المقصود، أن مصرف لبنان أراد أن تقوم شركات التحويل المالي ومنها OMT وWestern Union وغيرها، بتسليم زبائنها أموالهم بالليرة اللبنانية، مشدداً على احتساب سعر الدولار “وفق سعر السوق”. وهنا تكمن المشكلة، فعن أي سعر سوق يتحدث مصرف لبنان؟ ومن الذي يحدد سعر السوق؟ خصوصاً أن المنصة التي كان تحدث عنها، ليتم بموجبها تحديد سعر صرف الدولار يومياً، لم يبدأ العمل بها حتى اللحظة. ما يعني أن سعر السوق ليس موحداً، وبطبيعة الحال، يختلف سعر صرف الدولار بين صراف وآخر وبين منطقة وأخرى.
هذا الإرباك دفع بالعديد من المواطنين إلى التواصل مع شركات تحويل الأموال للإستفسار عن سعر الدولار المعمول به، لسحب أموالهم المحولة من الخارج، لاسيما أن سعر السوق غير محدّد. وأعرب البعض عن مخاوف من اعتماد مؤسسات التحويل السعر المعتمد للدولار لدى المصارف، أي 2600 ليرة، لما يشكل من غبن بحقهم، فهو يقل بأكثر من 21 في المئة عن سعر السوق الحقيقي المتداول حالياً والبالغ نحو 3300 ليرة.
لا آلية واضحة
الإرباك الحاصل بين المواطنين وشركات تحويل الأموال، استدعى من مصرف لبنان إصدار توضيح للتعميم، أفاد فيه أن عمليات سداد قيمة التحويلات الالكترونية الواردة من الخارج بالليرة اللبنانية، يجب أن تتم بسعر السوق في يوم التسديد، مهما كان السعر، وليس بحسب سعر مثبت، لافتاً إلى أن كل ما يتم تداوله عن تثبيت سعر الصرف لسداد التحويلات الالكترونية بالليرة غير صحيح.
توضيح مصرف لبنان كما تعميمه لم يحدّد آلية لاعتماد سعر صرف الدولار. ونظراً لغياب آلية واضحة وعدم انطلاق المنصة الإلكترونية، أقدمت إحدى أكبر شركات التحويل في لبنان OMT إلى التعميم على وكلائها، بأنها مستمرة بتسليم الدولار إلى الزبائن، ريثما يتم وضع الآلية اللازمة وإكمال التعديلات التقنية لتطبيق تعميم مصرف لبنان. كما لم تحدّد الشركة موعداً لتنفيذ التعميم.
“المدن” تواصلت مع OMT، وتبيّن أن الشركة ستستمر بتسليم الدولار للزبائن إلى حين وضع آلية دقيقة من قبل مصرف لبنان، يحدّد بموجبها سعر صرف الدولار المعمول به في السوق: “إذ لا يمكن للشركة تسليم الزبائن حوالاتهم بالليرة اللبنانية وفق سعر غير محدّد رسمياً بشكل دوري”، يقول المتحدث ويضيف: “ومن غير الممكن ان تتعامل الشركة بسعر الصرف الذي تتعامل به المصارف أي 2600 ليرة. إذ أن هذا السعر لم يتم وضعه وفق آليات دقيقة، ولم يحدده المصرف المركزي. والشركة غير مُلزمة باعتماده”.
من هنا تستمر OMT بتسليم الدولارات إلى الزبائن، إلى حين تحديد مصرف لبنان لسعر صرف السوق.
الاستحواذ على الدولار النقدي
يأتي تعميم مصرف لبنان المذكور، والموجه إلى مؤسسات التحويل المالي، في إطار سياسته المبنية مؤخراً على سحب الدولارات من السوق، واستحواذه على الواردة منها إلى المواطنين عبر مؤسسات التحويل المالي، التي باتت تشكل المنفذ الوحيد أمامهم، بعد إغلاق المطار نزولاً عند إجراءات مكافحة انتشار كورونا، وبعد اعتماد المصارف كافة وسائل الضغط ومختلف القيود على حركة الأموال خصوصاً بالعملة الاجنبية. لكن من المُستغرب أن يُلزم مصرف لبنان المواطنين على استلام تحويلاتهم بالليرة من مؤسسات التحويل، علماً أنها تُعد أموالاً طازجة Fresh money، فيتعامل معها بخلاف ما هو مُعتمد لدى المصارف مع الأموال الطازجة، خصوصاً ان مصرف لبنان شدّد في تعميمه السابق على حرية التصرف من قبل الأفراد بأموالهم الجديدة Fresh money.