ملاقاة صندوق النقد الدولي للخطة الحكومية بايجابية واعتبارها على لسان مديرته كريستالينا جيورجيفا “خطوة مهمة إلى الأمام لمواجهة تحديات لبنان الاقتصادية”، هو ترحيب مشروط اولاً وأخيراً بالاصلاحات. ولمن يعرف طريقة عمل “الصندوق” يدرك تماماً أهمية رفد الاقوال بالافعال.
قبل كل شيء فان لبنان هو عضو في الصندوق chair holder، ويتمتع بعلاقات جيدة مع مختلف الدول الاجنبية، ويعتبر موقعه الجيوسياسي في المنطقة مهماً، ولا أحد يرغب في المزيد من الدول المتعثرة في المنطقة. من هنا فانه اذا ترافق طلب المساعدة مع خطة محكمة فان الآمال بقبولها من الصندوق كبيرة جداً. لكن السؤال الاهم ما هو حجم التمويل وما هي شروطه وكيف يعمل الصندوق؟
الزين يتوقع ان “يكون التمويل بين 8 و10 مليارات دولار أميركي، لمدة ثلاث سنوات في حال اظهر البرنامج الانقاذي استدامة الدين من خلال الاصلاحات”.
التجربة مع الصندوق ستختلف عن كل التجارب السابقة لاستدانة لبنان، وتحديداً من مؤتمرات باريس 1 و2 حيث كانت تأتي الاموال وتتعلق الاصلاحات، أما مع صندوق النقد فان شروط التمويل المغايرة ومراقبة الاصلاحات تضفي جدية أكبر وتعطي النتائج المرجوة.
بشكل عام فان الدفعات من “الصندوق” بعد الموافقة في الدخول بـ”برنامج” مع الدولة اللبنانية تقسّم على ثلاث سنوات بمعدل دفعة واحدة كل 3 أشهر.
الدفعة الأولى تكون مرتبطة بـ”اصلاحات مسبقة ومشروطة” Prior Actions. وفي حالة لبنان فمن المتوقع ان تكون الكهرباء وتعيين الهيئات الناظمة ومجالس الادارة في المؤسسات، هي الأولوية من أجل الحصول على الدفعة الاولى، ومن بعدها يجري سداد الدفعات على ضوء الاصلاحات المالية والنقدية والقطاعية المشروطة بمهل زمنية، أما في حال تخلف لبنان عن الاصلاحات فيتأجل التمويل.
“هذا الضغط من “الصندوق” الدولي الذي سيوضع على السياسيين، يترافق مع ضغوط داخلية تولدها الازمة المعيشية ووجود الثورة الشعبية الدافعة باتجاه تحقيق الاصلاحات، ووقف الهدر والفساد. عوامل ستصب في النهاية في مصلحة لبنان وإعادة بنائه، وعودته إلى مساره الطبيعي بشكل سريع”، يضيف الزين.
في الامس القريب فشلت الحكومة في تعيين نواب حاكم مصرف لبنان الاربعة، واعضاء لجنة الرقابة على المصارف ومفوض الحكومة لدى مصرف لبنان. والمماطلة بتعيين الهئيات الناظمة ما زالت مستمرة. والتعيينات القضائية لغّمت من الداخل. وعربة الاصلاح المالي يجرها حصانا السلطة التنفيذية ومصرف لبنان باتجاهين معاكسين. مؤشرات خطيرة يهدد استمرارها بتفويت فرصة الانقاذ الوحيدة. فهل يعي المعنيون حجم المسؤولية ويتخطون المصالح الشخصية لبناء الدولة؟ أم ان حسابات أخرى أبعد ما تكون عن الوطنية هي التي ستبقى تلوح في الافق؟ الجواب برسم القادم من الأيام.