“الإنهيار المستقبلي” أكثر إيلاماً من اليوم!

عدم إلتزام المصارف بالتعاميم يزيد "الطين بلّة" في زمن "فوضى الدولار"

25 أبريل 2020
باتريسيا جلاد

بعد الفوضى العارمة التي سادت أمس الأول بعيد الإرتفاع المفاجئ لسعر صرف الدولار الأميركي أمام الليرة اللبنانية الذي لامس الـ4000 ليرة، ومسارعة بعض نواب الأمة الى رفع الصوت لإقالة حاكم مصرف لبنان، شهدت سوق الصرّافين إقفالاً تاماً تحذيراً من استمرار تدهور سعر صرف الليرة.

هذا الأمر دفع المواطنين الى التوجّه أمس صوب المصارف في محاولة لسحب أموالهم، أو السؤال عن تطبيق التعاميم التي صدرت عن مصرف لبنان والتي لم تدخل بعد حيّز التطبيق، لا سيما سحب وديعة الدولار بالليرة اللبنانية وفق سعر صرف الدولار في السوق.

كثرت التساؤلات مع “فوضى الدولار” الذي تراوح أمس بين 3860 للشراء و3890 للبيع، وتسارع وتيرة تفاقم الأزمة المالية في البلاد، وحول إمكانية إقالة حاكم مصرف لبنان قانوناً، وحظوظ ايجاد حلّ للمعضلة النقدية في البلاد؟

من الناحية القانونية وعملاً بالمادة 19 من قانون النقد والتسليف “في ما عدا حالة الاستقالة الاختيارية، لا يمكن اقالة الحاكم من وظيفته الا لعجز صحّي مثبت بحسب الاصول او لاخلال بواجبات وظيفته في ما عناه الفصل الاول من الباب الثالث من قانون العقوبات، او لمخالفة أحكام الباب 20 (التي تنصّ على عدم جواز الجمع بين وظيفتين في الشأن العام أو الخاص أو تلقي منفعة)، او لخطأ فادح في تسيير الاعمال.

وفي حال تمّ الإستناد الى الخطأ الفادح في تسيير الأعمال، وتمت إقالته وسقط “كبش محرقة” الحكومة المزعومة تكنوقراط جراء فشل السياسيين في شطب المحاصصة من سجلاتهم في إدارة أزمة البلاد ووضع خطة إصلاحية على السكة، هل سينخفض الدولار او هل من الممكّن أن نصل الى حلّ لأزمتنا تلك ونكسب ثقة المجتمع الدولي مجدداً، فيمدّ لنا يد العون؟

عرض محدود

لا يختلف اثنان على أن إقالة سلامة في ما لو حصلت، “ستطيّر سعر الدولار أكثر مما هو طاير”، والهرج والمرج سيتفاقم. هذا من جهة، ومن ناحية الأخرى، يسأل مصدر مالي خلال حديثه مع “نداء الوطن” هل من الممكن تغيير ضابط يقود المعركة في نصف الطريق؟”.

وحول سبب الإرتفاع السريع للدولار، أشار الى أنه “صحيح أن حجم السوق صغير نسبة الى العرض، لكن حجم الطلب على الدولار كبير جداً وطالما أن العرض من الدولار محدود ولا يوجد تدفقات من الخارج والودائع “محبوسة” في المصارف، فلا يمكن مواجهة الطلب الكبير الناتج من القطاع التجاري ورغبة الناس بالإحتفاظ بالعملة النادرة في منازلها وإخراجها من البلاد”.

لافتاً الى أنه “في نهاية المطاف تتمّ الهجمة على الحاكم بغية تغييره في هذا التوقيت وتعميق الأزمة”.

وأشار المصدر الى أن “الأزمة لا تحلّ بنظرية أو بقرار واحد وإنما بمسيرة مستمرة طويلة وفي وجود أصحاب الخبرة التنفيذيين الموجودين في إدارتها”.

لافتاً الى أن “الفوضى الموجودة اليوم تأتي نتيجة سوء إدارة الأزمة جراء عدم اكتمال التنسيق والتضامن بين المؤسسات الرسمية والمالية والنقدية والإقتصادية”.

وأكد على “أهمية تضامن المصارف والتنسيق في ما بينها والإلتزام بالتعاميم التي تصدر عن حاكم مصرف لبنان، الأمر الذي يزيح عملية الإنتقاص التي تحصل من هيبة “المصرف المركزي” والإستقواء عليه.

وغياب الإلتزام يلمسه المواطنون والتجار إذ تصدر تعاميم عن “المركزي” ولا تدخل حيّز التطبيق، بذريعة عدم قدرة كل المصارف على الإلتزام بها.

المصارف متجاوبة

هذا الإدعاء بعدم تطبيق البنوك لتعاميم مصرف لبنان، لقي اعتراضاً من رئيس جمعية المصارف في لبنان سليم صفير، الذي أكد في بيان أنه “منذ تولي رئيس الحكومة مهامه، ويُبدي كل تجاوب وتعاون معه وهو التقاه في مناسبات عدة سعياً إلى إيجاد حلول للخروج من الأزمة”.

تعدّدت أسباب الهرج والمرج الذي ساد في اليومين الماضيين جرّاء الإرتفاع الصاروخي لسعر الدولار والذي عزاه البعض الى تدخل مشترين كبار غير تجاريين ما رفع سوق الصرف من 5 ملايين دولار يومياً الى 15 مليوناً.

لكن النتيجة بقيت واحدة، الجوع أمامنا، سيتملك اكثر الطبقة الفقيرة ويتسلل الى الطبقة الوسطى التي تشعر به بقوة اليوم، في ظلّ المستحقات التي ستترتب عليها «بعد كورونا» ليس من جراء التضخم وارتفاع الأسعار في السوبرماركت فحسب، بل لناحية مستحقات الأقساط المدرسية التي بدأت تطالب المؤسسات التربوية بتسديدها لتدفع أجور المعلمين، والإيجار السكني وفاتورة مولّد الكهرباء ومؤسسة كهرباء لبنان، والمياه وأقساط بوالص التأمين التي ارتفعت تسعيرتها… وحدّث بلا حرج. تبقى النتيجة واحدة «الإنهيار المستقبلي سيتجاوز بأضعاف الإنهيار الذي نشكو منه اليوم».

المصدر نداء الوطن