في الامس أقفل المواطنون مداخل مراكز اوجيرو في مختلف المناطق اللبنانية إحتجاجاً على سوء الخدمة بالمقارنة مع ما يدفعونه من فواتير. فـ”احتلال لبنان المراتب الأخيرة من حيث سرعة الانترنت يترافق مع أرباح عالية في القطاع وجودة سيئة”، من وجهة نظرهم. وهو ما يقودهم إلى المطالبة “بتطهير المؤسسة من الفساد. ووضع حد للتوظيف العشوائي والاجور الخيالية التي تدفع للمدراء والمحظيين”.
عمر الأزمة عقد
المشكلة ليست “بنت ساعتها”، بل تعود إلى سنة 2010. في ذلك العام تقدم مدير عام شركة ألفا السابق سامر سلامة بخطة تطوير القطاع إلى وزير الاتصالات شربل نحاس. الخطة كانت تقضي بمد شبكة من الألياف البصرية fiber optic على مساحة لبنان بكلفة تقل عن 100 مليون دولار وبفترة لا تتجاوز السنة والنصف. “إلا ان الفكرة رفضت من نحاس آنذاك. ومن وقتها لم تجرِ أي عملية تطوير للقطاع”، يقول سلامة.
منذ عشر سنوات ولغاية اليوم لم يتم مدّ إلا بضع كيلومترات من شبكة “الفايبر اوبتك”. والعملية كانت تقتصر على الدعاية الاعلامية من دون ان يستفيد أحد من هذه الشبكات. في حين يشير سلامة إلى أن مشروع تطوير البنى التحتية لقطاع الاتصالات في دولة كولومبيا، الذي ساهم بتنفيذه بعد العام 2010، أدى إلى مد شبكة من الفايبر أوبتك بطول 40 ألف كيلومتر وتأمين الخدمات لأكثر من 200 الف مشترك، وتوفير خدمة التشغيل الثلاثي triple play، وهي الخدمة التي تؤمن عبر اتصال واحد عريض النطاق، خدمتين كثيفة النطاق الترددي، والوصول إلى الإنترنت. كل ذلك جرى خلال عامين ونصف العام وبكلفة 300 مليون دولار اميركي. أي ان كلفة الكيلومتر الواحد لم تتجاوز الـ 10 آلاف دولار.
بالعودة إلى لبنان فانه في السنوات العشر المنصرمة لم يتجاوز طول شبكة الفايبر اوبتك الممدودة الـ 4 آلاف كيلومتر وبكلفة أعلى بـ 5 إلى 10 مرات للكيلومتر الواحد عن مثيله في كولومبيا. وذلك بالرغم من اختلاف الطبيعة بين لبنان وكولومبيا وتميز الاخيرة بصعوبة تضاريسها وقساوة مناخها وغياب شبكات الكهرباء والطرقات.
الهدر على حساب التطوير
هذه المقاربة إن دلّت على شيء فهي تدل على “حجم الهدر والفساد الكبيرين”، يقول سلامة. فـ”بالوقت الذي تدخل فيه الخزينة المليارات سنوياً من عوائد مؤسسات الاتصالات “ألفا” و”أوجيرو” و”تاتش”، يذهب أقل من 3 في المئة إلى الاستثمار والتطوير، فيما الباقي يحوّل إلى جيوب “أصحاب الدولة” أي المنتفعين من السياسيين”.