مع التقلّب المستمر في سعر صرف الدولار، يعمد بعض التجار الى إعداد جدول يومي بالاسعار والبعض الآخر الى جدول أسبوعي، فالتسعيرة التي كانت معتمدة بالأمس ما عادت تنطبق اليوم، هذا لسان حال التجار الذين يحتارون كيف يحتسبون سعر البضائع، فاختار بعضهم الاقفال والبعض الآخر البيع بهامش ربح قليل والبعض الآخر يدرج لائحة يومية بالتسعير متماشية مع تسعيرة السوق السوداء. في هذا الوقت لا يزال المواطن اللبناني مندهشاً او غير مستوعب لما يحصل، فهو امّا يعمل بنصف راتب وامّا عاطل عن العمل، وفي جميع الاحوال خسر كثيراً من قدرته الشرائية بحيث بات غير قادر على التسابق مع الاسعار.
هذه الفوضى او الانهيار الاقتصادي الذي نعيشه هي الكارثة بالنسبة الى القطاع التجاري، بحيث شهدت بعض المناطق إقفالاً للاسواق التجارية بسبب عدم قدرة التجار على مجاراة هذا الواقع.
في السياق، يصف رئيس تجار الاشرفية انطوان عيد لـ”الجمهورية” الحركة التجارية بالكارثية لأنّ الاقبال على التسوّق ضعيف، امّا بالنسبة الى التسعير فهو يختلف بين تاجر وآخر وهو يحاول مجاراة سعر الدولار بالسوق، خصوصاً انّ التعاميم التي تصدر تحاول ان تقتل القطاع ولا تصبّ لصالح التجار. بما انّ التجار غير قادرين على الحصول على الدولارات للاستيراد فإنهم حكماً سيتجهون نحو السوق السوداء لشراء الدولار الذي بيع بالأمس على 7000 ليرة. فالتجار في حيرة من أمرهم ما بين شراء الدولار من السوق السوداء وهم غير أكيدين من انهم سيتمكنون من البيع وفق التسعيرة الجديدة، أو اتخاذ القرار بإقفال محالهم. نحن امام معادلة صعبة لا يمكن حلها. وكشف عيد أنّ ما لا يقل عن 25% من المؤسسات التجارية في هذه المنطقة أقفلت محالها او هي في حالة تصفية، و25% من المتوقع ان تقفل محالها في تشرين، بما يعني انّ نصف السوق سيقفل في المرحلة المقبلة.
كارثة كبرى
المشهد في جونيه لا يختلف، ويصفه رئيس جمعية تجار جونيه روجيه كيروز بالكارثة الكبرى. وقال لـ”الجمهورية”: تظهر زيارة شارعَي الكسليك وجونيه، أي من المنطقة الممتدة من الكازينو وصولاً الى ATCL، انّ المنطقة مهجورة. فالتجار غير قادرين على الاستمرار تماشياً مع الاسعار الحالية المتقلبة للدولار، لافتاً الى انّ ارتفاع الدولار الى 3000 ليرة كان أقصى ما يمكن للتجار تَحمّله، امّا وصوله الى حد 7000 ليرة فيصعب على التجار تحمّله وتحميله للمواطنين. لذا، فإنّ ما بين 70 الى 90 في المئة من التجار يتّجهون نحو الاقفال، لأنّ حركة الاعمال تراجعت بشكل مخيف بحيث وصلت الى ما بين 80 الى 90 في المئة، وهذا أمر محزن.
تابع: ما يحصل اليوم في لبنان خطير جداً، وهو اكبر من قدرة الفرد والمؤسسة والشركة على تحمّله. حتى انّ ما يحصل اليوم هو مختلف لا بل أصعب مما مررنا به في ايام الحرب. عندما يعجز المصرف عن تحويل الاموال الى الخارج كيف يمكن للتجار استيراد البضاعة؟ نحن لسنا بلداً صناعياً وليس لدينا أي إنتاج ولا مواد اولية ولا كهرباء. ولفت كيروز الى انه الى جانب تراجع القدرة الشرائية، خسر لبنان تَمايزه بتوفير البضاعة الجيدة.
وعن تعويلهم على الموسم السياحي، قال كيروز: لا يوجد موسم سياحي هذا العام، هناك توجّه جماعي الى تقليص عدد الفروع وتمرير فصل الصيف، لكننا لن نستورد لموسم الشتاء، مع علمنا اننا سنكون امام 5 الى 6 اشهر صعبة نأمل اجتيازها بخير.