تحت عنوان: “ربع مليون عاملة أجنبية يواجهن “العمل بالإكراه”… أو الشارع”، كتبت إيلدة غصين في صحيفة “الأخبار”: ترتفع أعداد العاملات الإثيوبيات المعتصمات أمام قنصليّة بلادهنّ في الحازميّة، في انتظار تأمين عودتهنّ إلى بلادهنّ، واحتجاجاً على قرار أديس أبابا تحميلهن كلفة الإقامة في فنادق الحجر لمدة 14 يوماً. الارتفاع ليس مردّه إلى زيادة عدد المتضامنات مع المعتصمات، وإنما يعود – ببساطة – إلى إقدام عدد من “الكفلاء” على ترك مزيد من العاملات لمواجهة مصيرهن أمام مبنى القنصلية، بعدما زاد ارتفاع سعر صرف الدولار أخيراً العبء عليهن، وعلى أصحاب العمل الذين باتوا غير قادرين على تأمين رواتبهن بالدولار.
أزمة جديدة مماثلة تتعلق بالعاملات الغانيات كادت أيضاً أن تطل برأسها، قبل أن تتراجع سفارة غانا في مصر (التي تتبع لها قنصليّة غانا الفخريّة في لبنان) عن قرار تحميل رعاياها من العاملات في لبنان كلفة العودة والإقامة في الحجر بما يصل الى نحو 1720 دولاراً. لكن رغم هذا التراجع، يبقى الارتفاع المتزايد في سعر الدولار عائقاً أمام تأمين بعضهن سعر تذكرة السفر البالغ 400 دولار، ما أدى الى افتراش عدد منهنّ الأرض، أمس، أمام مكتب قنصلية بلادهن في بدارو.
تحميل الرعايا كلفة الحجر يأتي في سياق تفرضه غالبية الدول على مواطنيها الذين يرغبون في العودة إلى بلدانهم هرباً من وباء “كورونا”، غير أن الأمر في حالة العاملات في بلد كلبنان دقيق للغاية، إذ أنهن يخضعن لنظام الكفالة، فيما تناهز كلفة العودة راتب شهور عدة لمعظمهن.
وفيما تُركت المعتصمات أمام القنصليّة العامة الإثيوبيّة لمصيرهنّ في الشارع، لم تصل المفاوضات بين وزارة العمل والسفارة إلى نتائج ملموسة، علماً بأن الوزارة أبدت استعدادها لتحمل تكاليف ليلة حجر واحدة في الفنادق. في غضون ذلك، عملت منظمات غير حكوميّة عدة على إيواء عدد منهنّ، وتطوّع ناشطون لجمع مبالغ مالية للمساعدة، لكن مع تفاقم الأزمة، لن تكون مثل هذه المبادرات كافية لمواجهة أزمة نحو ربع مليون عاملة في لبنان. وتلفت محامية قسم الإتجار بالبشر في منظّمة “كفى” موهانا اسحق إلى أن “مراكز الإيواء لن تستطيع استيعاب أعداد كبيرة. وإذا واجه 5 في المئة فقط من نحو 250 ألف عاملة مشاكل إقامة أو سكن، سنكون أمام كارثة إنسانية”.
ونبّهت اسحق من تبعات الوضع الذي تجد العاملات أنفسهن فيه حالياً، إذ أن “الأزمة تُجبر قسماً كبيراً منهنّ على الاختيار بين البقاء في منازل الكفلاء وتجديد عقود العمل قسراً، أو أن يُتركن في الشارع، وخصوصاً في ظل إقفال المطار وتنظيم السفارات حصراً رحلات عودة مع تحكّمها بسعر التذاكر وكلفة الحجر في الفنادق”. أما بقاؤهن لعدم قدرتهن على تحمل هذه التكاليف فإنه سيجعلهن “عالقات في منازل الكفلاء من دون رقابة لشروط عملهنّ وضمان تقاضيهنّ الرواتب، علماً أن هناك عقود عمل انتهت مدتها خلال أزمة كورونا واستمرّت العاملات رغم ذلك في تأدية عملهنّ لعدم توافر البديل”. هذا “الإكراه المعنويّ”، كما تصفه اسحق، “يأتي في ظرف غير عاديّ، غير أن المفارقة أنه في الظروف العادية تصعُب رقابة وزارة العمل والأمن العام لظروف عمل العاملات، وهذا يشير إلى أن تفاقم الأزمة سينعكس ضغوطاً نفسيّة واقتصاديّة وازدياداً في ساعات عملهنّ”. هذه “العلقة” في لبنان، يُخشى من “تسبّبها بتوتر العلاقة بين الطرفين، أي العاملة وأصحاب العمل، وقد ينتج منه سوء معاملة أو ازدياد حالات الانتحار والعنف والتشرّد والاضطراب النفسي”، وفق اسحق. هذا يُضاف إلى أزمة العاملات خارج بيوت “الكفلاء”، ممن تقع عليهنّ كلفة السكن وتأمين الحاجات اليومية بالتزامن مع تراجع العمل بسبب كورونا، “ما يعني وضعاً إنسانياً مزرياً، وعدم قدرة على تأمين سعر تذاكر السفر أو الحجر، في حين أن الإجراءات مطلوبة من لبنان والدولة الأمّ لتخفيض كلفة الترحيل”.