عزة الحاج حسن
اتخذت شركات التأمين قرارها النهائي باستيفاء أقساط التأمين وثمن البوالص لكافة فروع التأمين بالدولار الأميركي، أو ما يعادله بالليرة اللبنانية وفق سعر صرف السوق، على أن تُسدد التعويضات الناشئة عن هذه المخاطر بالطريقة نفسها أيضاً.
جمعية شركات الضمان ACAL لم تتردّد في إقرار تعديل تعرفاتها وربطها بسعر الدولار حسب سوق الصرافين، مستندة بذلك لكونها تتكبّد خسائر جراء التفاوت الكبير والمتواصل بين سعر الصرف الرسمي لليرة اللبنانية وسعر صرف السوق، ونتيجة تطبيق سعر الصرف الرسمي لتسديد المضمونين بوالصهم بالليرة، وهي المحدّدة أصلا بالدولار، وفق تبرير ACAL.
الخسائر التي تتحدث عنها شركات التأمين، والتي دفعتها إلى رفع تعرفاتها وتسعيرها بالدولار، ترتبط بتسديد الأكلاف الناشئة عن المخاطر بما يوازي العملة الأجنبية، وفقاً لسعر صرف السوق، إن بالنسبة للتأمين على الحياة أو بالنسبة لفواتير المستشفيات أو بالنسبة لتبديل قطع السيارات أو غيرها، أضف إلى أن تسديد مبالغ إعادة التأمين إلى معيدي التأمين، يتم بالعملة الأجنبية التي يتعذّر على الشركات تأمينها إلاّ بسعر صرف السوق.
قرار منفرد وغير مدروس
نعم، شركات التأمين تتكبد خسائر في تغطية بعض البوالص تصل إلى 30 في المئة. لكن ذلك لا يبرّر قرارها المنفرد وغير المدروس، يقول مصدر رفيع في لجنة مراقبة الضمان التابعة لوزارة الاقتصاد. فتجمع شركات التأمين لا يحق له ولا يملك الصلاحية لربط تسعيرة التأمين بالدولار إلا بموافقة وزارة الاقتصاد. ويؤكد المصدر في حديثه إلى “المدن” أنه نظراً لكون قرار شركات التأمين اتُخذ من دون موافقة الوزارة، فإنه يُعتبر غير نافذ حتى اللحظة، بانتظار أن تقوم الوزارة بوضع دراسة دقيقة تبيّن فيها مدى أحقية شركات التأمين في اعتماد تسعيرة الدولار أو الليرة وفق سعر السوق.
إذاً، تعتبر وزارة الاقتصاد أن قرار شركات التأمين حتى اللحظة غير نافذ وغير مُلزم. وهو ما دفع بلجنة مراقبة هيئات الضمان إلى إصدار بيان، تحمّل فيه مسؤولية الحديث عن اعتماد سعر السوق كسعر صرف للدولار فيما يتعلق بعقود الضّمان، لمُطلقه. أي لتجمع شركات التأمين. طالبة من الطرفين، أي حملة عقود الضّمان وهيئات الضّمان (شركات التّأمين)، مراجعة لجنة مراقبة هيئات الضّمان في وزارة الاقتصاد. فماذا يعني ذلك، وهل على الزبون المؤمّن أن يرضخ لشركة التأمين ويدفع لها القسط وفق سعر صرف السوق؟
راجعوا عقودكم
استناداً إلى العقود المبرمة بين المؤمّنين والشركات، ولأن العقد هو شريعة المتعاقدين، فلا يحق لشركات التأمين أن تُلزم أحد بالدفع بالدولار أو وفق سعر السوق، فيما لو كان عقده بالعملة المحلية، يؤكد المصدر في لجنة مراقبة هيئات الضمان. أما في حال كان العقد مبرماً بالدولار الأميركي، فإنه يحق للشركة استيفاء ثمن الأقساط بالدولار أو ما يوازيها بالليرة. وهنا تكمن الأزمة: فأي سعر صرف سيُعتمد؟ يوضح المصدر بأن شركات التأمين تستند في قرارها إلى التعميم الأخير لمصرف لبنان، الذي يجيز فيه للمصارف التعامل مع المودعين وفق سعر صرف السوق، والوزارة لا تزال تعمل على حل هذه الأزمة.
