقة مفرغة، يصعُب الخروج منها أقله في المرحلة الراهنة، التي تقوم على فوضى سوق الصرف وعجز المعنيين عن ضبط الأسعار.

المنصة
يتابع مصرف لبنان العمل على إطلاق المنصة الإلكترونية التي أعلن عنها في تعميمه الأخير رقم 149. وقد تقدّم عدد من الصرافين فئة (أ)، وهي الفئة التي تُشكّل أحد أضلع المنصة ويتجاوز رأسمال أفرادها 750 مليون ليرة، بانتظار أن يقوم مصرف لبنان بدراسة ملفات الصرافين المُتقدّمين بطلباتهم، واختيار المخوّلين منهم المشاركة في التداول بالعملات الأجنبية عبر المنصة، إلى جانب المصارف والبنك المركزي. ومن المتوقع ألا يستغرق الإعلان عن المنصة فترة طويلة، تتراوح بين أيام عدة أو أسابيع قليلة كأبعد تقدير. وستأخذ المنصة شكل تطبيق إلكتروني application يتيح التداول بالعملات الأجنبية on line فقط.

المصارف والـ2600
وإلى حين إطلاق المنصة رسمياً وتحديد سعر صرف الدولار في السوق الموازية، ستستمر المصارف بالتعامل مع صغار المودعين الذين لا تزيد حساباتهم عن 3 آلاف دولار أو 5 ملايين ليرة، وفق سعر صرف 2600 ليرة للدولار الواحد، من دون تحديد أي معيار واضح لاعتماد هذا السعر دون سواه. وهو سعر يقل كثيراً عن سعر صرف الدولار المتداول بين الصرافيين القانونيين وغير القانونيين على السواء. إذ يتراوح سعر الدولار في السوق الموازية بين 2850 و2950 ليرة وقد تجاوز أكثر من مرة عتبة 3000 ليرة للدولار.

وعلى  الرغم من إقفال المصارف أبوابها في وجه الزبائن، بدأ بعضها بتلقي طلبات من أصحاب الودائع التي تقل عن 3 آلاف دولار أو 5 ملايين ليرة طلباً للإستفادة من تعميم مصرف لبنان رقم 148، الذي يتيح لهم سحب أموالهم بالليرة اللبنانية. ومن بين المصارف التي بدأت بتطبيق التعميم، بنك سوسيتيه جنرال وبنك لبنان والمهجر وغيرها، في حين تتريّث بعض المصارف في تطبيق التعميم، بانتظار استكمال إعداد لوائح المودعين، ومنها بنك الإعتماد اللبناني.

لا ضبط للدولار
هل سيكون سعر الدولار الصادر عن المنصة الإلكترونية مُلزِماً للصرافين كافة؟ وفق ما هو مخطّط له، سيتم وضع آلية وتعاميم من مصرف لبنان تُلزم الصرافين بالتداول بسعر الدولار، وفق ما يصدر عن المنصة الإلكترونية، يقول نقيب الصرافين في حديثه محمود مراد إلى “المدن”. لكن لم يتم حتى اللحظة تزويد الصرافين بأي تفاصيل فيما يخص تحديد سعر الدولار. وبالتالي، لا يزالون يتداولون بالدولار على قاعدة العرض والطلب. وبرأي مراد، فإن المنصة ستساعد في توحيد سعر الدولار في صفوف الصرافين.

لكن لرئيس لجنة الرقابة على المصارف المنتهية ولايته، سمير حمود، رأي آخر. فلا يمكن ضبط سعر صرف الدولار إلا في حال ضخ دولارات في السوق، لاسيما في ظل ارتفاع الكتلة النقدية من خلال ضخ العملة اللبنانية شهرياً. بهذه العبارة يحسم حمود الحديث عن إمكان توحيد سعر صرف الدولار. ويوضح وفق حديثه إلى “المدن”: طالما أن هناك مليارات الدولارات تقارب 110 مليارات متواجدة في المصارف، ولا يمكن أن تباع من قبل المودعين، فإن عرض الدولار والطلب عليه من المستحيل أن يتوازنا. وبالتالي لا يمكن توحيد سعر الصرف.

ونظراً لكون المنصة الإلكترونية ستُشرك كبار الصرافين (الفئة أ)، على أن يتم التعامل من خلالهم مع صغار الصرافين (الفئة ب)، يبقى التحدي الأساس بالأعداد الكبيرة من الصرافين غير القانونيين وغير المنظمين، والذين تعجز السلطات حتى اللحظة عن ضبط نشاطهم.

والنتيجة أن المنصة الإلكترونية ستستحدث سعراً رسمياً جديداً للدولار، تحت رعاية مصرف لبنان، في حين سيستمر الصرافون باعتماد سعر ثالث وذلك بحكم طبيعة السوق، ونظراً لشح الدولار فيه. وبذلك ستتكرّس الأسعار الثلاثة، مع ما يمكن أن ينتج عن فوضى السوق لاحقاً لجهة اتساع السوق السوداء.

المصدر المدن