وممّا لا شكّ فيه أن “قانون قيصر” يقدّم مشهداً جديداً من العقوبات على سوريا، في استهدافه كل من يتعامل مع المصرف المركزي السوري، بما يعني كل أشكال التعاون، من جلب البضائع نحو الداخل السوري إلى إصلاح محطة كهرباء أو مصفاة نفط، إلى بيع سوريا مستلزمات أو معدات طبيّة من أي مصدر في العالم، لم يكن يطاولها الحصار حتى وقت قريب. وهذه العقوبات تستهدف كل من يفكّر بعودة العلاقات مع سوريا، لفرملة الاندفاعة العربية نحو دمشق، ومنع دول أوروبية مثل اليونان وإيطاليا تعمل على فتح سفاراتها في الشام من المضيّ قدماً في استعادة العلاقة الطبيعية مع سوريا.
وكذلك فإن الأزمة في لبنان، وعلى مراحل، حرمت سوريا ولبنان من كميّات من الدولارات كانت تمرّ عبر المصارف اللبنانية. إذ إن المعدّل اليومي لحركة دخول وخروج الدولار من لبنان إلى سوريا وبالعكس تراوحت خلال سنوات الحرب، بين مليونين إلى ثمانية ملايين دولار في اليوم، إمّا من ودائع سورية في البنوك اللبنانية أو من أموال تحويلات عمّال سوريين في لبنان إلى سوريا، أو من عمليات شراء من الخارج كانت تتمّ عبر لبنان ويدفع السوريون ثمنها في بيروت. مع بدء شحّ الدولار في السوق اللبنانية والانهيار الحاصل في السنة الأخيرة ومنع سحب المودعين أموالهم، لم يعد يتجاوز حجم التبادل بالدولار بين البلدين، عتبة الـ 100 ألف دولار يومياً. ويتوقّع المصدر السوري أن “تعود الليرة إلى الصعود أمام الدولار بنسب معيّنة، حال بدء سريان قانون قيصر، وانجلاء صورة تأثيراته”، مؤكّداً أن “المصرف المركزي السوري لن يتدخّل وسيحافظ على ما يملكه من عملات صعبة لتأمين الحاجيات الأساسية للمواطنين، والهدف الوحيد الآن هو ضبط أسعار السلع الأساسية وإعادتها إلى مستوى القدرة الشرائية للمواطنين”.
انهيار الليرتان اللبنانية والسورية.. مصادر تروي ما حصل بين بيروت ودمشق
كتبت صحيفة “الأخبار”: “أكثر من مصدر في دمشق وبيروت وصف أزمات الدولار بـ”المفتعلة والإعلامية”. ويقول مصدر اقتصادي سوري إنه “لا يوجد أي مبرّر لارتفاع أسعار الدولار سوى الأجواء الإعلامية التهويلية التي تسبق قانون قيصر، وخصوصاً أن الحركة الاقتصادية مجمّدة بفعل كورونا وانتظار ظهور تبعات تنفيذ القانون، فضلاً عن أن الدولار لا يتم التداول به في السوق السورية بين المواطنين”. لكن يقول المصدر إن “الجماعات الإرهابية المسلّحة في منطقة سرمدا في إدلب، قامت خلال الأيام الماضية بعملية سحب للدولار من التجار، وضخت بالتوازي أموالاً نقدية من العملة التركية في الشمال، تمهيداً لإخراج الليرة السورية من منطقة إدلب”. أمّا في الشرق السوري، فجاء الإعلان الكردي عن منع بيع القمح إلّا لمكاتب “الإدارة الذاتية”، والدفع بالدولار بدل الليرة السورية ثمن المحاصيل بأرقام تفوق ما تدفعه الدولة السورية، لتساهم في رفع مستوى الحصار. وكذلك فإن تصريحات جيفري ترافقت مع قيام الوحدات الكردية بشراء الدولار من السوق، حتى وصل سعره إلى 3700 ليرة سورية في مدينة منبج. لكن ذلك بحسب المصدر السوري “لم يؤثّر بشكل مباشر في السوق كما أثّر الضخّ الإعلامي، وقيام بعض تجار الأزمات بالمضاربة، التي تمّ ضبطها سريعاً من خلال توقيفات واعتقالات لمضاربين ومصادرة أموال كانت بحوزتهم”.