لا تسددوا
إلا أن حملة الدفاع عن المودعين تحسم الجدل حول آلية استيفاء أقساط التأمين، وتجزم بأن استيفاء الأقساط الدولارية بالعملة اللبنانية وفق سعر السوق، هو أمر مخالف للقانون “فشركات التأمين مُلزمة باعتماد سعر الصرف الرسمي وهو 1507 إلى 1515 ليرة. وتشدّد الحملة بأن على شركات التأمين استيفاء ثمن البوالص بالليرة اللبنانية وعلى سعر الصرف الرسمي، داعية المؤمّنين إلى الإمتناع عن سداد ثمن البوالص على غير هذا النحو، ومقاضاة الشركات التي ترفض قبول الدفع بالليرة اللبنانية وعلى سعر الصرف الرسمي، والتواصل مع الحملة على الخط الساخن للمساعدة.
عقودنا بالدولار
في المقابل تبرّر شركات التأمين إصرارها على استيفاء ثمن البوالص وفق سعر صرف السوق، بأن غالبية العقود مبرمة بالدولار وأكلاف الشركات مستحقة بالدولار. من هنا، ترك التجمع لشركات التأمين حرية تقاضي ثمن أقساطها بالليرة أو بالدولار، وفق حديث رئيس تجمع شركات الضمان ايلي طربيه إلى “المدن”. فالعقود التي تبرمها الشركات مع المؤمّنين تتم بالدولار. الأمر الذي يعطي الحق لشركات التأمين بتقاضي أقساطها بالدولار أو بالعملة اللبنانية وفق سعر صرف السوق، لاسيما أن الشركات تسدد أقساط معيدي التأمين في الخارج بالدولار حصراً، وكذلك فواتير المعدات الطبية وقطع غيار السيارات، و50 في المئة من فواتير المستشفيات بالدولار.
سعر المنصة وليس 2600 ليرة
عدد كبير من شركات التأمين لم تنتظر قرار الوزارة، فقد عمّمت يوم الأربعاء 22 نيسان، على العاملين لديها وعلى الوسطاء، أن يباشروا استيفاء ثمن البوالص من المؤمّنين، إبتداء من مطلع شهر أيار المقبل، بالدولار أو بالليرة وفق سعر صرف 2600 ليرة للدولار، ليُصار إلى رفعه لاحقاً وفق سعر الصرف المُعتمد من خلال المنصة الإلكترونية، التي أنشأها مصرف لبنان. وفي حال باشرت المنصة عملها خلال الأيام القليلة المقبلة، وفق ما هو متوقع، فإن شركات التأمين ستعتمد مطلع شهر أيار سعر صرف المنصة وليس 2600 ليرة للدولار.
وابتداء من اليوم الخميس 23 نيسان، باشرت وزارة الاقتصاد إجراء جولات على شركات التأمين، للتفاوض معها بشأن العملة التي سيتم العمل وفقها مع المؤمّنين، كل وفق العقد المبرم بينه وبين الشركة. وقد علمت “المدن” من بعض خبراء التأمين أن عدداً من الزبائن يتجه إلى عدم تجديد بوالص التأمين الخاصة به، بسبب ارتفاع التكلفة عليه، بعد إقرار الشركات استيفاء ثمن البوالص بالدولار وفق سعر السوق، مع استثناء بوالص التأمين الإلزامي، التي يتم تحديدها من قبل وزارة الاقتصاد بالليرة حصراً. ما يعني أن التأمين الإلزامي ستبقى تسعيرته كما هي حالياً (بين 65 ألف ليرة و75 ألف)، أقله على المدى المنظور.
يُذكر أن لجنة مراقبة شركات الضمان عمّمت الأرقام والعناوين التالية لمراجعتها من قبل حمَلة عقود الضّمان أو شركات التّأمين أو سواهم، على الرقم 01999069 أو عبر تطبيق الواتساب، على الرقم 81999069 أو عبر البريد الإلكتروني icc-care@insurancecommission.gov.lb