كورونا يسعّر الإشتباك بين المالكين والمستأجرين.. والدولة ترميها على المالكين

13 أبريل 2020
كورونا يسعّر الإشتباك بين المالكين والمستأجرين.. والدولة ترميها على المالكين

فاقم وباء كورونا من تداعيات الأزمتين المالية والإقتصادية، وبحكم التعبئة العامة أضحت قطاعات عدّة من دون عمل. ومن ضمن الفئات المتضررة مالكون ومستأجرون وجدوا أنفسهم في مواجهة بعضهم البعض مرّة أخرى.
فريق المالكين عانى الأمرّين من جرّاء قوانين مجحفة على مدى عشرات السنين، صودرت أملاكه لقاء بدلات زهيدة، وبين هذه الفئة أسرٌ تعتاش من بدلات الإيجار ولا مصدر رزق آخر يقيها العوز. في المقابل المستأجرون الذين توقّفت أعمالهم لم يعد بإمكانهم تسديد بدلات الإيجار، بعدما أضحوا بلا عمل. في مثل هذه الحال تتدخّل حكومات الدول لمساندة المتضررين، لاسيّما وأنّ الأزمة لا تطال فئة دون سواها، لكن في لبنان أدارت الحكومة ظهرها لهؤلاء، ولم تقم بأيّ إجراء لمساندتهم، وهي المشاركة في مصادرة أملاكهم من خلال الأبنية التي تشغلها وزاراتها وإداراتها.

اقتراح يتيم للنائب ابراهيم كنعان بتعليق المهل العقدية والقانونية والقضائية، ومن شأن إقراره تعليق بدلات الإيجار ستة أشهر، وهكذا يتدخّل المشرّع ليس ليحلّ الأزمة بل ليفاقمها، بحيث يُترك المالك محرومًا من مصدر رزقه ستة أشهر، ويُراكم على المستأجر البدلات، وفق ما اعتبر رئيس نقابة المالكين باتريك رزق الله في حديث لـ “لبنان 24”.

قصور تشريعي يضاف إلى النأي بالنفس الحكومي، وحيال هذا الواقع يلفت رزق الله المسؤولين والمنظّرين إلى أنّ المالك هو مواطن مثله مثل المستأجر يعتاش من بدل الإيجار، فكيف يشتري الغذاء والدواء طيلة ستة أشهر؟ ويضيف رزق الله أنّ البدلات، وغالبيتها بالليرة اللبنانية انخفضت قيمتها على خلفية أزمة الدولار. مستغربًا الرؤية التشريعية المتمثلة باقتراح كنعان التي تتدخّل في خدمة خاصة وليست عامة، لترمي بالمسؤولية وبالتبعات على مواطن هو بحاجة لمن يحميه، فتتنصّل الدولة من مسؤولياتها مرّة جديدة، لا بل تساهم بضرب خدمة الإيجار وبإثارة قلق المستثمرين من الإستثمار في خدمة ذات بعد اجتماعي، وكأنهم يقولون للمالكين لا تستثمروا في قطاع الأبنية والعقارات. وطالما الأمر هكذا لماذا لا تُناط خدمة الإيجار بجمعيات تبني مساكن ولا تتوخى الربح؟

رزق الله لا يصوّب على أزمة كورونا فقط، “فقبلها بسنوات لم يكن هناك أزمة وفي الوقت نفسه حُرم المالك من بدلات الإيجار، ونحن اليوم بأمس الحاجة الى بدلات الإيجار أكثر من ذي قبل، كون الأزمة المعيشية حادّة وقاسية على المالكين ولا ضمانة لنا سوى أملاكنا”. وأضاف “أنّ المالكين في صدد التحرك في الشارع والاعتصام قريبًا جدًا، في حال إدراج قانون تأجيل بدلات الإيجار ستة أشهر، إذ أنّ هذا الإقتراح أشدّ خطرًا علينا من كورونا. كما أنّ حرماننا من المدخول لتأمين معيشتنا هو اقتراح إعدام في حق المالكين”.

رئيس لجنة المستأجرين في بيروت وجيه الدامرجي أضاء في اتصال مع ” لبنان 24″ على أزمة المستأجرين قائلًا “المستأجر والمالك الإثنان في ورطة اليوم نتيجة الأزمة، والمستأجر غير قادر على تسديد قرش واحد من بدل الإيجار، وعسى أن يتمكّن من تأمين المأكل والمشرب في ظلّ هذه الأوضاع في زمن الغلاء الفاحش، ومن المستأجرين من بات يتتقاضى نصف راتب ومنهم من أضحى بلا عمل، وفي معظم الدول عُلّقت بدلات الإيجار مدّة ثلاثة أشهر”.

اقتراح كنعان يبدو مقبولًا من المستأجرين نوعاً ما، وعن تراكم بدلات الإيجار على المستأجر في هذه الحالة، طالب دامريجي بأنّ يتم تقاضي البدلات لاحقًا على دفعات وليس دفعة واحدة. وصوّب على دور الدولة الغائب عن هذه الأزمة طارحًا حلولًا متقدّمة، لا تدخل الفئتين بنزاع، بل تمنح المالك مقوّمات أو حوافز ليتمكن من تمرير المرحلة، ومنها إعفاء المالك من الضرائب كرسوم الإنتقال وغيرها “الدولة في حال تقاعس تام عن عملها، وهي متنصّلة من القيام بواجباتها، وغير مبالية بمعضلتنا، تفاءلنا خيرًا بهذه الحكومة، ولكن لم يطل الوقت حتّى أُحبطنا مع الأسف، فهي تشبه الحكومات السابقة، تُدخل المالكين والمستأجرين في نزاعات، وتقف موقف المتفرج،وعندما يقرّون قانونًا يضيعونه بصيغة مبهمة”.

الدامرجي لفت إلى تلقيه عشرات الإتصالات من مستأجرين باتوا مهدّدين بالإخلاء “وهذا غير مقبول ولن نسمح به، وعلى الدولة أن تجد الحلول فهذه مسؤوليتها”.

في مقابل لا مبالاة الحكومة حيال أزمة بدلات الإيجار التي قد ينجم عنها إنفجار اجتماعي، تبقى المعالجات النيابية غائبة أو منقوصة، بحيث يغيب عن بال نواب الأمة أنّ حماية الملكية نصّ عليها الدستور اللبناني في الفقرة “واو” من مقدمته وفي المادة 15 منه كما لفت نقيب المحامين ملحم خلف في معرض رفضه المساس بمدّخرات اللبنانيين في أي صيغة علاجية حكومية. وفي هذه المعضلة المالك والمستأجر في صفّ واحد، الإثنان ضحية تقاعس حكومتهم عن تأمين مقومات الصمود.