البيع ممنوع
عن ذلك يقول نائب حاكم مصرف لبنان السابق محمد البعاصيري لـ”نداء الوطن” أن “الذهب لا يمكن المسّ به اليوم إنما يجدر البحث في كيفية الإفادة منه في مرحلة لاحقة، بعد اجتراح الحلول لأزمتنا والخروج منها”. معتبراً أنه “كل ما تبقّى للبنان في عين الثقة”. فالقانون رقم 42 الصادر عام 1986 يمنع بيع الموجودات الذهبية لدى مصرف لبنان إلّا من خلال نصّ تشريعي يصدر عن مجلس النواب، الأمر الذي أدى الى محافظة لبنان خلال العقود الماضية على كميات هامة من احتياطي الذهب تقدّر بنحو 286.6 طناً أو 10.116.572 أونصة بقيمة تتراوح بين 17 و 18 مليار دولار (وفقاً لسعر أونصة الذهب في السوق)، وهي موجودة في لبنان والبنك الإحتياطي الأميركي في نيويورك.
من هنا يشدّد البعاصيري على أن “احتياطي ذهب مصرف لبنان يعوّل عليه اليوم بعد حلّ أزمتنا تماماً كما مسألة تحرير العملة الوطنية التي لا يمكن إطلاق العنان لها اليوم”، لافتاً الى أنه “عندها استخدامه يجب أن يكون في نطاق ضيّق”.
وحول ذلك، في ظل اقتراح البعض بيعه بهدف سداد الدين العام أو استخدامه لضمانة إصدار سندات دين، يوضح أنه “ضدّ بيع الذهب ولا يحبّذ استعماله كضمانة لإصدار سندات، بل يمكن الإفادة منه مع الإحتفاظ بملكيته، من خلال ما يسمى الـlease أي الإيجار”.
ويرى أن هذا الأمر يحصل “عبر تأجيره لأحد المصارف المركزية العالمية مع احتفاظ الدولة اللبنانية بملكيته”. فعلى سبيل المثال يؤجّر الذهب الى المصرف المركزي البريطاني بهدف تكبير الأخير ميزانيته، وهكذا. تماماً كما الأرض التي يملكها مواطن ولا يستفيد منها زراعياً، فيسلّمها لأحد ليضمنها مع الإحتفاظ بملكيتها مقابل حصوله على قسم من المحصول عند موعد الحصاد”.
وتبرز عوامل أخرى وراء تألق الذهب وهي، العرض والطلب على هذا المعدن، حيث تعدّ زيادة صعوبة تعدين الذهب مع مرور الوقت من أحد أسباب ارتفاع الأسعار على المدى الطويل.
وسيؤثر كل ما سبق ذكره على المستثمرين الراغبين في شراء أو بيع العقود الآجلة للذهب أو صناديق المؤشرات المتداولة التي تتداول مؤشرات السلع التي تشمل المعادن الثمينة، كما يمثل مستوى عدم اليقين بشأن مستقبل الاقتصاد جراء التهديد باندلاع الحروب في المنطقة أمراً مهماً أيضاً، حيث يعتبر الذهب ملاذاً آمناً في الأوقات العصيبة.
يبقى ذهب لبنان اليوم نوعاً من المظلة التي كانت توحي للمواطن بالأمان وراحة البال، رغم اشتداد العواصف، خصوصاً وأن أسعار اليوم في أفضل أحوالها، مع الضيقة المالية التي تطاول دولاً عدّة جرّاء جائحة كورونا.